عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«أفتح التليفون ألاقي أول خبر استشهاد الرائد مصطفى لطفي.. وفى لحظة واحدة أفتكر أول يوم شوفته فيه، كنا في أولى ثانوي بمدرسة التوفيقية سنة 1997، وكان فيه عيلين ماسكين واد في إعدادي بيضربوه، و«مصطفى» يحوش الواد من ايديهم ويتخانق معاهم عشان بيفتروا علي طالب إعدادي، «مصطفى» كان معروف في شبرا كلها برجولته وجدعنته... «مصطفى» اللي كان أصغر رئيس مباحث في مصر لما مسك رئيس مباحث شبرا الخيمة وهو لسة نقيب.. «مصطفى» اللي عمره ما أتأخر علي حد.. اللي كان تليفونه ليل نهار مفتوح وبيرد على أي واحد من أهل دايرته في أي ساعة مهما كان.. «مصطفى» اللي آخر مرة كلمته كان بيقول إنه نسي شكل بيته.

ويبقى الإحباط وليد الظروف.. ويبقى السكارى والمترنحون وأصحاب البالونات هم متصدرو المشهد.. وتنزف دماء أشرف من أنجبتهم مصر أمام هؤلاء السكارى عديمي الشرف والمبدأ... وأمام رعونة تجاوزات فردية موتورة.. لقد رحل المئات من شهدائنا فداء هذا البلد وتركوا لنا الأمل والإيمان الصامد أمام المتشدقين بأبواق الإنسانية والوطنية، وتصمد التضحيات أمام همجية وانتهازية بعض الإعلاميين وأمام عشوائية بعض الميكروفونات الممنهجة، وأمام دجل ونفاق بعض المذيعين ذوي الياقات السوداء الممزوجة بمصالحهم الشخصية، وأمام بعض النخب ممن ينتهجون السطحية وازدواجية المعايير لتوجيه الرأي حسب أهوائهم، وأمام كل المتربصين بنا حتى في أنفاسنا التي نلتقطها، استشهد البطل ولاعزاء لكل مرتزقة الثورات وتجار الكلام مدعي البطولة الزائفة، أصحاب الميكروفونات ذات الأهواء الشخصية كل مدعي حب البلد بالكلام فقط، وتبقى دماء الشهيد أمام كل هؤلاء.. ويبقى عملنا الدائم وسط كل هذه المهاترات ووسط الزخم الموجود حاليا.. ووسط الضوء المسلط علينا نحن.. أكثر من قدمنا زملاءنا فداء تراب هذا البلد بالفعل وليس الكلام.. ندفن اخواتنا ونرجع نكمل شغل.. نسمع الإعلام يذبح فينا ليل نهار بسبب تصرف واحد أعمى وإحنا واقفين بنشتغل.. بنشوف رمي «البلا» علينا وموقفناش لحظة.. ولو محدش مصدق.. اسألوا 760 شهيدا و18000 مصاب.

أيها السادة، إنها ليست كلماتى، إنها كلمات النقيب هشام صالح صديق الشهيد الرائد مصطفى لطفى، كلمات هزتنى وهزت كل من قرأها على صفحات «الفيس بوك»، شعرت والله بأنى كاتبتها، وإنها بقلم كل وطنى شريف محب لهذا البلد، ومقدر للدور الأمنى الذى يقوم به الشرفاء من رجال الأمن إلا قليلا جدا ممن يسيئون استخدام نفوذهم ومهمتهم، وأيضا كل رجال الجيش الشرفاء، الذين باتت أخبار الصباح لا تخلو من نعى أحد منهم، ليس فقط فى حوادث إرهابية تستهدفهم فى قلب العاصمة أو بعض المحافظات، ولكن عبر مخططات إرهابية تطبق عليهم بقوة فى سيناء، خاصة العريش لضرب أمن واستقرار هذا البلد.

