رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وأنت تتابع أزمة غرق الإسكندرية تصاب بحالة من الدهشة لدرجة الصدمة، نوبة من البكاء الهستيري والانفعال الهستيري والضحك الهستيري أيضاً وكأنك «مجنون» أو أصابت عقلك هلوسة مؤقتة تستيقظ منها ولا تدرك أسباب الضحك أو البكاء، لأنها ببساطة أزمة تجمع المبكيات المضحكات.

أولاً - الإسكندرية عروس البحر المتوسط بجمالها وتاريخها تشاهدها تغرق أمامك ودون سابق إنذار - كمواطن بعيد عن متابعة تحذيرات هيئة الأرصاد من موجة الطقس السيئ - وبعيد عن متابعة أحوال المدينة -، هذا المشهد وحده كفيل أن يصدمك ويجعلك تشعر بالتراخي من كل مسئول عن هذه المدينة بعراقتها وتاريخها، وتشعر بارتباك الفساد المستتر خلف كل بالوعة صرف يتواري من سوء ما فعل، خشية المساءلة والمحاسبة، والتفكير طويلاً عن كيفية الهروب و«تستيف» الأوراق وتجهيزها - لا قدر الله ووقع تحت طائلة القانون -، الإسكندرية أصبحت أمامها البحر وفي باطنها، البحر الأول هبة من الله لمصر كلها والثاني نتيجة الفساد المتواري خلف كلمة الإهمال، هذا المشهد يجعلنا نسأل هل الإسكندرية غرقت بالمياه أم بالفساد والإهمال؟، نحن ننسي كل كارثة بسهولة ويسر مبالغ فيه مع مرور الأيام، ولكننا لم نستطع أن نتخلص من الفساد أو الإهمال برغم أنه يعيش بيننا حتي الآن ومنذ زمن طويل، لذلك فقد يبدو لك بعد سحب المياه من الشوارع والميادين وإصلاح التلفيات أن الأمر قد انتهي ولكن غرق الإسكندرية أكبر بكثير من شفط المياه.

ثانياً - المواطن السكندري: مثل أي مواطن مصري يخاف علي  «أكل عيشه» فيذهب له مهما كانت الظروف خاصة تحذيرات هيئة الأرصاد - حتي وإن التفت إليها - فهناك صاحب عمل لا يرحم ولا توجد مطالب حياتية تتوقف، ولكن في هذه النقطة تحديداً قالت هيئة الأرصاد إنها حذرت المواطنين والمحافظ من موجة الطقس السيئ ولكن لم يأت تحذير للمواطنين بعدم الخروج من منازلهم، أو خرج المحافظ عليهم بقرار أن هذه الأيام عطلة رسمية بأجر حفاظاً علي حياة وأرواح المواطنين.

وأنت تبكي حزناً علي صورة الجثة المنقولة وسط المياه الغارقة وكأنها جثة قد تاهت في عرض البحر وسط السيارات الغارقة وكأنك أمام تسونامي في فيلم أجنبي، تجد مواطنا عاديا يستثمر الكارثة ويقوم بحمل الناس من ضفة الطريق إلي الضفة الأخري مقابل أجر، هذا الموقف المضحك في ظاهره ولكنه مؤلم في تفاصيله، إن هذا المواطن يريد أن يعيش، يريد أن يأكل ويشرب يريد أن يعمل ويكسب قوت أولاده وهذه هي الحياة وليس رفاهية منه أن يعمل في مثل هذا الطقس السيئ، أو صورة المواطن الذي تواري في منزله خشية الهلاك فدخلت له المياه مسرعة وتقول له لا مفر، وهو يقول أين المفر، هذا المواطن الذي يحتضن أثاث بيته الذي يؤويه ويلملم أوراق التوت في أحضانه وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه لأنه يدرك جيداً أن العوض عند الله وليس عند المسئول.

ثالثاً - المحافظ ورئيس الوزراء.. في تبريرات منطقية جداً عرض المحافظ - المستقيل - تقريرا شاملا حول تداعيات سوء الأحوال الجوية، مشيرا إلى أنه تم تشكيل غرفة عمليات قبل سقوط الأمطار، وتم توجيه إنذار للنوادى على الكورنيش بدءا من الساعة 3 فجرا، مضيفا أن كميات الأمطار المتساقطة بلغت نحو 3.2 مليون متر مكعب فى الفترة من 9 صباحا حتى 12 ظهرا، وهو ما يمثل 6.5 ضعف الصرف العادى فى 24 ساعة.

وأكد المحافظ أنه تم الدفع بـ38 سيارة لسحب المياه، كما تم الاستعانة بجهود القوات المسلحة، والتى أمدت المحافظة بـ21 عربة إطفاء لشفط المياه، و12 ماكينة شفط، وقامت أيضا بتوفير 15 أتوبيس مينى باص لنقل الأطفال من المدارس، موضحا أنه تم أيضا طلب سيارات من المحافظات المجاورة.

يا جمال هذا التقرير المفصل ! الذي أيضاً قدمه رئيس الوزراء للسيد الرئيس وكتبت بعض الصحف أن هذا التقرير يبرئ المحافظ من الأزمة، نعرف الأزمة جيداً بكل تفاصيلها وأرقامها الدقيقة - بناءً علي التقرير المقدم - ولا نحلها أو نعجز عن حلها فهذه كارثة، والسؤال هل السيد المحافظ أصدر قراراً بمنع الخروج في الشوارع؟ ومنع الأطفال من الذهاب إلي المدارس؟، وإغلاق النوادي والشواطئ بأمر مباشر وفوراً؟، والأهم من ذلك هل قام بالاستعداد في الشوارع بخطة عمل بديلة لمواجهة هذه الكارثة؟، وإعلان حالة الطوارئ في كل الأجهزة المعنية بشكل واضح وصريح للجميع؟، وهل تم إبلاغ مجلس الوزراء والسيد رئيس الوزراء بحجم الكارثة ؟ وحجم الإمكانيات المتاحة والآليات الناقصة أو غير الموجودة ؟ وكم الخسائر والأضرار التي ستقع؟ كل الإجابات عن هذه الأسئلة هي التي تحدد مسئولية المحافظ من عدمه ومسئولية السيد رئيس الوزراء من عدمها، ومدي قدرتهم علي تحمل المسئولية ومحاسبة كافة الأطراف المتسببة في عدم مواجهة هذه الأزمة من المحليات، أما قصة الاستقالة من السيد المحافظ فلم تفد الناس كثيراً سواء كانت إقالة أو استقالة المهم أنه كان يعلم بالكارثة وقدرات المحافظة التي ولي عليها ومواجهتها من عدمه.

والخلاصة أننا بعد كل أزمة أو كارثة تكون هناك استقالة ورصد ملايين الجنيهات لإصلاح التلفيات وإصلاح ما يمكن إصلاحه وننسي الكارثة بكل تفاصيلها حتي نستيقظ من جديد علي كارثة جديدة ونعيد الكرة مرة أخري من استقالة ورصد مبالغ مالية للمتضررين دون تقديم مسئول حقيقي واحد عن الأزمات ثم ننسي ونستمر نبكي ونضحك وتستمر الحياة علي هذا المنوال.

[email protected]