عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

الاستفتاء الذي جري في سويسرا هذا الأسبوع، لا يمكن أن يجري إلا في سويسرا، ولا يمكن لنتائجه أن تأتي كما جاءت، إلا في سويسرا أيضاً!

لقد قررت الحكومة هناك، أن تمنح كل مواطن 30 ألف دولار سنوياً، علي سبيل الإعانة، سواء كان يعمل، أو لا يعمل.. يتقاضي أجراً، أو لا يتقاضي!

والغريب، أن الإعانة نفسها كانت ستسري علي الأجانب المقيمين في سويسرا، بشكل دائم، لأكثر من خمس سنوات.

ولكن الحكومة قررت أن يسبق منح الإعانة، استفتاء، وأن تسأل أهل الشأن أنفسهم، عما إذا كانوا يقبلون منحتها، أم لا؟

ومنذ فترة ليست قصيرة، والصحافة في سويسرا، وفي خارجها، تتكلم عن هذه المنحة السخية، غير المسبوقة.. فالعالم قد عرف إعانات بطالة في كثير من الدول، وكانت هذه الإعانات في حدود عشرات، أو مئات الدولارات، في أقصي حالاتها، ولم تكن أبداً 30 ألف دولار سنوياً، ولا حتي كانت تصل إلي نصف، أو حتي ربع هذا المبلغ السويسري السخي!

وكان السويسريون علي موعد مع الاستفتاء هذا الأسبوع، وكانت التقديرات في أغلبها تقول إنهم سوف يوافقون طبعاً.. وإلا.. فأين هو ذلك الإنسان في العالم، الذي يرفض مالاً يأتيه من الدولة هكذا، دون جهد، ولا تعب.. أين هو؟!

وكانت نتيجة الاستفتاء مفاجأة من النوع الثقيل، لأن 78٪ من الذين ذهبوا إلي الصناديق، ليقولوا رأيهم، قد قالوا انهم لا يريدون منحة من الحكومة، حتي ولو كانت منحة ضخمة هكذا، وحتي ولو كانت 30 ألف دولار في كل سنة!

ولابد أن الـ22٪ الذين قالوا «نعم» للمنحة يعضون علي أصابعهم بعد اعلان النتيجة، لأن كل واحد منهم كان يمني نفسه بالثلاثين ألف دولار، ولابد أيضاً أن كل واحد منهم، كان قد رتب نفسه وحياته، علي أساس أن المنحة قادمة قادمة وانه ليس هناك عاقل يرفضها، وأن النتيجة محسومة لصالحها دون شك!

هذه شعوب تفضل أن تحصل علي دخلها، بالتعب، والعمل، والجهد، والمشقة، ولو كانت تؤمن بغير ذلك لكانت قد قبلت المنحة، ولكانت قد هللت لحكومتها، ولكانت قد تقاضت مبلغ المنحة سنوياً، ثم كفت عن العمل، لأن الحكومة تعطيها ما يكفيها!

أتذكر أن الدكتورة ليلي تكلا روت، انها كانت في اليابان يوماً، وانها لاحظت في أثناء زيارة لها إلي إحدي المؤسسات هناك، أن واحداً ممن يعملون فيها يجلس وحيداً في غرفة أغلقوها عليه!

سألت فقالوا لها، بأنه قد أخطأ في أثناء عمله، وأن عقاب المخطئين عندهم هو حرمانهم من العمل.. أي أن العقاب في اليابان، لمن يخطئ، هو أن تمنحه إدارة الشركة إجازة من العمل!.. تعاقبه الشركة هكذا، وهي تعرف تماماً، انه عقاب سوف يؤلمه تماماً أكثر مما سوف يؤلمه أي شيء آخر!

ثم تذكرت حكاية استفتاء سويسرا، ثم حكاية العامل الياباني الذي جلس في طريق الدكتورة ليلي تكلا، وراحت تروي حكايته وهي لا تكاد تصدق، ومعهما ما رواه لي أستاذ كبير، في مؤسسة صحفية كبيرة، انه مر يوماً من أمام المسجد في المؤسسة، فلاحظ أن أحد العمال يجلس فيه، بعد الفراغ من أداء الصلاة، وهو يعرف أن هناك عملاً عليه أن يؤديه في مكان عمله، ولما سأله الأستاذ الكبير عن سبب بقائه في المكان، بعد موعد الصلاة، رد العامل بلامبالاة: تحية المسجد!