رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أختلف مع الرئيس السيسى حين ينبه لخطورة الحرب النفسية التى تمارس ضد مصر لتفكيك مفاصل الدولة واثارة الخوف والإحباط فى نفوس المصريين وأنها جزء من خطة تفتيت كبرى للمنطقة أرضا وتاريخا وثروة وحقوقا، ولكن ما أختلف فيه مع الرئيس أن هذه الحرب تأتينا عواصفها وسمومها من الخارج فقط. الأخطر يا سيادة الرئيس سموم الداخل التى تتسرب لعروق وعقول المصريين كل يوم على يد كثير من مشاهير ومتاعيس ما يسمى بالنخبة، وانا مندهش ان القانون جرم من يتظاهر بدون إذن ولم يجرم من يقتل المصريين كل صباح ومساء وبدون إذن ايضا على صفحات الجرائد وشاشات المحطات الفضائية.

 أخطر ما كشفت عنه قضية الفساد بوزارة الزراعة ليس اهدار ثروة الدولة المنهوبة والممثلة فى ملف الاراضى ولا فى سقوط مسئول كبير امام غوايات المفسدين، الأخطر ما ستكشف عنه هذه القضية من سقوط مروع لبعض من مشاهير النخبة الإعلامية ونخب أخرى، وهذا الملف قديم وليس ابن اللحظة والحادثة، من مطلع الثمانينيات وارتبطت اسماء كثير من الاعلاميين بأباطرة توظيف الأموال والكثير من رجال الأعمال، وبالتوازى كلما قويت العلاقة بين السلطة ورأس المال قويت بين كثير من رموز الاعلام ورجال الأعمال، شبكة مصالح عنكبوتية نسجت خيوطها وجماعات ضغط ربطت بين كثيرين جمعت بينهم المصالح التى لا تتحقق إلا فى مناخ فاسد.

وقد كان تحول كثير من مشاهير الصحافة من صحفيين إلى مستشارين صحفيين لرجال أعمال ومن صحفيين إلى مندوبى اعلانات وانمحت المسافة بين الاعلام والاعلان وبظهور الفضائيات مطلع التسعينيات قفز الكثير من هؤلاء من المطابع للشاشات دون أدنى معايير مهنية واعتاد المصريون على متابعة مذيع بنصف لسان وربع ضمير وآخر أمنجى برخصة وثالث عبارة عن لاعب سيرك ماهر بدأ يومه الأول فى مسيرته مخبرًا برخصة وانتهى من «نضاله» إلى محلل يزوج الشيطان للمسكينة مصر التى يتغنى بها جهرا ويذبحها سرا.  وتضخم الفساد إلى أن تحول عدد من رؤساء التحرير والصحفيين إلى مقدمى برامج ايذانا باحتكار صناعة وصياغة الرأى العام وتشكيل مزاج المصريين حسب رؤية وهوى «صراصير» المهنة، ولو كانت الدولة جادة فى تحقيق اختراق لملفات الفساد القديمة والجديدة فى مصر فعليها أن تبدأ بملف الفساد «للناعم» الذى يديره عدد من المشاهير الذين تفوح منهم روائح أغلى العطور الباريسية واقذر روائح الفساد والنفاق.

 أخطر شىء أن تترك شعبًا فريسة لعشرة لصوص يكذبون عليه ويضللونه ويسرقونه كل صباح ومساء مع كل ورقة وشاشة ثم يراهم الناس فى صدارة صفوف الوجهاء فى كل مناسبة يخطب فيها الرئيس وفى كل رحلة يقوم بها داخل وخارج مصر. عصابة اصحاب القلم والشاشة يصرخون ببجاحة ضد الفساد وهم أهله وصناعه ويقدمون انفسهم للناس على أنهم ثوار ضد الفساد وهم دولته وتاجه، وأكاد اجزم أن هذه العصابة هى السلاح الحقيقى والحقير بيد كثير من اصحاب المال والمصالح فى مواجهة أى محاولة اصلاحية جادة يخطط لها الرئيس، وأكاد اجزم أن فى مصر اليوم دولة شرعية على رأسها السيسى ودولة إعلامية يتحكم بها زمرة من لصوص الكلمة والصورة والأوطان.

 وأخشى ما أخشاه أن تدير الدولة ظهرها لهذا الفساد ولهؤلاء الفاسدين انطلاقا من قاعدة «شيلنى واشيلك»، يعنى سأسكت عنك وتسكت عنى، وأتصور أن  صمت الدولة ان هى صمتت على شبكات المصالح التى تربط بين رجال أعمال واعلاميين ستظل تمثل زواجًا مشبوهًا وباطلًا بين السلطة وقوى الفساد المختلفة وهذا ما لايتمناه أو ينتظره المصريون بعد أربعين عامًا من النهب المنظم لثروات بلدهم الذى لم يكتب له حتى اللحظة أن يتحول من بلد دمره القهر والفساد إلى بلد ارتقى بالحرية والكرامة ونقاء العباد.

ان أخطر ما يترتب على فساد بعض من النخب فى مصر أن فراغًا كبيرًا تتسع دائرته يلتهم الحياة العامة للمصريين الذين يصبحون بلا بوصلة تهديهم إلى طريق المستقبل وهنا تصبح الفرصة مواتية للفكر الظلامى المتلفح بالدين والتدين ان يملأ الساحة فى ظرف يكون الاحباط وعدم الثقة هما سيدا الموقف والحالة، فعندما يفقد المصريون الثقة بأصحاب الياقات البيضاء والبارفانات الباريسية سيجدون أنفسهم أمام أصحاب العمائم واللحى يبشرونهم بدولة طاهرة نظيفة وبشرع الله الذى يجب كل ما قبله، هنا تقع الكارثة وتتكرر لأن المسألة ببساطة ان المجتمع قدرته ليست بلا حدود  على تحمل الفساد والقهر والنهب ولن يقربه من السلطة إلا شعوره بأن السلطة تقترب من جلاديه ولصوصه ومضلليه وستضعهم أمام سيف القانون الذى لن يفرق بعد اليوم بين صراصير وبهلوانات وأباطرة الفساد.

[email protected]