رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

رأينا فيما سبق كيف تحولت النظرة العقابية من البحث عن الجريمة وكيفية ارتكابها إلى النظرة الإنسانية للوقوف الحكيم نحو إنسانية الإنسان، وماذا وراء هذه النفس البشرية التى قال عنها رب العزة «ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها»، والثابت مع نظرة التطور هذه أن وجهت الدعوة العاقلة إلى قضاة البشر أن ينظروا إلى هذه النفس وتحليلها ومعرفة سرها ونجواها للوقوف على الجانب النفسى فى معرفة المشاعر وما فيها من الاحتكام إلى حكم العقل، وكانت النتيجة هى انتصار هذا الاتجاه الإنسانى، ومعه تغيرت النظرة إلى المتهم نظرة ليست انتقامية وإنما فيها الحق والصدق، ونشير إلى ما سبق أن انتهى إليه علماء القانون الجنائى وعلم الإجرام فى مواجهة - ذلك المجهول - الذى حار الفكر البشرى فى كشف أغوار الحقيقة: عالم فيه الهدوء وفيه الغضب والثورة، والتهاب المشاعر، فيه حكم العقل وترديه، ولكن كما رأينا وأشرنا إلى ذلك مراراً ومع الصبر والتأنى - خطوة خطوة - كتب النجاح والانتصار لهذا الاتجاه الإنسانى. ونواصل معه المشوار:

إذًا هى قضية فى منتهى الصعوبة والحساسية، وكانت ولا تزال طلاسم لم تحل كل رموزها.

قال الفيلسوف سقراط إن المرء يضل فى اختياره اللذة والألم، أى فى إتيان الخير أو الشر، وذلك بسبب نقص «المعرفة» إلا أنه استبعد على المرء الرغبة العمدية فى ارتكاب الشر أو ما يعتقد أنه شر «لأن تفضيل الشر على الخير ليس من الطبيعة الإنسانية» بل حتى إذا اضطر المرء - فى ظروف معينة - إلى اختيار أحد شرين: لن يلجأ إلى الشر الأعظم إذا كان أمامه اختيار القدر الأقل.

وأكمل أفلاطون مقولة أستاذه سقراط، وفى مؤلفه عن «القوانين» أعلن الآتى:

«إن القوانين العقابية تشرع للبشر وليس للآلهة أو الأبطال» ومن هنا «وجب أن يكون المشرع طبيباً حاذقاً فى طبه يعالج المرء إذا أخطأ علاجه للأمراض النفسية».

هيا إذن نتعرف على هذه النفس «التى ألهمها الله فجورها وتقواها» هل الإنسان شرير بطبعه؟

وما وجه الخير فيه وقصة الندم؟

هل تقوده الغرائز العمياء فى مسارات الحياة ودروبها نحو مصيره؟

هل الإنسان كائن اجتماعى فى المقام الأول؟ أم هو منفصل عنه؟

وهل هو إذن نتاج الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى تحوطه كما الأسوار، قيداً من حرير أم من حديد؟؟

إن دراسة المجرم منذ مولده - واستعراض تاريخ حياته، وما واجهه من أحداث ووقائع ترسبت فى منطقة اللاشعور؟ وما هى صلته بأسرته الأب والأم والإخوة والأصدقاء، ومعه نواصل المشوار.