رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعيدا عما نقوله ليل نهار عن تقسيم الشرق الأوسط وبنظرة أكثر شمولية وواقعية، كلنا يعلم أنه كلما اشتعلت النار فى الشرق الأوسط ارتفعت حرارة الحُلم الكردى بالاستقلال. هذا دأبهم منذ عقودٍ طويلة. هم يُقاتلون بالسلاح تارةً وبالسياسة دائِماً وبالكرامة والعنفوان أبداً. يقبعون فى الجبال والأماكن الوعرة، يتحملون القيظ والصقيع بغية تحقيق الحُلم. لكن الصفقات الدولية سُرعان ما تُسقِط وتسقُط عليهم كالجليد، تخطف منهم أملَ إقامة الدولة تماماً.

وبالطبع الكُرد، يُثيرون القلق بسبب نزعة الاستقلال فهم يستعدون ويستعيدون كل أساليب القتال فى «تركيا». يُقاتلون الإرهاب فى «سوريا»، يجددون الحُلم بعد أن نجحوا فى الاستقلال الفعلى فى «كردستان العراق» والمُسمى رسمياً بالحُكم الذاتى. دخلوا فى صراعٍ سياسى مع الحكومة المركزية فى «بغداد»، وربما يرون أن اشتعال النار فى المناطق الحدودية التركية السورية يسمح لهم بترسيخ دورهم وتعزيز سلطتهم، فإذا بهم يجدون أنفسهم عالقين بين نار «تركيا» ونار الإرهاب وحائرين بين أن يقتربوا من الحُكم الحالى فى «دمشق» أو أن يستقلوا تماماً بقرارهم وسط دعمٍ أمريكى وتأييدٍ روسى وتعاطفٍ غربى.

واضح أن «أنقرة» أكبر الخاسرين من أى ربحٍ يُحققه كرد «سوريا» بالرغم من حسن علاقتها مع كُرد «العراق». والدعم الأمريكى المُعلَن للكُرد يثير قلقاً فربما يكون هذا بمثابة إقامة دولةٍ كُردية تمُدُ خطوطاً مع «إسرائيل» كما حدث مع «كردستان العراق» التى صدرَت نفطها عبر «أنقرة» إلى «تل أبيب». أما «تركيا» فتحاول وقف الزحف الكُردى نحو استكمال السيطرة على الحدود، خاصة أن «تركيا» تعرضت خلال أربعة عقود لخسائِر تُقدَر بـ 300 مليار دولار، وخسارة 30 ألف قتيل من خلال هذا الصراع مع الأكراد، ولكن يجب ألا ننسى أنه توجد أربعة آلاف قرية كردية هُجِرت أيضاً.

والسؤال المطروح دوما هل يحق لـ «تركيا» الدخول وقصف الكرد فى «سوريا» وفى «العراق»؟ بحجة أنها تتعرض لتفجيرات إرهابية مع العلم أن من قام بها ليس مواطناً سورياً كردياً وإنما كان كردياً من مواطنى الدولة التركية. وسبب تلك المجازر يرجع الى خطأ فى بناء الدولة التركية كدولة متعددة القوميات بموجب نظرية قومية واحدة، وهو من الأساس خطأ. فالدولة القومية لا تتناسب مع دولةٍ متعددة القوميات، وهذه المُشكلة لم تُحل وتُعتبر القوميات غير التركية فى حالة اضطهاد ويشعرون بالغُبن، وإن لم تحل المُشكلة الداخلية فى «تركيا» بشكلٍ ديمقراطى ستستمر الأزمة.

وفى «سوريا» الحزب الذى له الغلبة فى الشارع الكردى وعنده قوات هو «حزب الاتحاد الديمقراطى» برئاسة زعيمه «صالِح موسى» الذى يقال إن له علاقة مع «حزب العمال الكردستانى» التُركى ومع ذلك لا يحق لتركيا التدخل فى شئون دولة ذات سيادة، فالشعب الكردى هو جزءٌ من الشعب السورى، والأراضى ذات الغالبية الكُردية هى جزءٌ من أراضى دولةٍ عضو فى هيئة الأُمم المتحدة، وعلى الدولة التركية احترام الاتفاقات الدولية وخاصةً اتفاقات الحدود. الإشكالية الكُردية تكمن فى أن الخارِج له دور فى الداخل الكُردى.

 وعامة العلاقة بين «حزب الاتحاد الديمقراطى» و«حزب العمال الكردستانى» هى علاقة أيديولوجية لأن الحدود الفاصلة بيننا وبين الكُرد فى شمال «كردستان» فى «تركيا» هى حدودٌ طويلة، وانتقال الأفكار والأيديولوجيات عبر هذه الحدود لا تعرِف الحدود، وبالتالى من الناحية الأيديولوجية أغلبية سكان هذه المنطقة بمن فيهم مناضلو حزب الاتحاد الديمقراطى، يهتدون بأيديولوجية «أوجلان».

ومن قبل كانت «تركيا» تطلُب من «بشار الأسد» أن يعتقل مناضلى «حزب الاتحاد الديمقراطى» ومن المعروف أن «تركيا» لديها فوبيا كردية، ومن أجل القضاء عليها لا تمانع من التواصل مع المجموعات الإرهابية لذلك لديها الذراع الطويلة فى «سوريا» ومن المعروف أن حزب الاتحاد الديمقراطى يرى أن الفُرصة مواتية، لإنشاء منطقة حكم ذاتى فى شمال «سوريا»، وهناك مُحاولة لإقامة إدارة كاملة ومُستقلة كلياً عن الدولة السورية فى كل المناطق الكردية التى يُسيطر عليها الآن الحزب. ولدى الحزب أجندة، ولكن يريد تطبيقها ضمن منطِق مرحلى أو تدريجى.. وهناك كتاب لـ «روبرت أولسن»، «تاريخ الكفاح القومى الكردى» نجد فيه تفسيراً يؤكد أن هذا شعب يستحق الاحترام تاريخياً، وأن الكرد أشعلوا ثورةً تلو ثورة لتأسيس دولتهم المُستقلة، ولا يزال كفاحهم فى هذا المجال مستمراً.

 وقد تناول الباحث طبعاً الكثير من المراجع التى تؤكِد ذلك، لكن المهم فى هذا الكتاب، معرفة أن «بريطانيا» تلاعبت بالكرد كما تلاعبت القوى الكبرى، فحسبما تُشير مراسلات «تشرشل كوكس» رئيس الوزراء ووزير الخارجية البريطانى حينذاك، فى أواخر عام 1921 لم يكن ثمة جدال أطول حول دعم كيان كردى منفصِل داخل العراق، كان ذلك هو رأى «بيرسى كوكس»، وأن دعم البريطانيين للشيخ «محمود الحفيد» فى خريف 1922 وأوائل 1923 كان ببساطة جهداً لاستعماله، واستعمال الكرد ضد تشدد الموقف التركى بشأن مسألة الموصل، وحينما تبين أن الشيخ محمود فتح خطاً مع الأتراك أقاله البريطانيون للمرة الثانية. هذا دليل أن هذا الشعب أيضاً طوال عمره يتعرض لمؤامرات الدول الكبيرة، حين تدعمه أو تصطنع دعمه.