رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المتابع للشأن الاقتصادى يمكنه أن يدرك بسهولة وجود متغيرات وتطورات عديدة لم يشهدها المصريون من قبل، وبعيداً عن تفاؤل المتفائلين وتشاؤم المتشائمين، فإن النظرة المحايدة تقول إنه من الصعب علينا بمن فى ذلك خبراء الاقتصاد التنبؤ بمسار هذه التطورات، فهى إما أن تنتهى بنا إلى رخاء غير معهود أو إلى أن «نلبس فى الحائط». خذ مثلاً تعويم الجنيه أمام الدولار والذى هبط بقيمته إلى النصف، وكذلك رفع سعر الفائدة لمستوى قد يتجاوز ما يمكن أن يحققه أى مشروع اقتصادى طبيعى، كلها إجراءات غير عادية، وتعبر عن جرأة ترتقى لحد التهور، فهى قد تكون علاجاً شافياً لأزمة الاقتصاد أو تفاقم من علته.

 بعيداً عن هذا وذاك فإن مما يستلفت الانتباه كذلك ما يمكن وصفه بـ«تجفيف منابع السيولة» وهو نهج يعبر عن سياسة جديدة قد تكون غير مقصودة أو عفوية، غير أنها لا ينطبق عليها سوى هذا الوصف. فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية تعرض المصريون لأكبر عملية سحب للسيولة من جيوبهم على خلفية مشروعات وسياسات عديدة، كلها تصب فى هدف واحد معلن هو تحقيق طفرة فى أداء الاقتصاد المصرى. رغم تعدد المرات التى تم خلالها ممارسة هذه السياسة، فإنه يمكن رصد ثلاث حالات بارزة تم من خلالها جمع أكبر مبلغ ممكن من السيولة النقدية لدى المواطنين.

كانت المناسبة الأولى هى إنشاء ما اصطلح على تسميته «توسعة قناة السويس»، التى جاءت على خلفية طرح مشروع قومى يلتف المصريون حوله، شهدنا خلاله توافدهم أفواجاً إلى البنوك لإيداع أموالهم، حتى وصلت خلال عشرة أيام لنحو 64 مليار جنيه، ما يتجاوز المستهدف بنحو 4 مليارات جنيه تقريباً. بعيداً عن الجدوى الاقتصادية للمشروع التى تبدو ضبابية حتى الآن فقد كانت الإيداعات قناة تسربت من خلالها السيولة المالية بما لا شك كان له تأثيره على مجمل أداء الاقتصاد المصرى، الأمر الذى يتطلب تحديده بدقة رؤية خبراء اقتصاد وليسوا أناساً من أمثالى وأمثالك مما قد لا يفقهون «الألف من كوز الذرة» فى هذا الشأن.

كان المجال الثانى لظاهرة تجفيف السيولة هو قطاع العقارات، والذى دخلت معه الدولة كتاجر فى هذا المجال من خلال طرح أكبر كمية أراضٍ فى قرعات مختلفة سواء للمصريين فى الداخل أو العاملين فى الخارج، وكذلك وحدات سكنية مختلفة المستويات من فاخر إلى شعبى. ورغم عدم وجود رقم محدد بشأن ما تم ضخه فى هذا الجانب، فإنَّ إجماليه لا يمكن أن يقل بحال من الأحوال عن ذلك الذى أودعه المصريون فى الاستكتاب بشأن توسعة القناة.

أما المجال الثالث لما نشير إليه بشأن سحب السيولة من المواطن فهو العائد المرتفع على الفائدة لشهادات جديدة تم إصدارها إثر تعويم الجنيه، وهو 20%، حيث تسابق المصريون على شراء هذه الشهادات، وتحولت البنوك إلى خلايا نحل من أجل تلقى الإيداعات. وقد تجاوز ما تم ضخه فى هذا البند وحده ما جرى إيداعه فى البندين السابقين حيث تجاوز حتى أسبوع مضى أكثر من 140 مليار جنيه. ورغم العوائد الشهرية وربع السنوية على هذه الإيداعات والتى ستعود بالفائدة على المواطن، فإنها لا تنفى الفكرة الأساسية بشأن سحب السيولة من السوق.

إذا أضفنا إلى ما سبق ما يمكن وصفه بتجفيف السيولة الدولارية، كنتيجة تابعة لتحرير سعر الصرف، والتى وصلت حتى يومين لنحو 3 مليارات دولار – وإن كان هذا الجانب يقابله ضخ ما يوازيه بالعملة المصرية – لأدركنا أننا أمام سياسة اقتصادية غير عادية، وهو توصيف محايد لا يحمل معنى سلبياً أو إيجابياً، لا يعلم نتيجتها إلا الله.. الأمر الذى لا نملك معه سوى الدعاء لصاحبها بالتوفيق لأنها فى النهاية ستعود علينا إن خيراً فخير وإن شراً فشر .. والله هو الستار الكريم!

[email protected]