رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

دخلت عقوبة الإعدام فى وادٍ سحيق من متاهات الفكر، إبقاء عليها أو إلغاء لها، ولقد فطنت الدول منذ فجر التاريخ إلى أهمية هذه العقوبة ما بين التطبيق واللاتطبيق، وكانت مصر الفرعونية الأولى- دون الشرائع العالمية- التى ألغت هذه العقوبة بنص تشريعى، لأن ذلك أجدى للهيئة الاجتماعية، كما قال فى ذلك المؤرخون، ثم إنها فى نظرنا أضحت: قضية حضارية.

وكانت مسيرة الفكر الإنسانى محاولات مستمرة ابتغاء إلغاء العقوبة العظمى، بل القضاء عليها قضاء مبرماً، وحتى تكتمل لدينا الصورة، تعالوا نصطحب بعضاً من حجج هؤلاء الذين نادوا- وكل له حجته وبرهانه ودليله- بإلغاء عقوبة الإعدام.

تعالوا نعلنها كوجهة نظر عالمية وخاصة.. وكما قلنا- فى بداية هذه المناقشات- إننا عاصرنا هذه العقوبة على ممشاة حياتنا، وكنا أكثر المتحمسين لتنفيذها، بما معناه أننا عايشنا وقع العقوبة على المتهمين، وصدور الأحكام ضدهم، واللقاء بهم فى حجرات الموت، ومناقشتهم ما لهم وما بين الصدور، وكم حضرنا يوم التنفيذ، ورأينا كيف فى لحظات ينتهى أو تنفصل الحياة نهائياً عن الإنسان، ويكون الموت فى ثوبه الأسود الحزين.

من هنا- مع هذه التجربة الكبرى- نعطى أنفسنا الحق فى تقديم حجة الإلغاء فى ثوبها الفكرى والواقعى، وعلى من له رأى آخر أن يقدم التجربة والدليل والبرهان، لأنه:

ولا يشعر بالشوق إلا الذى يكابده

ولا الصبابة إلا من يعانيها

وحتى نعطى هذه الدراسة قطافها الدانية، ما علينا إلا أن نفى بإيضاح المسائل الجوهرية الآتية وهى التى تمثل تماماً كل أبعاد الفكر الذى ناصر العقوبة العظمى:

الحجة الأولى

حجة حضارية

هى حجة تاريخية، أو حضارية، إن حجة إلغاء عقوبة الإعدام وقد فطن إلى إلغائها الحاكم والمشرع المصرى القديم بناء على أنها لا جدوى منها، ولا ضرر من إلغائها على مصالح الهيئة الاجتماعية، كما قال عنها المؤرخ اليونانى ديودور الصقلى تعليقاً على إلغاء «سكابوس» المصرى لها.

وقد نادوا بعقوبة بديلة، هى عقوبة الأشغال الشاقة التى تستفيد الدولة من المحكوم عليه بدلاً من إنهاء حياته.

وكانت الصيحة الأولى فى سمع التاريخ، مصبوغة بعوامل إنسانية، لأن مصر الفرعونية- فى تاريخها الأول- كانت تحاول تنفيذ الإعدام على نحو «يريح فيه المحكوم عليه» دون تعذيبه، وأيضاً هى الشريعة الأولى فى التاريخ التى لم تكن تنفذ عقوبة الإعدام على المرأة الحامل إلا بعد أن تضع وليدها.

ومن هنا كانت البداية..

ومن يومها بدأت تتوالى الحجج والبراهين لصالح الإلغاء.

ونواصل المسيرة الفكرية عن أهم الحجج التى جاءت إثر المؤتمرات العالمية بالنسبة لمناقشة هذه العقوبة وفى ضوء ما استقرت عليه تقارير هيئة الأمم المتحدة حين أجرت دراسات فقهية وقانونية وإنسانية فيما يتعلق بهذه العقوبة العظمى.