رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا يكاد يوم يمر، إلا ويكون فيه طارق عامر، محافظ البنك المركزى، طرفًا فى حوار إعلامى هنا، أو فى حديث صحفى هناك.. وفى الغالب، بل فى كل الأحوال، يكون الحديث عن سعر الدولار، فى مقابل الجنيه، أو العكس على طول الخط.

ولست أذكر وقتًا كان فيه محافظ البنك المركزى طرفًا فى الأحاديث العامة، أو حتى الخاصة هكذا.. فالمفترض أن المحافظ لا يظهر على الناس، إلا لضرورة قصوى تستدعى ظهوره شخصيًا، وهى حالات يمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة.. وفيما عداها، فإن محافظ المركزى له هيبة، بحكم الموقع الرفيع الذى يشغله، لا تقل أبدًا عن هيبة رئيس جهاز المخابرات العامة ذاته، وليس مقبولاً أن يكون المحافظ، ولا كذلك رئيس المخابرات، قاسمًا مشتركًا أعظم فى التناول الإعلامى اليومى، وإلا، فإن الهيبة تتآكل، والبريق المحيط بالموقع، بطبيعته، يتبدد، أو يكاد، وما لذلك كله من أثر سلبى مفهوم، فى حالة المحافظ، سواء كان هو «عامر» أو غيره، على اقتصاد البلد عمومًا، ثم على سعر العملة الوطنية للبلد بوجه خاص.

إننى أتابع حركة السيدة جانيت يلين، محافظ الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، وهو المنصب الذى يوازى بالضبط، منصب محافظ البنك المركزى عندنا، فأكتشف أنها لا تبدو للأمريكان، ولا لغير الأمريكان، فى الإعلام، إلا فى أحيان نادرة جدًا، ولا يرى أحد لها وجهًا، إلا إذا كان ذلك مرتبطًا باجتماع عام ومهم، سوف تعقده، أو بلقاء مع سائر محافظى البنوك المركزية فى العالم، أو بسعر جديد للفائدة، على الدولار.. أو.. أو إلى آخر مثل هذه الأحوال.

وفى أيام آلان جرينسبان، محافظ الاحتياطى الأمريكى الأسبق، كان ظهوره فى العلن، حدثًا يشد انتباه الجميع، وكان يقال إنه من مقر عمله، إذا عطس، فإن البنوك المركزية بامتداد العالم، تصاب بالزكام!

ولأن محافظ المركزى، هو وحده المسئول عن السياسة النقدية فى البلد، فإن أحدًا آخر لا ينازعه المسئولية عن هذه السياسة.

وقد كان هناك طول الوقت، صراع بين أى حكومة جاءت فى البلد، وبين أى محافظ للبنك المركزى، لأنه بمفرده مسئول عن السياسة النقدية، الخاصة بسعر العملة الوطنية، وبوضعها فى الأسواق، وبطباعتها، وبكل ما يتصل بأحوالها، ولأن الحكومة مسئولة، فى جانب آخر، عن السياسة المالية، أى عن كل ما يتعلق بإنفاق الفلوس، ثم بوجوه هذا الانفاق!

كان الصراع بين الطرفين، لا يتوقف، وكان كل محافظ، منذ أن نشأ، لدينا بنك مركزى، يحاول إفهام الحكومة.. أى حكومة أن هبوط سعر الجنيه أمام الدولار، مثلاً، ليس مسئوليته، وإنما هو مسئوليتها هى، كحكومة، لأنها إذا كانت حكومة منتجة، وإذا كانت باختصار تشجع كل ما هو منتج فى البلد، فسوف يكون الجنيه فى أقوى حالاته.. والعكس صحيح تمامًا.. فلا دخل للبنك المركزى، ولا للمحافظ، عمليًا، فى الموضوع.

أتوقع أن يكون طارق عامر عارفًا بهذا كله، وأتوقع أن يتحرك فى أيامه المقبلة، وهو يعمل به، ثم وهو يطبقه، بسياسات واضحة، ومعلنة، وليس بظهور كثير أو قليل فى الإعلام.. إننا نريد أن نقتفى أثر سياساته فى الأسواق، ولا وقع خطواته على الأرض بيننا.

طارق عامر إذا عطس شأنه شأن آلان جرينسبان أصيبت أسواقنا بالزكام، ولابد بالتالى أن يحتاط على أقوى ما يكون الاحتياط.