عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى بيان لها حول قرض صندوق النقد، قالت وزارة المالية إن الصندوق ليست له أى شروط.. أكررها ليست له أى شروط.. وأن البرنامج الإصلاحى الذى سننفذه، هو برنامج مصرى مائة بالمائة.

وأريد أن أتوقف عند الشق الأول من هذا الكلام، لأنه فى الحقيقة يستخف بعقول  مستقبلية الى حد بعيد، ويفترض  فيها أنها عقول لا تميز، ولا هى قادرة على أن ترى حقائق الأمور حولها.

ذلك أنه لا يستطيع أى عاقل فى مصر، ولا فى أى بلد فى العالم، أن يصدق أن صندوق النقد الدولى، قد تحول الى جمعية خيرية، وأنه حسب بيان الوزارة، يمنح فلوسه للراغبين فيها من الحكومات، دون أى شروط!

إن بيان الوزارة، فى هذه النقطة تحديداً، يبدى الصندوق، وكأنه يعانى من تراكم الأموال  فى خزائنه، ثم هو يبديه، كصندوق، وكأنه لما سمع بأن مصر فى حاجة الى دولارات، وإلى قرض، هرول إليها، ورجاها أن تقبل؟! مليار دولار، من خزائنه، دون شروط ولا يحزنون!

إن قروض الصندوق، إذا كانت منحة بلا أى شروط هكذا، فلابد أن نسأل أنفسنا عن السبب الذى دعا ماليزيا مثلاً فى بدء أيام مهاتير محمد، إلى رفضها وإلى الاعتماد على نفسها؟!.. لماذا قرر مهاتير ألا يأخذها، وأن يبنى بلده بسواعده، وسواعد مواطنيه؟!

طبعاً.. لا ينفى هذا، أن الصندوق لديه برامج إصلاحية، أو بمعنى أدق مبادئ إصلاحية، يدعو دائماً الدول التى تريد قروضه، الى تطبيقها فى حياتها العامة، العامة وعلى اقتصادها.. وهى بالمناسبة مبادئ تؤدى الى اصلاح هيكل الاقتصاد عموماً، وإلى تخليصه من ثغرات تنهش فى جسده طول الوقت.

غير أن الصندوق، وهو يدعو الدول التى تطرق بابه، لا يهمه فى قليل، ولا فى كثير أن يؤدى تطبيق مبادئه الى أعراض  جانبية اجتماعية أو سياسية.. لا يعنيه هذا، ولا يهمه بأى قدر، لأن أعراضاً  من هذا النوع تعنى الدولة الراغبة فى الاصلاح، ولا تعنى غيرها وهى نفسها التى عليها أن تواجهها، وأن تحتسب لها.

وبالتالى، فهذا المعنى الوارد فى بيان الوزارة، قد يكون صحيحاً فى جانب منه، وبشكل عام، ولكنه فى النهاية مخادع، ولا يصارح المواطنين بما يجب أن تصارحهم  الدولة به، فى كل الأوقات.

هو مخادع، لأن الصندوق فعلاً لا يضع شروطاً، ولكنه يقول، بأشد العبارات وضوحاً، إن قروضه  تقتضى فى الاقتصادات التى تريدها، مواصفات معينة، وأن هذه المواصفات، هى كيت.. وكيت.. وأن دولاراً واحداً لا يخرج من عنده، لأى بلد، إلا إذا كان اقتصاد هذا البلد، قد استوفى المواصفات المطلوبة.

ما هى هذه المواصفات بالضبط؟!.. هذا هو السؤال.. وما هى الاصلاحات التى على حكومتنا أن تجريها على اقتصادها لتحصل على قرض الصندوق؟!.. هذا أيضاً هو السؤال.. وهذا كذلك ما لا تريد الحكومة أن تصارح مواطنيها بطبيعته، ولا بأبعاده!