رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اسمحوا لي

فيروز التي أسعدت وأمتعت أجيالاً ولازالت من خلال الأفلام التي أنتجها العبقري أنور وجدي، والتي كانت تمثل فيها الطفلة الشقيانة بنت الشوارع التي ظلمتها ظروف الحياة القاسية هي نفسها فيروز الطفلة الموهوبة التي كانت ترقص وتغني وتمثل في احترافية عالية وهي أيضاً التي قست عليها الحياة في الحقيقة فهي لم تستمتع بطفولتها ولم تلعب كما يلعب الأطفال ولم تكن تستمتع بالإجازات والمدرسة، فالطفل الممثل هو طفل شقيان، فالعمل في السينما ليس فسحة ولا نزهة ولا لعب بل هو التزام وتدريبات وعمل في الخارج في الحر والبرد وعمل في الليل والنهار، فكيف هو الحال والطفل نجم أو في مثل حالة فيروز وهي التي كانت نجمة بمعني الكلمة أو كما يقول أهل المهنة بتشيل أفلام، فهي البطلة الرئيسية والجميع مساندون لها لقد كانت عبقرية أنور وجدي في اكتشاف المواهب، والبحث عن كل ما هو جديد ومبهر وتقديمة للمتفرج في أفلام تجارية وشعبية ومتقنة الصنع تراعي كل حرفيات السينما، وبالطبع كان العنصر البشري هو الفاعل الأول والجاذب الأول لأهم أعماله، ولكن هل الأفلام التي كانت تقوم بها الطفلة فيروز مقدمة للأطفال فقط وتراعي المراحل السنية الأولي أو حتي المتأخرة في حياة الأطفال؟ الحقيقة لا فقد كان الهدف الأول تقديم فيلم للأسرة لا للأطفال، لذلك لم يكن يراعي السلوك أو ما يجب أو ما لا يجب في عالم الطفولة، بل كان يقدم طفلة تردح وتبكي وتصرخ من ظلم المجتمع كانت الرسالة موجهة للمجتمع كله، ولكنها كانت أفلاماً تمتع الصغار والكبار.

ولكن هل كانت الطفلة فيروز تستمتع بهذا العمل، لقد قرأت لها مقولة في إحدي المجلات المتخصصة في الفن منذ أكثر من ثلاثين عاماً (إنها لم تستمتع بطفولتها؟ وأنها في أحد المشاهد مثلت بفستان أحبته وتمنت أن تأخذه ليصبح ملكها ولكن أنور وجدي رفض تماماً وأن ذلك أحزنها جداً) إن التمثيل والعمل في الأفلام من المهن الشاقة التي تجهد الكبار فما بالنا بالأطفال الصغار والحقيقة علي قدر إعجابي بالمواهب الصغيرة، إلا أنها فيها نوعاً من الإيذاء والاستغلال التي يتعرض لها الأطفال من قبل الأهل ومن قبل من يستخدمونهم، وقد يتعجب البعض أن فيروز الطفلة المعجزة فعلاً لم تستطع أن تكمل الطريق حينما كبرت ولكنها للأسف شبه قاعدة، فكثير من الأطفال النجوم في كل أنحاء العالم لا يستطيعون الاستمرار بعد أن يتركوا مرحلة الطفولة، إما لأن الجمهور لا يري فيهم نفس الطعامة والطفولة البريئة أو فعلاً يفقد الطفل أو الطفلة الممثلة ألق الطفولة وتوهجها، أنا لا أتحدث عن الطفل الذي مثَّل أدواراً قليلة مثل فاتن حمامة بل الأطفال النجوم مثل فيروز أو شيرلي تمبل الأمريكية أو بطل وحدي بالمنزل، إن كثرة العمل تهين الطفل وتستنزف موهبته وقد تسبب له بعض الأضرار النفسية أو العائلية.

لذلك يجب أن نكون حريصين تماماً للاستعانة بالأطفال في الأعمال الدرامية وأن العمل بالأطفال يجب أن يخضع للمعايير الإنسانية التي تراعي الضرورات الإنسانية وظروفه الجسمانية والنفسية المرهفة.

رحم الله الممثلة فيروز التي لم تلعب ولم تعش طفولتها حتي تسعدنا وتمتعنا، والتي احتجبت عن العمل الفني ودخلت في عالم النسيان لحوالي ٦٠ عاماً أي قسوة وأي تضحيات قدمتها طفلة صغيرة من أجل الفن؟