عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

كم كنت أتمني لو أن رؤساء الجامعات حذوا حذو رئيس جامعة القاهرة

 

إذا لم يساند وزير التعليم العالي، رئيس أكبر جامعة في البلد، في قضية كبيرة كهذه، فمتي، وفي أي قضية إن شاء الله، سوف يسانده؟!

أما الوزير، فهو الدكتور أشرف الشيحي.. وأما رئيس الجامعة، فهو الدكتور جابر نصار.. وأما القضية، فهي عدم جواز عضوات هيئة تدريس منقبات في مدرجات الجامعة!

وقد كان الدكتور «نصار» قد أصدر قراراً، العام الماضي، يحظر به، وجود عضوات هيئة التدريس المنقبات، في المدرجات، ليس لأنه ضدهن، بشكل شخصي، ولكن لأن الطلاب أنفسهم، قد اشتكوا مراراً، من أنهم يشعرون في أثناء المحاضرة، بأنه لا تواصل من أي نوع بينهم، وبين الأستاذة التي تحاضر فيهم، إذا ما كانت منقبة، لا يري منها الطالب سوي عينين حائرتين في مكانيهما!

وكان الطلاب عي حق تماماً.. قد وقف رئيس الجامعة إلي جوارهم، وقرر ألا تدخل قاعة المحاضرة في جميع كليات الجامعة، أي عضو هيئة تدريس ترتدي النقاب، وقد أثار القرار ضجة في حينه، ولكن رئيس الجامعة كان حازماً في اتخاذه، وفي تطبيقه، وكان تقديره أن عضوات هيئة التدريس، اللاتي لا يرون خلع النقاب في قاعة المحاضرات، لا مكان لهن فيها.. وكان قراره موضع مساندة، ودعم، وتأييد، من قطاعات عريضة في المجتمع، ومن غالبية بين أهل الرأي والإعلام.

ولم تفلح المقاومة التي واجهها الرجل، في إثنائه عن قراره الشجاع، وكان هذا مما يظل محسوباً له بكل تأكيد!

ولما لم ينجح المقاومون للقرار، والرافضون له، في إيقافه، أو إلغائه، أو حتي الالتفاف حوله، ذهبوا إلي القضاء، وكانت المفاجأة أن القضاء أيد قرار الدكتور «نصار» وكان ذلك من دواعي إحساس الرجل، بأنه كان علي حق، عندما اتخذ قراره، وأنه لم يكن يتصدي لمسألة شخصية، عندما اتخذه، ولكنه كان يتصدي لقضية عامة، تتصل بطبيعتها بالصالح العام.للجامعة، أولاً، ثم للدولة كلها، ثانياً.

وكم كنت أتمني، لو أن رؤساء الجامعات، العامة والخاصة، قد حذوا حذوه واتخذوا القرار ذاته.. كل واحد منهم في مكانه..إذ المؤكد، أن الجامعة، سواء كانت حكومية أو خاصة، مكان لتلقي العلم، وليست مكاناً للعبادة، ومن شأن العلم أن يكون أهله منفتحين علي المتلقين، شكلاً، ومضموناً معاً، وإذا كان النقاب الذي لا أصل له في أساسيات الدين ولا حتي في فروعه، يتعلق بالشكل، فهو، أقصد الشكل، يظل جزءاً من المضمون، ولا ينفصل عنه بأي حال!

بل إنني تمنيت ما هو أبعد من هذا، وهو أن يتم حظر ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة، وليس في قاعات المحاضرات فقط، أو في قاعات جامعة القاهرة وحدها.. فأسباب الأمن، ومقتضياته في المجتمع، وفي ظروف كالتي نعيشها، ويعيشها العالم كله، تقول بأن المرأة إذا كانت تريد أن ترتدي النقاب، فهي حرة تماماً في رغبتها هذه، بشرط أن يكون ذلك في بيتها.. أما خارج بيتها، فهذا مكان عام، ومن حقك أنت، كمواطن، في أي مكان عام، أن تتأكد مما إذا كان صاحب النقاب الذي يلقاك في الشارع، أو في الجامعة، أو في النادي، أو في أي مكان عام، رجلاً أو امرأة، ولقد قرأنا مراراً، عن وقائع لجرائم، كان مرتكبوها قد تخفوا تحت النقاب، قبل ارتكابها.

تمنيت، إذن، لو أن رئيس جامعة القاهرة، قد صادف دعماً من الدولة بكل أجهزتها، وعلي كل مستوياتها، وليس فقط من وزير التعليم العالي، بحكم موقعه، ولا حتي من رؤساء الجامعات الأخري فقط أيضاً.. وكم كان مؤسفاً أن نقرأ لبعضهم، أن قرار «نصار» خاص به، وليس ملزماً لهم في جامعاتهم.. وكأن الرجل قد قرر أن يطبقه في بيته.. وليس في أكبر جامعات البلد، بل أكبر جامعات المنطقة!

ثم كم كان محزناً، أن يصدق الدكتور «الشيحي»، الخميس الماضي، أن قرار رئيس جامعة القاهرة، ليس ملزماً لباقي الجامعات!.. وكأن النقاب في جامعة الإسكندرية مثلاً، مختلف عنه في «القاهرة».. أو كأن الطالب الذي يشكو من انعدام التواصل بينه وبين عضوة هيئة التدريس المنقبة في جامعة القاهرة، نوع مختلف عن الطلاب في جامعة المنصورة.. وهكذا.. وهكذا!

لقد توقعت أن يؤاخذ رئيس الجامعة، وزير تعليمه العالي، وأن يلفت نظره، إلي أننا في دولة كبيرة، وأن هذه الدولة الكبيرة لن يستقيم الأمر فيها، إذا كان وزير التعليم العالي يتخلي هكذا، عن رئيس أكبر جامعاته ويخذله، ويجعله يشعر وكأنه كان علي خطأ حين اتخذ القرار!

جابر نصار بقراره، يحارب معركة دولة، لا معركته هو، ولا معركة جامعة، ولابد للدولة، بالتالي، أن تكون وراءه، وأن تكون في ظهره، وأن تحارب معه معركتها، وأن تصمد فيها، لأنها معركة مستقبل.. معركة بلد لابد أن يلحق بالعصر، وأن يكون في القلب منه، فلا يتخلف عنه، مهما كان حجم العقبات في سبيله.. معركة بلد تظل بدايتها الطبيعية من داخل المدرسة، ومن داخل الجامعة، ومن داخل كل مؤسسة تعليمية بالإجمالي فكيف يغيب هذا كله، عن وزير التعليم العالي وكيف يقبل أن يخذل جامعة القاهرة في معركتها، التي هي معركة كل مصري، علي هذا النحو غير المفهوم، وأكاد أقول المريب؟!