رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

اتنقدنى صديق أعتز برأيه على ما كتبته الأسبوع الماضى بشأن ما رأيته ظواهر تعبر عما وصفته بازدهار حالة شبه الدولة، ورأى فيما ذهبت إليه نوعاً من الرؤية غير الموضوعية للأشياء، وتقليلاً من جهد الكثيرين العاملين فى مجال العمل الخيرى والتطوعى، بل وإغفالاً للجهود التى تقوم بها الدولة للخروج من حالة التراجع التى لم تشهدها مصر منذ عقود.

وراح صديقى يضرب لى العديد من الأمثلة قائلاً: لماذا لم تتطرق إلى مشروع مثل حى الأسمرات الذى افتتحه الرئيس مؤخراً، ويمثل بداية للقضاء على العشوائيات فى مصر، تلك المشكلة التى لم نكن لنحلم بمجرد التفكير فى حلها وليس بدء جهد فعلى على طريق ذلك الحل، وماذا عن مشروع الخمسمائة ألف وحدة سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى الذى قد يقضى نهائياً على مشكلة الإسكان فى مصر.. وماذا.. وماذا؟ وبدا لى وكأن لسان حاله يود أن يقول لى بالصوت العالى: هل أنت أعمى يا أخى حتى لا ترى كل ما حولك؟

وقد خضت معه نقاشاً مستفيضاً فى محاولة لإقناعه بوجهة نظرى، وأنها تمثل محاولة هادئة للنظر إلى واقع الحال فى مصر والتغيرات الحاصلة فى النظر لدور الدولة، غير أن صاحبنا رغم عقلانيته أبى إلا أن يصم أذنيه بعد أن أفرغ ما فى جعبته من ردود على ما طرحته، ولأن الحقيقة لها ألف وجه، ولأنه لا يوجد على ظهر البسيطة من يملك الحقيقة المطلقة فقد راجعت نفسى عسى أن أقتنع بغير ما كتبت غير أنه بعد طول تفكير انتهيت إلى أن بعض الأمثلة التى قدمها صديقى تعزز وجهة نظرى لا تقوضها.

ولكى أقرب الصورة إليك أكثر وأكثر أقول خذ مثلاً مشروع حى الأسمرات الذى أقامه صندوق تحيا مصر، إنه نموذج رائع للعمل الهادف إلى تطوير المجتمع، غير أنه تبقى الملحوظة الأساسية القائمة عليه أنه مشروع قام على أكتاف المجتمع وليس على أكتاف الدولة رغم حضورها كمجرد منسق ومدير للمشروع.

لا أريد الخوض فى المناقشة أكثر وإنما أقول سريعاً إن فكرة صندوق «تحيا مصر» ذاتها - رغم نبل الهدف والمقصد - تبقى شاهداً على تغييب دور الدولة وانحساره الذى قد يصل إلى حد الموات!، قد يكون صانع القرار له مبرراته الوجيهة في المبادرة إلى دعم المشروع وخلقه من عدم، وقد تتهاوى أمام مبرراته أية حجج أخرى، غير أنه يبقى فى كل الأحوال أن ذلك لا ينفى إن فكرة الصندوق قائمة، لمن لا يعرف وأظن أننا كلنا نعرف، على أساس تبرعات المواطنين القادرين خاصة رجال الأعمال لمواجهة عدم قدرة الدولة على قيام بمشروعات حيوية فى هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن.. هذه الأموال كان يمكن توفير ما هو أكثر منها من خلال بند الضرائب الذى يعتبر مظهراً من مظاهر ممارسة الدولة لدورها، فى حين أن فكرة التبرعات على النحو الذى يتم التوسع بها فى مصر حالياً قد تمثل مجتمع ما قبل ظهور الدولة.. أزيد الصورة إيضاحاً فأشير إلى أن فكرة الضرائب تمثل امتداداً لتطبيق الدولة للقانون على المجرمين والنزاعات بين الأفراد، فى حين أن التبرعات تمثل امتداداً لفكرة الجلسات العرفية فى المجتمع القبلى لفرض السلم بين الأفراد.. هل وصلتك وجهة نظرى؟.. أتمنى ذلك!

 

 

[email protected]