رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

لم أر شعبا يدمن الجدل فى أى أزمة أو قضية مثل الشعب المصرى، ولم أجد بشرًا يستبقون الأحداث غضبًا واستياءً أو تهليلًا وتطبيلًا مثلنا، ولنا فى قضية تيران وصنافير أسوأ نموذج، تحولت فيه اتفاقية بحرية إلى محنة شعب. قد يغضب البعض من كلامى، ولكنها حقيقة يجب أن نعترف بها، تؤكد أن  داءً أصابنا منذ 25 يناير 2011، جعل الكثير منا يعتقد وهما، أنه فلتة زمانه، وأن الأرض لم تنجب مثله، فقيها دستوريا وخبيرا قانونيا، ومحللا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، واعلاميا مفوها، ومحاميا عن الشعب، حتى ولو كان" لا يعرف الألف من كوز الذرة".

الغريب أن هذا الداء لم يقتصر على" العوام " وأنصاف المثقفين، بل طال أيضا ما يمكن أن نطلق عليهم تجاوزا النخبة، و«المطبلاتية» و«الرقاصين بالصيجان»، و«المنتفعين»، فهم فى عدم الوعى بمصلحة البلد، وفى المتاجرة بقضايا وأزمات الوطن يتساوون، ولديهم استعداد كبير لأن يزايدوا، ويقاتلوا على « الوطنية»، وهم أبعد عنها آلاف الكيلو مترات.

 يتعصبون، يتشنجون، ويقومون بدور القاضى والجلاد، وبأى أدوار أخرى يطلبها أسيادهم وأولياء النعم، سواء كانوا من أصحاب السلطة وصناع القرار، أو من جماعات وتيارات وقوى سياسية داخلية، أوجهات خارجية تصطاد فى الماء العكر و(تزيط فى الزفة) وتستثمر الأزمة ؛ لتحقيق أهدافها ومآربها على حساب مصلحة الوطن.

نعم فاجأتنا الدولة، عندما وقعت على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، دون أن تعرض قضية حساسة كهذه على مجلس النواب أو للحوار المجتمعى، ولكنها عادت وتراجعت وقالت انها ستحتكم للدستور والقانون، وستنتظر القول الفصل من البرلمان. وهذا كلام جميل وطبيعى. ولكن غير الطبيعى هو ما نراه الآن من استقطاب حاد وانقسام شديد فى المجتمع، بعد حكم القضاء الادارى ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية «تيران وصنافير».

 فريق يرفع راية النصر وكأنه فتح عكا من جديد، وآخر يهدد بالطعن على الحكم، وباللجوء للمادة 151 من الدستور، والتى تمنح رئيس الجمهورية حق التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية السيادية. وبين هؤلاء وهؤلاء فريق آخر تائه وحائر، مشغول بلقمة عيشه، يوجهه المتاجرون بالوطنية يمينا ويسارا، علما بان القضية لم تحسم بعد، وحتى لو حسمت قضائيا وبرلمانيا لصالح معارضين ومتظاهرين محبوسين (ينبغى الإفراج عنهم الآن)، لابد أن نتعامل مع المحنة دون تخوين أو اتهام بالعمالة وعدم الوطنية، لأنه لا يوجد مسئول مصرى، مهما كان انتماؤه السياسى يقبل التفريط بشبر واحد من تراب بلاده.  

يجب أن نتريث جميعا، حتى يتبين الخيط الأبيض من الفجر، ومهما كانت النتيجة فنحن الرابحون، وسيعلم السعوديون انهم لا يستطيعون إجبارنا على التفريط فى أرضنا، مهما كان المقابل، وأن المصريين لن يقبلوا العيش فوق أرض غير أرضهم. وفى الحالتين  يجب أن تبقى العلاقة  قوية ومتينة، مثلما كانت وستظل بدون تيران وصنافير.

[email protected]