رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الصيني الأصفر أثبت أنه أذكى من هذا الأبيض المتعالي الذى يسكن أمريكا وأوروبا، وأدمن غزو الشعوب واحتلال الدول، وكذلك أقوى من الدب الروسي.. الذي يقتل، عادة، صاحبه بينما التنين لسعا ناره بالقبر!!

ولأن الحرب الدائرة في الشرق الأوسط الآن هي حرب مصالح، لا علي داعش ولا من أجل تحرير الشعوب.. تركت الصين جمل المنطقة بما حمل، للأمريكي والأوروبي والروسي، ليغرقوا في وحله، ويضيعوا في خراب صحاريه، خاصة أن الصين، غالباً، لا تتورط في الخروج، بجيوشها، بعيداً للدفاع عن مصالحها.. فلطالما تحصل بلعب الأطفال والمصنوعات الصغيرة على ما يمكن أن تحصل عليه بالجيوش الكبيرة فلماذا ترتكب حماقة الحرب وتخسر جنودها وأسلحتها وأموالها بينما يوجد على مقربة منها الكنز المدفون في مياه بحر الصين الجنوبي؟!

وبحر جنوب الصين هو بحر هامشي متجزئ من المحيط الهادي، يشمل المنطقة من سنغافورة ومضيق ملقة إلى مضيق تايوان، ومساحته تقارب 3500000 كم2. وتأتي أهمية هذا البحر نتيجة عبور ثلث الشحنات البحرية العالمية بمياهه، كذلك يُعتقد أنه يحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه. كما أنه يربط العالم البحري للشرق الأوسط بمنطقة شبه القارة الهندية بشمال شرق آسيا، ويساوي النفط القادم من المحيط الهندي عبر مضيق ملقا باتجاه شرق آسيا مرورًا ببحر الصين الجنوبي حوالي ثلاثة أضعاف الكمية التي تعبر من خلال قناة السويس، وحوالي 15 مرة مقارنة بالكمية التي تعبر قناة بنما. أضف إلى ذلك أن حوالي ثلثي إمدادات الطاقة لكوريا الجنوبية و60% لليابان وتايوان و80% تأتي عبر بحر الصين الجنوبي.

وبالإضافة إلى أهمية موقع البحر، فإنه يحتوي على حوالي 7 مليارات برميل نفط كاحتياطي مؤكد، إضافة إلى حوالي 900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، فيما يعتقد الصينيون أن باطنه يحتوي على كميات من النفط ممكن أن يجعل من منطقة بحر الصين الجنوبي بمثابة الخليج العربي الجديد.

وتحاول الصين السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره تجارة بحرية يبلغ حجمها خمسة تريليونات دولار سنوياً. كما تطالب بروناي وماليزيا والفلبين وفيتنام وتايوان أيضاً بالسيادة على مناطق بالبحر، وتدعي الصين ملكيتها لجزء كبير من المنطقة يصل لمئات الكيلومترات، وتقول: إن حقها يعود إلى عدة قرون عندما كانت سلسلتا جزر باراسيل وسبراتلي جزءًا من الأمة الصينية، وتشكك فيتنام في سرد الصين التاريخي، قائلة: إن الصين لم تدع السيادة على الجزر من قبل 1940 وأنها –فيتنام- تفرض سيطرتها على باراسيل وسبراتلي منذ القرن الـ 17، ولديها من الوثائق ما يثبت ذلك.. ورغم ذلك بدأت الصين في إنشاء سبع جزر صغيرة في مياه بحر الصين الجنوبي في محاولة لتغيير الوضع الجيوسياسي لصالحها، وصور الأقمار الصناعية تؤكد أنها شيدت الميناء بكل مرافقه، وكذلك المباني العسكرية ومهبطًا للطائرات!

ولأن أمريكا تتعامل مع العالم بوصفها القوة الأكبر، وأن ما تفعله مع دول الشرق الأوسط يمكن أن تفعله مع الصين، وتعتقد أن كل شيء يحدث فيه لا بد من أن يعبر من خلالها، ارتأت أن سيطرة الصين على هذا البحر سيضيف إليها قوة جديدة هائلة فوق قوتها، وأن ذلك يعتبر تهديداً لحرية الملاحة الأمريكية في المحيط الهادئ، وهو ما يعرقل استراتيجية أمريكا في السيطرة على البحار لمواجهة أي تهديد للأمن القومي الأمريكي، عسكرياً أو اقتصادياً، فادعت أن الصين تركت رواسب بناء الجزر الصناعية تنجرف على الشعاب المرجانية، مما قد يهدد البيئة البحرية المحيطة (من الممكن أن تتهم الصين في المرة القادمة بإيواء أعضاء من داعش في الجزر للحصول على موافقة مجلس الأمن على ضربها). بينما الحقيقة أن بناء الصين لهذه الجزر تهدد تريليونات الدولارات قيمة التجارة التي تمر ببحر الصين الجنوبي كل عام، ولذلك أرسلت أمريكا مدمرة صواريخ إلى محيط الجزر الاصطناعية التي شيدتها الصين، وقد تسبب ذلك في اندلاع أزمة حادة بين بكين وواشنطن الشهر الماضي، حيث رفضت الصين هذه التحركات العسكرية بالمنطقة، خاصة بعد أن رصدت طائرة تجسس أمريكية فوق مناطق قريبة من الجزر، وأكدت الصين أن الحرب ستكون حتمية بينها وأمريكا إذا لم تكف واشنطن عن مطالبة بكين بوقف بناء جزر صناعية في تلك المنطقة المتنازع عليها!

وأعتقد أن الصين تستغل، حالياً، التورط الأمريكي الجديد في مستنقع سوريا، ببسط سيطرتها على البحر الجنوبي، ولم تعبأ بإنذارات واشنطن، ولا حتى بتصريحات كبار مسئوليها، ولا حتى بحلفاء أمريكا الإقليميين مثل الفلبين وتايوان وكوريا الجنوبية واليابان، وأعلنت عن نيتها نشر منظومة للدفاع الجوي في تلك المنطقة، وكذلك البدء في استصلاح أراضي الجزر.. ولسان حالها يقول: لقد تركت لكم الشرق الأوسط بخيامه وبتروله وبعيره منذ عشرات السنين.. وقد حانت اللحظة الأخيرة للتنين أن يفرد جناحيه ويطلق نيرانه على كل من يحاول الاقتراب من هذا البحر الكنز!

[email protected]