عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

دخلت القاعة في جلبابها الذي ترتديه أمهاتنا في الأحياء الشعبية الأصيلة تخفي نصف وجها بطرحة شفافة سوداء لكن الاضاءة المبالغ فيها أظهرت شيئا فشيئا ما كانت تود أن تخفيه عن الناظرين, عيون زابلة ملامح عجوز يائسة رغم ما يبدو من ملامح شباب يفصح عن نفسه في خجل واستحياء بينما تمسك طفلة صغيرة في يدها تواجه صعوبة في مسايرة خطواتها من الواضح أن الطفلة تعاني من إعاقة ما. قطع المشهد كلمات صديقي العالم الذي لا يحمل من مؤهلات سوي شهادته الاعدادية.قال لي كأنه يعرفها منذ سنوات طويلة: دي أم سحر ست عظيمة ستجديها كثيرا في المؤتمرات والندوات. تأتي لتحكي تجربتها مع ابنتها وهي جديرة بأن تسمعيها فهي تعطي الأمل لكل أم شاء قدرها ان يكون لديها ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة أمهات أطفال التوحد. كانت المفاجأة أن سحر ليست طفلة بل شابة تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما. لكن عمرها العقلي وتركيبتها الجسمانية اقل من ذلك كثيرا.لحظات وصعدت الأم وأمسكت بالميكروفون باحتراف ثم بدأت تتحدث لتزداد دهشتي من طلاقتها ورغم بساطة كلماتها كانت علي درجة كبيرة من العمق والمنطق. قالت: دي بنتي سحر اول ما اتولدت حسيت انها مختلفة وكلما كانت تكبر أمام عيني. كانت بتصعب عليا ماكنتش زي العيال فيها حاجة مش طبيعية وأنا ست علي قدي مارحتش لدكاترة وكانت العيال بتضربها لو زحفت للشارع خبيتها في البيت. لا بتتكلم ولا بتشتكي من حاجة واجعاها. انا اللي كنت بتوجع علشانها. وفضلنا علي دا الحال اكتر من 12 سنة ولاقيت بنتي عروسة لكن ميتة في حضني وكنت فاكرة اني كدة بحميها لحد ما زارتني مدام محترمة ماعرفش مين دلها عليا وقالتلي ما تخبيش سحر انت كدة بتموتيها وحرام عليكي كلمتها قطعت قلبي وقلتلها انا هعمل اللي تقوليلي عليه انا ماليش غير سحر خصوصا إن ابوها ما بيسألش علينا من سنين رحت معاها لدكاترة وعملنا جلسات وبصراحة هي كانت بتدفعلي كل حاجة ولما سألتها انت بتعملي معايا كده ليه؟ قالتلي علشان متغلطيش غلطتي وتندمي لما بنتك تموت بين ايديكي بعد ما حرمتيها من الحياة. وعرفت ان تلك السيدة كانت تفعل مثلي لكنها كانت «بتتكسف الناس تعرف أن عندها بنت معاقة. وفضلت حبساها وحاسة انها مصيبة سودة وبلاء الي أن ماتت البنت في غياب أمها التي لم تر منها أي حنان ومن وقتها وضميرها بيعذبها وندرت لله أن تساعد الأمهات علي التعايش مع أطفالهن وتحذرهم من أن يداروا أبناءهم علشان هما رزق من عند ربنا وقدر لازم نرضي بيه. ومن وقتها وسحر بنتي أصبح ليها أم تانية هي اللي اديتها فرصة تعيش بعد ما كنت حكمت عليها بالموت. وعرفت من ساعتها ان اولادنا حتي لو ما بيتحركوش أو مابيتكلموش هما بيحسوا وعاوزين يعيشوا وانا جيت النهاردة علشان أقول لكل أب ولكل أم لو عندك ابن معاق «ماتخبيهوش» اوعي تسيبه يموت حتي لو كان في حضنك. أنهت أم سحر كلامها الذي يمس القلب وهنا قال لي صديقي شفتي حضرتك أم سحر أعطتنا محاضرة في الدمج .لكنها محاضرة من لحم ودم وأنا وأم سحر وغيرنا كتير نتبني فكرة «ماتخبيهوش» ونحاول أن نصل بها لكل من ههم في مثل ظروفنا فقط لإنقاذ الأطفال من كابوس العزلة التي تفرض عليهم إما خوفا عليهم أو خجلا منهم.