أوراق مسافرة
ضبط المرآة الأمامية ليتمكن من التحديق فىّ وكأنه يستنطقنى، بادرنى فى غضب «يعنى عاجبك يا أستاذة اللى إحنا فيه ده، البلد أوضاعها ماشيه للأسوأ، الثورتين طلعوا أونطة، المشروعات اللى عمّالين يمضغوا فيها ما شفناش منها حاجة، الأسعار نار، البنزين، الكهربا، المية، الغاز، الأكل، شوفى كيلو اللحمة بكام ولا الفرخة البيضة اللى مليانة أمراض بكام، حتى الراجل اللى وثقنا فيه واتلمينا حواليه أهو هيبيع حتتين من الأرض للسعودية عشان شوية دينارات، وكنا بنلعن أم الإخوان عشان كانوا هيبيعوا سينا لحماس، والله الواحد طهق، عارفة لو ألاقى أى حتة أهاجر فيها والله أغور من البلد وأسيبها للحيتان اللى واكلينها، الناس دى مش حاسة بينا، هم فى دنيا فوق وإحنا بنسف التراب و... و..»، وكانت غلطتى إنى قلت له حزب الوفد بالدقى.
«فصلنى» على الصبح يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، يا الله كل هذا الغضب واللا فهم، اعتدت التزام الصمت مع أى سائق تاكسى عندما «تستندل» سيارتى، لأنهم إما يستدرجونك فى حديث سياسى كخبير عارف دهاليز السياسة، ويسب ويلعن أم الحكومة واللى واكلينها والعة، وإما يحكى لى بكائية نهايتها احتياجه للمال لأن ابنته فى مستشفى ومراته بتولد ومش لاقى أقساط التاكسى، واضطر كثيراً الى إفراغ معظم ما بحقيبتى لأسد البكائية وأغادر فى سلام.
يا سيدى.. الرئيس مش بيبع البلد ولا حاجة، ده تاريخ ووثائق وأسانيد ولازم الناس تقرأ وتفهم، يا سيدى المشروعات الاستثمارية طويلة المدى سنحصد ثمارها لاحقاً وهى فى الغالب لأولادنا، أما الثورتان فلم تكونا أونطة، ولكن الثورات لا يتم حصاد ثمارها بهذه السرعة، الثورة الفرنسية أتت ثمارها بعد 40 عاماً وبعد سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، يا سيدى الفساد تتم محاربته، ولكنه فساد كبير ومتغلغل حتى الجذور، ويحتاج إلى قت وإلى تكاتف كل أبناء الشعب لمحاربته وكشفه، يا سيدى سقطة القيادة السياسية أنها لم تتحدث عن ملف الجزيرتين مبكراً وفاجأت الشعب بالنتيجة.
والحمد لله وصلت وإذا به يفاجئنى «العداد عطلان والمشوار بخمسين جنيه» ليه يا سيدى أنا بأدفع 30 جنيها بس»، وشعرت أنه يعاقبنى على رأيى الذى لم يعجبه، ولم يرد على جملتى «سلام عليكم».