عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

ببساطة، وكما تحكي أسفار الكتاب المقدس حدوتة ميلاد يسوع المسيح، لقد رحلت مريم وخطيبها يوسف النجار من الناصرة في الجليل إلى بيت لحم بعد صدور أمر من أوغسطس قيصر بإحصاء سكان الامبراطورية، وبما أن يوسف كان من آل داوود، فموقع تسجيله كان بيت لحم، وعند وصولهما إلى بيت لحم لم يجدا مكاناً للمبيت، وإذ بمريم التي كانت حُبلى تشعر بآلام المخاض للولادة. استقر الحال بهما في أحد الكهوف القريبة التي كانت حظيرة للحيوانات، وهناك أنجبت مريم ابنها البكر وسمته «يشواع»، «يسوع» أي المخلص، ثم لفته في أقمطة ووضعته في مزود (حجر مكور يوضع فيه الطعام أو الماء للحيوانات) واهتمت بأن تضع بعض القش ليصبح المزود أكثر طراوة.

في ليلة ميلاد يسوع المسيح، ظهر ملاك الله للرعاة في منطقة بيت لحم وأعلمهم أمر ميلاد المخلص يسوع المسيح (لوقا 2، 11). وعلامة هذا الخلاص أن يجدوا طفلاً ملفوفاً بالأقمطة وموضوعاً في مزود. في وقت ميلاد يسوع المسيح في بيت لحم حضر حكماء من الشرق (المجوس) وسألوا «أين ملك اليهود الذي ولد؟!» (متى2، 2) حيث رأوا نجمة ظهرت في الشرق فتبعوا النجم وجاءوا ليسجدوا للمولود الجديد حاملين معهم الهدايا، «مراً وعسلاً ولبناً».. أرسل الملك هيرودس ملك اليهود جنوده ليتخلصوا من كل طفل ولد في ذلك العام، فكانت مذبحة رهيبة للأطفال في بيت لحم. لكن ملاك الرب ظهر ليوسف وأعلمه بنية الملك وأوصاه بأن يأخذ الطفل وأمه وأن يهرب إلى مصر, وهكذا فعل مُنقذا بذلك يسوع من بطش هيرودوس الملك، ولتتم فيه النبوءة.

إن هذا النجم هو الضمير الذي ينير سبيل الناس إلى الخير والصلاح والهداية. وقد وصفه أحد المجامع المسكونية «إن الله كمخلص يريد أن يقود كل الناس إلى الخلاص، وأيضا اولئك الذين، دون خطأ منهم لا يعلمون رسالته انما يفتشون عن الله بنية صادقة، ويجتهدون في أن يكملوا بأعمالهم إرادته التي تُعرف لديهم، من خلال أوامر ضميرهم، هم أيضاً يبلغون الخلاص الأبدي».

إن الله يسكن أفئدتنا، رغم ضبابية حالنا وبشاعة المشهد الإنساني العام، لكنه يدعنا نصول ونجول بإرادتنا، ليُعلي فينا الإرادة والحرية اللتين تميزان الإنسان عما سواه من كائنات الدنيا كافة. وكأنه يقول لنا ما نقوله له: «لتكن إرادتك، أيها الإنسان، فيما الواجب يقضي علينا بأن نقول له: «لتكن إرادتك، يا رب»، وأن نعمل بمقتضاها.

أجل تبقى للأعياد فرحتها «العيد فرحة»، وبخاصة الأعياد الدينية التي تسمو فيها العقول والقلوب إلى مولانا القدير لنتعرف على إرادته فينا لنعمل بها طائعين. ونكتشف إرادة الله فينا، على ما يقول الكتاب مخاطبا النفس: «هآنذا أتملقها وآتي بها الى البرية وأخاطب قلبها».

ويذكرنا عيد الميلاد المجيد بما قالته الملائكة في ليلة الميلاد للرعاة : «لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون للشعب كله». وكلمة الملاك لا تزال تتردد عبر الأجيال حتى وصلت إلينا: وهي لا تزال تقول لنا ما قالته للملائكة: لا تخافوا. إن الله هو حاميكم، وهو أقوى من كل الأقوياء. ولكن الله يطلب منا أن نضع ثقتنا به، ونعمل بإرادته، لا بإرادتنا، وأن ننبذ الأحقاد، والبغضاء، والانتهازية الرخيصة البغيضة، والسعي وراء المصالح الضيقة، ولو على حساب مصالح الوطن العامة، وأن نعامل بعضا بعضاً بالرفق والتعاطف المخلص والمحبة المتبادلة. وأن نساعد من يحتاجون من بيننا إلى مساعدة، وهم ليسوا بقلة.

إنا، وهذه حالنا المأساوية، نتلفت إلى طفل المغارة الإلهي لنسأله أن يوطد منا الإيمان به وبعنايته الإلهية، وأن يرسخ في أذهاننا أننا أخوة، وأن هذا الوطن هو لنا جميعاً، فنرأف به ليرأف بنا وبمستقبل أجيالنا الطالعة.

جاء السيد المسيح إلى مصر وضرب أوثانها ليجد المصريون فيه وحد سر شفائهم. إذ كان الصراع القائم في ذلك الحين بين آشور ومصر، فإن مجيء يسوع يُعطي للكل سلامًاً، ويشعر الكل - في المسيح يسوع - أن الأرض للرب، وليست مركزاً للنزاع، ويشترك الكل معًا في العبادة. بها يبارك رب الجنود قائلًا: مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ.

[email protected]