رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حينما أجول بخاطرى، أتذكر كيف لبلد صغير مثل إمارة دبى، وهى إحدى الإمارات العربية الشقيقة، أن تصبح من أغنى دول العالم وأكثرها تقدماً ونضوجاً، فى الوقت الذى ينعدم لديها تماماً الموارد السيادية لأى دولة، فلا بترول، ولا معادن، ولا زراعة، ولا حتى مياه للشرب. كيف لدولة كهذه أن تصبح من أغنى الدول فى منطقة الشرق الأوسط؟

لقد سبق لى زيارة إمارة دبى، وشاهدت بنفسى التقدم الكبير الذى أحرزه هذا البلد الصغير، فحركة الحياة فيه لا تتوقف ليلاً أو نهاراً. لقد شاهدت هناك مشروعات لها العجب، خاصة المشروعات السياحية، بلد الطقس فيه سيئ للغاية، ورغم ذلك حجم السياحة لديه كبير جداً، نظراً إلى خلق مناطق سياحية لا وجود لها فى الدول الأخرى. لقد شاهدت بنفسى السياح الأجانب يأتون إليها من اليابانيين والصينيين ومن كل دول شرق آسيا، ليستمتعوا بالمناظر الخلابة والمبانى الفارهة، فقد أصبحت إمارة دبى وبحق تحفة معمارية تجذب لها السياح من كل حدب وصوب.

إمارة دبى تعتمد فى الأساس على الإنتاج، ثم إعادة التصدير، فهى بلد تجارى بالدرجة الأولى وصناعى وسياحى أيضاً. هذا التقدم والرقى الذى وصل إليه هذا البلد الصغير ناتج عن عقول شابة متفتحة تدير البلد بلا قيود ولا عقد ولا روتين، فهى، فى الواقع، تعتبر كلها منطقة حرة تجارية وصناعية يأتى إليها المستثمرون من كل مكان، فتشجعهم وتعطى لهم الأراضى بلا مقابل، بل إن كل من ينشئ مشروعاً أو يعمل فيه سرعان ما يحصل على الإقامة الدائمة، فالحياة هناك سهلة وميسرة على الجميع، لا عقبات ولا مضايقات، كل شىء ميسر، حتى الطقس تغلبوا عليه، فلا يوجد مكتب أو مسكن أو متجر إلا وتجده مكيفاً ومعداً لمقاومة الطقس السيئ هناك.

النجاح الكبير الذى وصلت إليه إمارة دبى جعلنى أسأل نفسى، ماذا لو... كان لدينا هيئة جديدة للاستثمار من الشباب الواعد المتفتح، وأن نضم إليه بعض الخبرات من أشقائنا بإمارة دبى، وبشرط يكون لهذه الهيئة كافة الصلاحيات، ولا تتقيد بأى قانون، فالمعوقات فى مصر كفيلة بطرد أى مستثمر يأتى إلينا. أليست من الممكن لهيئة كهذه بطاقة شبابها الواعد وخبرة أشقائنا العرب فى إمارة دبى، أن نحقق لمصر وشعبها ما عجزت عن تحقيقه الأجيال السابقة طوال الستين عاماً الماضية؟

ما يدفعنى لمثل هذا التفكير، الذى ربما يراه البعض غريباً، هو حبى الشديد لبلدى وشعبى. لقد أطال الله فى عمرى، وشاهدت مصر حين كانت بحق أم الدنيا، وكانت الإسكندرية هى عروس البحر الأبيض، لقد كان المصريون فى الماضى أكفاء مجتهدين محبين لبلدهم ووطنهم. ولكن، مع الأسف الشديد، تحول هذا الانتماء خلال الستين عاماً الماضية للحكام، فاكتفى الشعب بالتهليل والتصفيق دون النظر للعمل والاجتهاد.

مصر الآن أصبحت على المحك، ويجب علينا أن نعيد النظر فى الطرق السابقة فى إدارة شئون الدولة. العقلية التى أدارت البلاد خلال الستين عاماً الماضية لن تستطيع أن تسطر شيئاً للمستقبل، وبالتالى، لابد لنا من إيجاد أسلوب مختلف للنهوض بمصرنا الحبيبة من كبوتها، ولتكن التجربة الرائدة فى إمارة دبى الشقيقة مثلاً نحتذى به لرسم مستقبل أفضل للبلاد.. وتحيا مصر.