رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

على عكس ما قد يتصور الصديق سيد البحراوى، فإن من يقرأ كتابه الأخير الصادر عن دار الثقافة الجديدة بعنوان فى «مديح الألم» يخرج بانطباع مؤكد، انه لا خوف من الألم، وإن كان من وصف مبسط  له، فالألم قرين الحياة،ونحن البشر محكومون بترويضه، والتأقلم مع مفاجآته، مهما كانت قسوتها. والكتاب يروى فيه «سيد البحراوى «بعذوبة وعفوية وتأمل عميق، وجرأة وعدوانية أحيانا، وشىء يستحقه من بعض غرور، أو ربما ثقة مفرطة فى النفس، تجربته مع مرض السرطان. وبرغم ألمها، فقد بدت تجربة مفعمة بالثراء النفسى والإنسانى وحتى المعرفى، تنطوى على وصف للمعاناة من الداخل، وتأمل لتفاصيل  الأشياء الصغيرة للخارج المحيط به.

وتكشف هذه التجربة أن الإنسان إذا ما امتلك ارادة المقاومة، وإرادة محبة الحياة، فإن ذلك يمنحه عنفوانا وقوة روحية، تدفع به  ، فى لحظات الخطر، نحو واحة الأمل ومباهجها، وتضىء له مواطن من الصلابة الداخلية، لم يكن يدركها من قبل. ومثل طائر الفينيق  الأسطورى، الذى يحترق، ويبعث من رماد  مع بزوغ  خيوط أشعة الشمس التى تضىء جمال الكون، يروى سيد البحراوى رحلة تصديه لمرضه، ومقاومته للألم، وتمسكه بالحياة، وهى رحلة مضنية كانت تتأرجح بين اليأس و الأمل، رسخت  في مشاهدها المتفاوتة، أمينة رشيد،بروحها المتفائلة ، وعزيمتها المقاتلة، وكل ما امتلكته من دعم نفسى ومعنوى فياض، كما هى عادتها دائماً، خيارا وحيدا، هو الأمل،والاصرار على هزيمة الألم.

حكاية رحلة شاقة، تكشف جوانب جسورة وشجاعة ومتهورة  ومفعمة بالصدق من شخصية الكاتب، الذى يعشق الأوراق والأقلام،ولا يكتفى باستخدامها، بل يحتضنها فى نومه، والكتابة لديه متعة فى حد ذاتها، تماما كمتعة مراقبة العصافير والنوارس، والإستماع إلى زقزقتها،وتطبيق علم العروض على غنائها الذى يمنحه زخات من الفرح، فى أوقات الانزلاق  إلى اليأس.

 تعلم سيد البحراوى من «تولستوى» أنه لا يوجد انسان ضعيف، بل انسان يجهل موطن قوته، وتعلم من «روبنسن كروزو» أن الاجتهاد يدفع الإنسان للتكيف مع كل ظروف الحياة،وتجاوز مصاعبها. ولهذا تغلب على الوهن، وأجبر الألم على التراجع، وعلى المستوى العام لم يفعل سوى ما يريد، فلا سلطة عليه مطلقا، وحقق ما أراده على المستويين العلمى والأنسانى، فى وقت قياسى، يتبدى فى غزارة انتاجه النقدى والبحثى والابداعى  وتنوعه، وقد تم ادراجه  فى نهاية الكتاب.

 يرنو سيد البحراوى، من هذه الحكاية المفرطة فى صدقها  أن تكون هذه الرحلة سندا وعوناً لكل من يعانده الحظ بالسير فيها، لمغالبة الوهن، وهزيمة الألم واليأس والاحباط، وهو هدف نبيل  حققه هذا النص المدهش  فى صدقه وشفافيته وإقناعه، لمن لم يخض غمار هذه التجربة،فمابالك بالذين يصارعون اهوالها.