رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

 

 

 

عندما تَرَكَنَا عماد الغزالى فى «الوفد» ليلتحق بجريدة الشروق عند بزوغها، افتقدنا كاتبًا متميزًا، يمتلك اللغة؛ فتصير له طيِعة  لينة،يُشكل منها أفكاره، ببلاغة فائقة. وبأسلوبه الأدبى الرفيع كان عماد الغزالى رغم رِقَّتِه يُطلِقُ كلماته كرصاصات ثاقبة، خارقة، حارقة، تُصيب أهدافه، حتى وجدتنى أتخلى عن ايمانى بمقولة عالم اللسانيات، الكونت بيفون الشهيرة التى يقول فيها: «الاسلوب هو الانسان نفسه».. فأنا أرى ـ دائمًا ـ عماد الغزالى رقيقًا، هادئًا، مبتسمًا، مستبشِرًا، مُتفائلًا، لا يعلو صوته فى نقاش، ولا يُجادِل بتكبر، ولا يُصِر على رأى إنْ وجد غيره صحيحًا.. باختصار اسلوب عماد الغزالى ليس أبدًا كشخصه الطيب، فأسلوبه فى الكتابة فيه المصارحة والمُكاشفة والقوة، وتنطلق كلماته ــ كما قُلتُ ــ كالرصاص لتٌصيب أهدافه دائمًا. وهو رغم هدوئه ورِقَّته وطيبته، يقتحم ــ فى غير تردد ودون عِناد ــ قضايا شائكة وشاقة، لا يخشى فيها لومة لائم؛ لأنَّه لا يكتب إلا مايراه حقًا وعدلًا، وإنْ كان مُخالِفًا لكل البشر..

 وقد أهدانى صديقى عماد الغزالى كتابَه الأخير، الذى سماه: «بخار البرِيستو»، وهو عنوان أحد مقالاته فى جريدة الشروق، التى عمل فيها منذ تركنا فى «الوفد» فى شهر مارس 2009 وحتى شهر سبتمبر 2015.. وكان «الغزالى» بمقالاته، يُمثِّل رمانة الميزان، التى تحقق التوازن والتعادل بين كُتَّاب «الشروق» ، فآراؤه ـ فى مُعظمها ــ كانت تُخالف آراء وتوجهات جيرانه من كُُتَّاب الأعمدة والمقالات، مثل: عمرو حمزاوى، وزياد بهاء الدين، وفهمى هويدى. لذلك كان «الغزالى» قيمة حققت للشروق التوازن الذى «كان» يُبرهن على على ليبرالية توجهها.

أعود لكتاب «بخار البريستو»، الذى يضم بين دفتيه معظم مقالات عماد الغزالى على مدار خمسة أعوام، فكانت إثباتًا موثقًا لمواقفه ورؤاه، فيما شهدته مصر من أحداث وصراعات..    ومقالات «الغزالى» فى كتابه ليست شهادة على العصر ــ كما يقول ــ لأنَّ التاريخ لا يعتمد على اليوميات، بل هى شهادة عليه هو شخصيًا.. ويُنبِّهنا إلى أنَّ الحُكم على الأحداث لا يكون أبدًا بالسرعة التى يظنها الظانون، فمثلًا 23 يوليو 1952، رغم مرور أكثر من 60 عامًا عليها، مازالت عليها خلافات، فهناك من يرونها ثورة، وهناك من يرونها انقلابًا. وحرب أكتوبر عام 1973، رغم مرور أكثر من 40 عامًا عليها، مازال حولها جدل. ويؤكد «الغزالى» فى كتابه أنَّه وبعيدًا عمَا سيثبته التاريخ حول 25 يناير 2011، فإنَه  ــ وابراءً لزمته هوــ  يرى أنَّها «انتفاضة»، ويستبعد فى ذات الوقت أنْ تكون «مؤامرة». ويرى أنَ 30 يونيو 2013 «ثورة» عظمى..

ويوزع «الغزالى» 130 مقالًا من مقالاته على أربعة أقسام أو أبواب أو فصول، بعناوين يُعبِّر كل عنوان منها عن فترة زمنية.. القسم الأول عنوانه: «من رحيل مبارك إلى انتخاب مرسى»، يضم 19 مقالًا. والقسم الثانى عنوانه: «حُكم مرسى واخوانه»، يضم 35 مقالًا. والقسم الثالث عنوانه: «30 يونيو وانعدال الموازين»، يضم 27 مقالًا. والقسم الأخير وعنوانه: «الأمل»، يضم 49 مقالًا. وفى كل هذه المقالات وأنت تقرؤها تحس الصدق، وتلمس الجرأة، وترى الشجاعة، وتتذوق حلاوة البلاغة، التى كانت تنبع من مقالات توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وسعد الدين وهبة، ولويس عوض، وعائشة عبد الرحمن، وثروت أباظة، أيام كانوا يكتبون فى الأهرام «زمان»..