رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو أن الخطوة الأولى التى تسيرها «لوبان» و«ساركوزى» نحو الإليزيه مهدت لها التهديدات الإرهابية وحالة الطوارئ، فجميعنا يعلم أن الانتخابات الفرنسية تمت فى ظرف استثنائى لم تشهده فرنسا منذ عقود، ومع كل ما فعله الحزب الاشتراكى الحاكم من تصرفات أمنية متشددة، الا أن اليمين المتطرف بقيادة حزب الجبهة الوطنية فى الجولة الأولى، حظى بفرصة اقتناصها بحرفية عالية، وما كان سينالها فى ظروف أخرى، وبعيداً عن صدمة النتائج التى فوجئ بها الفرنسيون أنفسهم، الا أن مخاوف المهاجرين والجاليات العربية المسلمة، تزداد يوماً بعد يوم، فالجميع يعلم مدى عنصرية وتطرف حزب مارين لوبان التى تنتهج سياسة إقصائية وعدائية ضد العرب المسلمين، وكثيرا ماعبرت عن آرائها تلك فى العديد من المواقف. والجميع يتذكر لقاءها التليفزيونى الذى قالت فيه لبوتفليقة: اذهب وعالج نفسك فى بلدك لماذا تأتى عندنا ألم نعطكم الاستقلال!.. وشبهت صلاة المسلمين فى الشارع بـ«الاحتلال النازى» لفرنسا، ومن المعروف أن الممثلة الفرنسية المعروفة بريجيت باردو، داعمة لمارين لوبان، ومعربة دائما عن أملها فى أن «تنقذ فرنسا»، كما وصفتها بـ«جان دارك القرن الواحد والعشرين».

والجميع فى فرنسا يخشون من حدوث تدمير لمحال المسلمين كما حدث من قبل مع اليهود فيما سمى من قبل بـ«ليلة الكريستال» (مصطلح يستخدم للإشارة لأحداث التخريب والهجوم المنظمة على اليهود فى ألمانيا النازية والنمسا). وخاصة أن هناك نبرة عدائية تصاعدية ضد العرب المسلمين بدأت تظهر، وهناك من ينادى بأن تكون هناك خانة فى الهوية الشخصية يشار فيها إلى الديانة، وهذا مرفوض ضمن قوانين حقوق الانسان الفرنسية، ويعد عنصرية وأحد أنواع التمييز الدينى!. وهذا الخوف الذى ظهر مؤخراً كان كامناً فى فرنسا، رغم وجود سلسلة كاملة من القوانين والمؤسسات التى تكافح العنصرية بمختلف أشكالها، لكن كل هذه الإجراءات لم تنجح حتى الآن من طرد التمييز من العقول. بطبيعة الحال، عقول نسبة معينة من الفرنسيين وليس كل الفرنسيين. ولا أحد يستطيع أن ينكر، على سبيل المثال، وجود العنصرية المهنية فى القطاع الطبى حيث لا يسمح للأطباء الأجانب بتقاضى نفس الأجر الذى يتقاضاه الطبيب الفرنسى رغم قيامهم بنفس العمل حتى ولو فاقت كفاءة الأجنبى كفاءة الفرنسى.. وفى الواقع إن عهد «مارين لوبان» يختلف عن عهد أبيها «جان مارى» الذى كان يمارس السياسة بمفهومها الأيديولوجى فى حين تحاول «مارين لوبان» زعيمة الجبهة الوطنية الحالية، أن تمارس السياسية بمفهومها «البراجماتى».

وللأسف ان تصريحاتها كلها تحمل نبرة عدائية تجاه المهاجرين، وإزاء الجاليات المسلمة المقيمة بفرنسا، من خلال تلميحها بالرغبة فى تعليق نشاط الجمعيات، التى تدعم المهاجرين، وهذا ينذر بمستقبل مظلم للجاليات العربية والمسلمة الموجودة فى فرنسا. وكلنا يعلم أن «مارين لوبان» قالت عن والدها جان مارى لوبان: «إنه دخل فى دوامة حقيقية بين استراتيجية الأرض المحروقة والانتحار السياسى». ونظرا لهذا عارضت ترشحه لانتخابات مجالس المناطق، «وفى الحقيقة ان الاب يعارض بشدة استراتيجية ابنته على رأس «الجبهة الوطنية». وفى الواقع ان فوز اليمين المتطرف وتحديداً حزب «الجبهة الوطنية» بزعامة مارين لوبان وسيطرتها على ست جهات من اصل 13 جهة فرنسية وحصوله على ما يقارب 43 فى المائة من اصوات الناخبين يتطلب اكثر من وقفة وخاصة مع مقاطعة 48 فى المائة من الفرنسيين هذه الانتخابات، اى ما يقارب نصف الفرنسيين الذين يملكون حق التصويت والترشيح. والحقيقة تقول إن التصويت المكثف على الجبهة الوطنية هو تصويت انتقامى ودق لنقوس الخطر امام الافلاس السياسى لزعماء فرنسا.

 ان الشعب الفرنسى اليوم يحتاج الى سياسة من نوع آخر والى وضوح اكثر يكون فيه اليمين يميناً واليسار يساراً، لذلك فإن من واجب الاحزاب الفرنسية مراجعة نفسها وسياساتها وتجديد أفكارها ونخبها بدل الاكتفاء بتشكيل تحالفات هجينة هدفها الوحيد والأوحد هو قطع الطريق أمام الجبهة الوطنية لكيلا تصل الى الحكم كما يفعلان دائما. والطريف أن الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى رئيس حزب الجمهوريين، يرى «أن النسبة التى حصل عليها اليمين المتطرف فى الانتخابات المحلية الأخيرة وتصويت الأغلبية لمارين لوبان بحزبها الجبهة الوطنية لا تعكس شعبيته، وإنما هى مرآة صادقة تشير إلى كم الغضب والإحباط والقلق الذى أصاب المواطنين الفرنسيين، ونجاح حزب لوبان يرجع إلى الغضب وليس الاختيار السيلم، وإن الفرنسيين لم يقوموا بالتفكير».

فمنذ 30 عاما لم ينتخب غالبية الفرنسيين هذا الحزب لتطرفه وتشدده المعروف لدى الجميع. وانتهازية ساركوزى، بدت بوضوح قبل الانتخابات عندما طالب بإعادة النظر فى اتفاقية «شنجن» التى تسمح بالتنقل الحر بين بلدان الاتحاد الأوروبى. مؤكداً أهمية فتح مراكز خاصة خارج أراضى دول الاتحاد الأوروبى للتحقق من صحة ادعاءات طالبى اللجوء. مع التحلى بالوضوح وتحمل نتائج منع غير الاوروبيين من التنقل الحر مؤقتا فى منطقة «شنجن».. واتهم ساركوزى «فرنسوا أولاند» بالافتقار إلى الرؤية السياسية اللازمة لالتزامه باستضافة فرنسا 24 الفا من طالبى اللجوء، من ضمن سيل المهاجرين الجارف القادم الى القارة الأوروبية من سوريا والعراق وأفغانستان وغيرها... وساركوزى مستعد باللعب على كل الحبال واستغلال كل الفرص للعودة من جديد إلى قصر الإليزيه. ويبقى الحال فى فرنسا مزيجاً من ترقب نتائج المرحلة الثانية، والخوف من قدوم لوبان وساركوزى.