رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يخطئ الجميع الذين لايربطون بين الحملة المنظمة التى تقودها إيران وحلفاؤها فى المنطقة لتدويل الحج، وبين إبرام الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، فما تقوم به إيران من خطوات فعلية لإيجاد «فاتيكان «آخر داخل المنطقة العربية هو بمثابة تنفيذ للبنود غير المعلنة فى الاتفاق النووى الايرانى . لكن على خلاف الجميع يبدو أنّ السعوديين أدركوا أكثر من غيرهم أنّ هدف الحكومة الإيرانية النهائي من هذا الاتفاق هو الهيمنة الإقليمية وأنّ برنامجها النووي هو مجرد وسيلة لتحقيق هذه الغاية.

 ووفق تحليل للخبير في شئون الشرق الأوسط، مايكل توتن، نشر بمجلة «شئون دولية» الأمريكية فأمريكا التى لم تحقق حلمها الكامل فى مشروع الشرق أوسط الجديد تعلم أن إيران ستسهِّل عليها عدَّة ملفَّات: العراق وسوريا أولًا، بعض التأثيرات في لبنان وفلسطين كذلك، اليمن بشكلٍ أساسيّ والسعودية مؤخرا ؛وخاصة أن أمريكا لم تعد ترى فى السعودية حليفها الأهمّ، فقد تصرفت بما يخالف أمانيها، ويبدو أنها ستترك لإيران العنان للتحرك في المنطقة كيفما تشاء طالما تحافظ على مصالح أمريكا. فالتعاون بينهما عندما تجمعها المصلحة ؛سيكون مقدَّمًا على دولة كالسعودية. فمن المعروف أنه توجد في منطقة الشرق الأوسط خمس مناطق ساخنة أو «ممزقة»، وهو ما يسميها به روبرت كابلان في كتابه «انتقام الجغرافيا»، وهذه المناطق هي الأكثر عرضة للصراع من غيرها، ومع تأجج الصراعات في تلك المناطق، أصبح جليا أنّ الحكومة الإيرانية تدعم الميليشيات والجماعات الإرهابية التي تشارك في تلك النزاعات، خاصة في العراق وسوريا.

وهذا الدور الذي تلعبه إيران، هو الكامن وراء اعتبارها مشكلة بالنسبة إلى صانعي السياسة الأمريكية الخارجية، وهذا هو السبب أيضا وراء تخفيف العقوبات التجارية عليها أولا ثم الاتفاق معها ثانيا .لذلك لم يكن غريبا لكل ذى عقل يرى؛ أنه بمجرد إن أعلنت المملكة العربية السعودية عن وفاة 717 حاجاً كان من بينهم 95 إيرانياً وإصابة 836 كان من بينهم 60 إيرانياً جراء تدافع الحجاج في مشعر منى أثناء رمي جمرة العقبة في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حتى حمّل النظام الحاكم في إيران بدءاً من مرشده الأعلى علي خامئني ومرورا برئيسه حسن روحاني ووصولاً إلى خطيب جمعة طهران محمد أمامي كاشان المملكة مسئولية ما حدث. وهو ما فعله ايضا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، ودعا إلى مشاركة الدول التي توفي رعاياها في تحقيقات الحادث.

وفى العراق كانت هناك إشارة واضحة من أجل سحب إدارة الحج من المملكة العربية السعودية وجعلها إدارة مشتركة تكون إيران إحدى دولها؛والطريف أن أحد الايرانيين قال في قناة «المنار» - الذراع الإعلامية لإيران في لبنان - متّهما السعودية بأن بناء «برج الساعة» كان خطأ كبيراً! (لأن الحجاج تركوا الكعبة التي ذهبوا لأجلها، وتفرغوا لمشاهدة برج الساعة)...ومن هنا ظهر جليا للجميع أن إيران أعطت للحدث بعداً سياسياً عملت على تغذيته، لأنه وقع فى وقت تخوض فيه، المملكة العربية السعودية منذ مارس من العام الحالي وحتى وقتنا الحاضر وحلفاؤها من الدول العربية، حرباً مع وكلاء إيران الحوثيين وجيش علي عبدالله صالح فى اليمن.

وفي سوريا تقف المملكة العربية السعودية ضد توجهات إيران التوسعية. ومحاولاتها الرامية أيضا إلى إسقاط النظام السياسي في البحرين. وتلك ليست السابقة الاولى لإيران فى موسم الحج، إذ كان الحجاج الايرانيون ينظمون تظاهرات «البراءة من المشركين» تنفيذا لتعليمات ولي الفقيه الخميني ورفع المتظاهرون شعارات الثورة الإيرانية، وقاموا بقطع الطرق وعرقلة السير، وحاولوا اقتحام المسجد الحرام وتسببت هذه التظاهرات، خلال موسم حاج عام 1987م، في صدامات دامية، وقاطعت إيران بعد ذلك مواسم الحج في الفترة ما بين 1990 و1998. وتورطت إيران أيضا من خلال حجاج كويتيين منتمين لما يعرف باسم بـ «حزب الله الحجاز»، باستخدام غازات سامة لقتل آلاف الحجاج في نفق المعيصم سنة 1989م.

ألم يسأل الجميع لماذا أقامت أمريكا الدنيا وأقعدتها على إدعاء السلاح الكيميائى السورى، فى الوقت الذى أقامت فيه اتفاقا نوويا مع أيران، ألا يشير هذا إلى أن الاخطبوط الايرانى يسيطر على المنطقة ؛ ويعمد الى ضرب استقرار الشرق الأوسط، من خلال الاعتماد على سياسة الانقسامات، واستغلال التوترات الطائفية، واللعب بنيران التطرّف الدينى والحركات الإرهابية، والسعى لهز أركان النظام السنى الذى يتكوّن منه غالبية المسلمين فى الشرق الأوسط، لحساب حركات معارضة شيعية تحظى بالمال والسلاح الإيرانى، ومن أجل هذا قام القادة الايرانيون بمصافحة الأمريكان على مائدة المفاوضات بيد، فى الوقت الذى تمتد فيه يد أخرى لتمويل وتهريب السلاح لكل من يجيد الطعن فى ظهور الدول الأخرى من حولها. وخاصة أن حرس الجمهورية الإسلامية ينظر إلى ما يحدث فى الشرق الأوسط، على أنه فرصة نادرة لا يمكن تفويتها، لاستعراض قوتهم أمام العالم كله، من خلال بسط نفوذهم فى منطقة لا يحكمها غير الاضطرابات، والتقلّبات، والفترات الانتقالية التى لا يمكن لأحد أن يتوقع ما الذى يمكن أن يحدث فيها أو بعدها.