رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كدت أبكى من أجل حمار يجر عربة وماء المطر قد وصل إلى رأسه تقريباً حتي إن المسكين كان يرفع رأسه ليستنشق بعض الهواء، بينما يضربه شاب على العربة بقوة لكي يُسرع بالخروج من نفق الكوبرى إلى أرض عالية، والحمار الغلبان مُحاصر بين وحشية الذي يسوقه ضرباً على ظهره، والمياه التي ملأت نفق الكوبرى بالإسكندرية وغطت كل ظهره وتتدفق نحو فمه فيرفع رأسه بكل قوته، ولا أظن أنه نجا من الغرق إذا أغلق مصور التليفزيون الكاميرا، حتي لا يثير الفزع في نفوس المشاهدين أو الرعب والأسى الشديدين والدموع عند الكثيرين وأنا منهم.

ولم يكن عند مدخل النفق من يُحذر أصحاب العربة من المجازفة باقتحام بحر المياه التي غطت ظهر الحمار وكادت تبتلع رأسه وهو يقفز لأعلى قفزات متتابعة سريعة، ويسرع خطاه تحت وطأة الضرب بالخشبة الجارحة دون رحمة البني آدم ولا أقول الإنسان لأنه تجرد من مشاعر الإنسانية مثل حال الكثيرين في التعامل مع الحيوانات، وهو ما نهى عنه سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في أكثر من حديث. نذكر منها قوله عن المرأة التي عذبت القطة فدخلت بسببها النار، ولا تختلف تلك المرأة عن سائقى عربة الحمار الذي يجرونه على أن يعبر بهم نهر المياه التي تملأ النفق حتي رأس الحمار المسكين الذي يقاوم الغرق مع عدم رحمة سائقيه الذين يضربونه ضرباً مبرحاً بخشبة طويلة جارحة.

وهذا الذى حدث بالإسكندرية حدث مثله بالبحيرة حيث يصف محرر صحيفة المصرى اليوم رحلته الصعبة إليها لرصد آثار الأمطار الغزيرة علي الزرع والإنسان والحيوان إذ أحضروا له عربة يجرها حصان وسط المياه التي وصلت لحوالى متر ولما تعذر الاستمرار في مشي الحصان أتوا بجنش وكان ذيل الحصان مغموراً في الماء وأظهر احتجاجه بتحريك ذيله بغضب، فنثرت المياه علي ملابس الصحفي ورفاقه وكان الماء مخلوطاً بالصرف الصحى مما زاد الإحساس بالمعاناة، ثم زاد ارتفاع المياه حتي وصل إلى 120 سم أي متر وربع تقريباً والحصان يعاني بشدة حتي إنه أخذ يضرب الأرض بقدمه بشدة واضطر الناس أن يطلبوا منه الكف عن ضرب الحصان.

وما حدث للحمار والحصان كان أخف وأرحم مما حدث للمواشى في البحيرة إذ نفقت أى مات ألف وخمسمائة رأس أغنام وماعز وجمال وقالت الأهرام في عدد الجمعة 6 نوفمبر إن كارثة حلت بمزارع الدواجن إذ تعرضت 15.. نعم خمسة عشر مليوناً من الدجاجات للنفوق بسبب الأمطار وصعوبة وصول الأعلاف إليها.

وصحيح أننا نذبح الدواجن ونذبح الخراف والأبقار في العيد الكبير بالذات ولا نشعر بأى ذنب لذلك لأن الله حلل ذبحها وأكلها ولكن الله لا يقبل تعذيبها دون حساسية إنسانية المخلوق البشري، فإن لم توجد هذه الحساسية الإنسانية فإن السلطة العامة مطالبة بالتدخل لحماية الحيوان من التعذيب، وقد شاهدنا ذلك عند نواصي الطرق التي يقف فيها ضابط وجنديان أو ثلاثة لمراقبة الحمولة الزائدة علي العربات التي يجرها حمار أو حصان فيأمرون بوقفها وحل الحمار أو الحصان من العربة وأخذه إلي العرض أو شفخانة الحيوان.

والإنسان المتحضر في أمريكا وأوروبا لا يعامل الحيوان معاملة مجردة من الرحمة كما شاهدنا في الإسكندرية علي شاشات التليفزيون وصاحب عربة الحمار يدفعه دفعاً وضرباً للسير في بحر الماء الذي ملأ النفق، ولو كان الحمار ينطق لصرخ في وجه صاحبه حرام عليك أيها الظالم المفترى.

لم نر في أمريكا وأوروبا حصاناً أو حماراً في الشوارع والمزارع يُضرب بقسوة ووحشية كما يحدث عندنا، بل لم نشاهد كلباً أو قطة تُضرب، بل تعامل معاملة راقية من صاحبه أو صاحبتها.. وبارك الله في حفيدتى زينب التي ولدت في نيويورك وجاءت إلي مصر لتزورنا مع أمها وانزعجت بشدة عندما شاهدت القطط في الشوارع وسألت أمها.. أين أصحاب هذه القطط ولماذا يتركونها هكذا قذرة.. البنت صاحبة الست سنوات رق قلبها للقطة التائهة في الشارع مثلما رق قلب أمها عندما شاهدت كلباً تدوسه سيارة مسرعة في أكبر شوارع الإسكندرية منكسراً ساقه ويصرخ الكلب المسكين وهو يجرى عابراً الشارع وسمعت بكاءً حاراً في شرفة البيت فأسرعت أستطلع وإذا بها ابنتى أم الفتاة عندما كانت في العشرين من عمرها ولديها الإحساس الإنسانى الكبير نحو الحيوان.