رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو أن الرئيس أوباما مازال عاشقا لدور الكاوبوى، الذى عشقه من قبله ثلة ليست بالقليلة من الرؤساء الامريكيين. وهذا ماكشفه مؤخرا خطابه «حالة الاتحاد» والذى يؤكد أن الهوس بالقوة مسيطر على الساسة فى واشنطن، بالرغم من فشلهم في احيان كثيرة فى معالجة الكثير من القضايا الداخلية والخارجية ،لذلك لم أصب بالدهشة عندما قال: «قالوا لكم بأن أعداءنا أصبحوا أكثر قوة، وأن أمريكا أصبحت أضعف منهم. دعوني أذكر لكم شيئا. الولايات المتحدة هي أقوى دولة على وجه الأرض. لا أحد يستطيع الاقتراب منها. نحن ننفق على جنودنا أكثر من البلدان الثمانية مجتمعة وتشكل فرقنا العسكرية أعظم قوة قتالية عبر التاريخ».

وللأسف أن أوباما ومن على شاكلته من الزعماء الإمبريالين لا يتحدثون عن نظام ودولة, إلا في حدود ما يخدم هيمنتهم، صراعاً على نفوذ أو توافقاً على اقتسامه، ولا يتحدثون عن ديمقراطية إلا في حدود استمرار سيطرة «سلطة الغاب» المادية المحضة.. وبالتالى كان طبيعيا أن يتغنى فى خطابه ويفتخر بما يفعلونه فى دول العالم بقوله: «لا يمكن لدولة أن تهاجمنا بشكل مباشر، أو حتى مهاجمة حلفائنا، لأنهم يعلمون أن هذا الطريق سيؤدي لدمارهم. وهناك استطلاعات تثبت بأن وضعنا في العالم الآن أعلى مما كان عليه سابقا، حين انتخبت لهذا المنصب. وحين يؤتى بأي قضية دولية كبرى، أنظار الناس لاتتجه نحو بكين، أو موسكو لقيادتهم، بل يناشدوننا».. هذا هو فكر الحائز على جائزة نوبل للسلام فهو لايتفاخر بأن جيش بلاده قادر على حماية شعبه، بل على أنه متفوق على الآخرين، لدرجة أن العالم برمته يلتفت نحو واشنطن.

وبعبارة أخرى أقر بأن سطوة بلاده لاتأتي من قدراتها، فقط، من الرعب الذي توحي به، والواقع يقول إن جيش المبجل أوباما ينشر الدمار والخراب فى كل مكان يحل به، رغم أكاذيب الديمقراطية التى يزعمها الرؤساء الأمريكيون. إنه بهذا يقدم حديثا استبداديا على مستوى دولي، والفكر الاستبدادي الدولي لا يصنع وحدة ولا ديمقراطية ولا حتى نظاماً علمانياً، حتى وإن صنع بيادق من الرقيق، تتحرك في حدود الرقعة المخصصة لها، وخاصة عندما يرى أن التحدي الذي يواجه واشنطن ليس الحياة، أو الحرية أو السعادة، حسب مفردات إعلان الاستقلال، إنما التفوق على الآخرين. أنه بذلك يفتقر في أقواله إلى أي مشروعية أو صلاحية أو منطق سوى «شريعة الغاب بأسلحتها النووية»، كأي ثلة ضباط انقلابية امتطت ظهر «شريعة الغاب المسلحة بالدبابات»، فهو يتحدث بلغة الإملاء على الشعوب، كيف ينبغي أن تكون السلطة فيها، وأي مرجعية تختارها لنفسها، وهذا ما يذكرنا بعقلية المستعمر .

ويبدو أن الامريكان سيظلون لا يتحدثون عن ديمقرطية وسلام إلا في حدود ما يضمن لهم هم استخدامها للحيلولة دون التخلص من ولادة أيّ بذرة، أيّ نواة، أيّ بارقة أمل في نشأة حضارة إنسانية جديرة بهذا الوصف، إذ يمكن آنذاك أن تهدد الهيمنة الاستبدادية الحالية على جنس الإنسان، وهي القائمة بالقوة - باسم الحضارة والتقدم - دعائم أخطر انحراف في المسيرة الحضارية البشرية منذ العصر الحجري إلى يومنا هذا.. والشواهد: حروب وإبادات ومجاعات وأوبئة لا حصر لها ولا نهاية، من قلب سيبريا حتى جوانتانامو، ومن قلب غابات أمريكا الجنوبية والتصحر في إفريقيا، حتى معتقلات أفغانستان والعراق والشيشان وسوريا. وفي الواقع، الدور المنوط به حاليا بالقوات المسلحة الأمريكية، ليس الدفاع عن مصالح شعب الولايات المتحدة، بل منع الشعوب الأخرى من التطور. والايام تثبت أن الدولة التي تتفاخر بأن لا غنى عنها في العلاقات الدولية، تقوم بالتآمر على حلفائها قبل اعدائها، ولا تُقدم للبشرية شيئاً يفيدها، فهي تحتكر المنافع المادية لذاتها بكل أنانية وخسة ونذالة، ولا تُصدّر للشعوب غير الشرور والصراعات والفتن. وهى تتلاعب بمصائر الشعوب، بينما هي عدو حقيقي للبشرية كلها، ولا يعنيها شيء سوى مصالحها الآنية الانانية.

وإذا كان الرئيس أوباما يتباهى أن ميزانية جيشه، لامثيل لها، وتجعل منه الجيش الأقوى. فهذا يعني أنه أول قائد أعلى للجيش، يعتقد أن قيمة وبسالة جنوده مرهونة بالمال. وعامة الحقائق تؤكد أنه منذ فيتنام وانتهاء بما يحدث فى الشرق الاوسط مؤخرا فإن بطولات القتل والتدمير الأمريكي تؤشر على همجية الحضارة الأمريكية، وبشاعة نموذجها الذي تبشر به العالم، فهناك عدوان عسكري أمريكي مستمر أصاب ويلاته شعوب الأرض، بمن فيهم أصحاب الأرض الحقيقيون. وأمريكا العدوانية المجرمة في حق الانسانية لم تكن عدوانيتها وخطرها على العالم فحسب، بل هي عدوة نفسها التي جلبت لنفسها عداوة شعوب العالم، ولم تتوان في ممارساتها من ممارسة العدوان على من يحملون مواطنتها من اعتقال وسجن واغتيال، وتتنصت على الأسرار الشخصية للمواطنين، إلى حد قتل رؤسائها بفعل تزاحم المافيات على المصالح. فمن غير الممكن أن ينتج عن الرأسمالية المستغلة نظام ديمقراطي، يعتمد على احترام إرادة الشعوب، ويؤمن باحترام حقوق الإنسان، وليس مستغرباً عن كشف ممارسة الإدارة الأمريكية البشعة بين الحين والآخر, فأمريكا لم تترك ذرة تراب ولا طفلا ولا امرأة ولا شيخا فى المناطق التى ذهبت اليها بحجة ارساء قواعد الديمقراطية إلا وكانت بشاعتها مرسومة عليهم!