رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

جاءت القمة العربية الأخيرة التى استضافتها موريتانيا الاثنين الماضى كاشفة لواقع عربى مأساوى تهيمن عليه الانشقاقات والإحباطات لتكون المحصلة عجزه عن مجابهة التحديات والأخطار وعدم امتلاكه بالتالى آليات حل للأزمات التى تعانيها دولة. إنها قمة الساعات السبع التى أنهت اجتماعاتها ببيان باهت كشف عورة الواقع العربى. لم يكن العيب فى الجامعة، وإنما فى النظام العربى المتهالك الغارق فى الفراغ. وهو ما سبق لدولة المغرب أن تنبهت له عندما اعتذرت عن عدم استضافة القمة وبررت ذلك بغياب القرارات المهمة والمبادرات الملموسة التى يمكن عرضها على قادة الدول العربية. ومن ثم ستكون القمة عندئذ مناسبة للمصادقة على توصيات عادية وإلقاء خطب تعطى انطباعاً خاطئاً بالوحدة والتضامن بين الدول العربية. كانت المملكة المغربية صادقة فى رؤيتها عندما جاء بيانها كاشفاً للواقع العربى البائس عندما قالت: (تتطلع المملكة إلى عقد قمة الصحوة العربية من أجل تجديد العمل العربى المشترك والتضامنى باعتباره السبيل الوحيد لإعادة الأمل للشعوب العربية).

الشكر موصول بالطبع لموريتانيا التى تطوعت مشكورة باستضافة القمة، التى وللأسف، لم تخرج عن كونها قمة مناسباتية، فلم تكن قمة عربية للصحوة واستعادة الأمل. غير أن العيب مرة أخرى ليس على الجامعة وإنما على الأمة العربية التى بدت مترنحة ضعيفة غير قادرة على أن ترفع من شأن نفسها وتقوم بدور إيجابى فى بناء مستقبل شعوبها. غاب عن الأنظمة العربية الحقيقة القائلة بأن مسئولية النهوض العربى هى مسئولية جماعية، وأن توحيد الارادة وتوحيد القوة العربية هما سبيل الأمة لتجديد الأمل فى الصحوة وبناء مستقبل باهر حتى لا تتقاذفها إرادات الغرب المريض الذى يعمل جاهداً لعرقلة المسيرة وإفراغ الوطن من عروبته.

لن تصلح القمة إلا إذا كان المشاركون فيها على قلب رجل واحد، وإلا هل يمكن لقمة تضم دولاً تعانى من الاستقطابات والانقسامات فيما بينها أن تكون قادرة على بلورة رؤية موحدة تجاه أزمات المنطقة؟ لذا كان يتعين على القمة فيما إذا أصابت أن يكون أول مسعى لها هو تحقيق المصالحة العربية، حيث إن استمرار الانقسام يصيب الأمة فى مقتل ويضعفها بحيث لا تستطيع بلورة رؤية موحدة تجاه ما يواجهها من أزمات وتحديات ليصبح المستفيد الوحيد هم الأعداء المتربصين بالمنطقة.

ولا شك أن واقع الحال العربى اليوم واقع مأساوى خلق الفراغ بدلاً من محاولة ملئه بالعزم والإرادة وإثبات الذات والتضامن والوحدة. تغير سلم الأولويات العربية عندما جرى شيطنة إيران وإظهارها وكأنها هى عدو العرب، وليس الكيان الصهيونى الذى ما زال وسيظل هو العدو الرئيسى للشعب العربى. ومن ثم شرع البعض فى إلقاء التبعة على الآخر وتوجيه الاتهام لإيران بأنها تتدخل عنوة فى شئون الدول العربية بصورة تشكل خطراً على الأمن القومى العربى. نسى العالم العربى أن عليه إصلاح حاله أولاً قبل أن يلقى التهم جزافاً على الآخرين، ويمضى يعلق سبب هوانه وضعفه على الغير، فالأمة العربية هى التى أساءت إلى نفسها عندما دخلت بؤرة الشقاق والتشرذم وإثارة الإحن ودخلت دائرة الفوضى الهدامة. ولهذا بات يتعين اليوم على الأمة إنقاذ نفسها من وضع كارثى يحدق بها، وأن تسارع بتبنى آليات واستراتيجيات جديدة تعتمد عليها فى بناء كيان صلد يكون قادراً على مواجهة التحديات وحل قضايا دولة، ولتتمكن من اتخاذ قرارات جريئة وحلول لسيناريوهات إنقاذاً للوضع العربى المنهار. وعندئذ ستكون قادرة على حل أزمات سوريا والعراق وليبيا واليمن دون أن تكون موجهة بنوازع التحريض ضد الأشقاء فى محاولة لإسقاط أنظمتهم، فحل الأزمات لا يكون عبر دهاليز التآمر وإشعال الحرائق....