ما يحدث من عمليات إرهابية تستهدف كمائن الشرطة والجيش وتتواصل عبر الهجوم على السيارات الأمنية، يؤكد على وجود «حاجة غلط» على وجود ثغرات، على وجود اختراقات، على عدم وجود خطة استراتيجية كاملة «لا تخر الميه» للقضاء على الإرهاب كله، وليس مجرد تصفية حفنة من الإرهابيين هنا أو هناك بصورة عشوائية أو بصورة «سلم نفسك».

مطلوب ممن يضعون خطط الأمن والتأمين أن يدخلوا عقلية الإرهابى، أن يفكروا كإرهابيين لا كضباط شرطة، أن يتم وضع سيناريوهات عديدة للهجمات الإرهابية والتدريب على مواجهتها وتلاشيها وتحجيم خسائرها البشرية، الإرهابيون يتدربون الآن على أعلى التدريبات، يشاهدون سيناريوهات الأفلام الأمريكانى فى العنف والإرهاب، يخترقون عقلية الضباط، وباتوا يعرفون الآن كيف يفكر رجال الأمن، ويضيفون على هذا التفكير المزيد من خيالهم لتنفيذ عملياتهم بنجاح، بجانب استمرار وجود القوة العددية للجماعات الإرهابية المسلحة رغم تصفيات الأمن، ووجود المواقع المكشوفة لقوات الجيش، وسير الجنود فى العراء دون خوذات أو صديرى واق من الرصاص أو سيارات مصفحة، وتغيير الإرهابيين لخططهم، وحدوث حالة من الارتخاء الأمنى بعد فترة قصيرة من وقوع أى عملية ارهابية خسيسة، وتحسب الجيش فى تحركاته خوفا على المدنيين، واستغلال البدو فى هذا المناطق لعاداتهم وتقاليدهم فيما يأتى تحت شعار حرمات البيوت ووجود «حريم بالداخل» لمنع رجال الشرطة والجيش من اقتحام المنازل والقيام بتفتيشها، والتى هى فى الواقع أوكار لاختباء هؤلاء، بجانب الدفع بجنود غير مؤهلين ومدربين بشكل كافٍ إلى مواجهة حروب العصابات الإرهابية، يضاف الى ذلك تصاعد حالة من الغضب بين الاهالى ضد الحملات الأمنية لحدوث بعض التجاوزات ضد الأبرياء فى الحملات والتفتيش، الأمر الذى يزيد رفض الأهالى لهذه الحملات ويدفعهم للتعاطف مع الجانب الآخر، حتى ان العشرات من شباب القبائل والعائلات الكبيرة انضموا مؤخرا الى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «ولاية سيناء»، وهو أمر يجب الاعتراف به وعدم إنكاره كإخفاء النعامة لرأسها فى الرمال، ما يتطلب رفع الظلم الواقع على الأهالي حتى لا تزيد حدة الاستقطاب لهم من قبل الإرهابيين.

يضاف الى كل ذلك سير عملية التنمية فى سيناء سير البطة العرجاء، وغياب دور وزارات معنية كان يمكنها القيام بالدور التنويرى والتثقيفى فى هذه المناطق بسيناء التى أصبحت مرتعا ووكرا لإيواء الإرهابيين، على غرار وزارتي الثقافة والتعليم، والذين ساعد غياب دورهما فى انتشار الفكر المتطرف بين الشباب بصورة غير مسبوقة مؤخرا.

من هنا يجب علاج «الحاجة الغلط»، علاج الثغرات مع زيادة الكفاءة الأمنية، فالعمليات الارهابية وتأثيرها الداخلى وتداولها الخارجى تؤدى الى تعطيل العملية الديمقراطية، والى فقدان المواطنين الثقة فى القدرات الامنية واهتزاز صورتنا فى الخارج، لا نريد توديع مزيدا من شهدائنا، فتساقط المزيد يعنى استمرار وجود الخلل ووجود إخفاق أمنى أيا كان حجمه أو درجته، ويجب العلاج.

اللهم ارحم شهداءنا، وطهر وطننا من الإرهاب، واحفظ مصر جيشا وشعبا.

 

 

[email protected]