رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شهدت مصر خلال الأيام القليلة الماضية استقالة وزارة المهندس إبراهيم محلب وتكليف المهندس شريف إسماعيل بتشكيل الوزارة الجديدة، ويثير ذلك في ذهن المواطن المصري عدة تساؤلات مهمة تتعلق بتوقيت التغيير ومغزاه ودلالاته وأسبابه، والتوقعات التي ينتظرها المواطن في مصر من الوزارة الجديدة، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية:-

أولا: إن التغيير من طبائع الأشياء، ويقصد بذلك أن تغيير الوزارة يكون من الأمور الواردة في أي دولة وفي أي فترة زمنية مع ضرورة التفرقة بين التعديل الوزاري والتغيير الوزاري، فالتعديل يرتبط بتغيير عدد محدود من الوزراء وربما لا يمتد غالبا إلى شخص رئيس الوزراء أما التغيير الوزاري فينصرف في أغلب الأحيان إلى تغيير الوزارة بأكملها أو تغيير عدد كبير من الوزراء بما في ذلك تغيير شخص رئيس الوزراء، وبطبيعة الحال فإنه توجد عدة أسباب للتغيير الوزاري ربما ترتبط بأن أداء بعض الوزراء لم يكن على المستوى المتوقع والمأمول من الشعب والذي يعتبر المقياس المهم والجوهري لمعرفة مدى أو درجة نجاح الوزارة من عدمه، فالمهم في جميع الأحوال أن يكون أداء الوزارة متقبلا من جانب الشعب، ويقصد بذلك أن يشعر المواطن بالتحسن في أحواله المعيشية واليومية ويشعر بأن الصعوبات التي يواجهها تجد طريقها إلى الحل مثل المشاكل والقضايا المتعلقة بالتعليم والصحة والمرافق ومكافحة البطالة والتضخم وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسن الظروف الأمنية، ومكافحة الفساد، ويكون تقييم المواطن لأي وزارة بمدى قدرتها على التعامل مع هذه القضايا وانعكاسها على المواطن، مع ملاحظة أن المواطن ربما لا يهتم كثيرا بالقضايا المتعلقة بالاقتصاد الكلي مثل تخفيض عجز الموازنة أو تخفيض الدين الخارجي أو الداخلي، بل يكون اهتمامه منصبا في الأصل على مدى استفادته المباشرة من أداء الوزارة.

ثانيا: إن الوزارة الجديدة تتولى مهامها في فترة دقيقة من مراحل التطور السياسي للوطن، وفي فترة تتسم بتعدد التحديات التي تهدد مصر وأمنها القومي سواء كانت هذه التحديات سياسية أو اقتصادية أو أمنية، وسواء كانت تحديات داخلية أو اقليمية أو دولية، ولذلك فإن الوزارة الجديدة يقع على عاتقها مواجهة هذه التحديات والتعامل الصحيح معها، وأن تكون على درجة من الأداء الجيد الذي يتناسب مع طموحات وتطلعات المواطن المصري ولعل من أهم التحديات بالنسبة للوزارة الجديدة ما يلي:

أ- تحدي مواجهة الإرهاب والفساد، وهما من التحديات الجوهرية التي تواجه الوطن فمن المرغوب فيه استئصال الإرهاب تماما حتى يشعر المواطن بالأمن وحتى يكون المناخ ملائما لجذب الاستثمار ودفع عملية التنمية، كذلك من المرغوب فيه وعلى التوازي مع مكافحة الإرهاب التصدي الناجز للفساد تحقيقا لدولة القانون وبحيث لا يكون هناك أي فرد أو جماعة أو فئة أو مسئول فوق القانون، فالقانون يطبق على الجميع وأن انتشار الفساد يؤدي إلى اعاقة التنمية كما يمكن أن يؤثر سلبا على أي نظام سياسي.

ب- الملف الاقتصادي والذي يتعلق بدفع عملية التنمية وتحقيق المشروعات الاقتصادية العملاقة مثل تنمية محور قناة السويس والبدء في مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان وبداية العمل في العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة وغيرها من المشروعات المهمة مع ملاحظة أن هناك تحدياً آخر يواجه عملية التنمية وهو تحدي الزمن أي أن المطلوب أن يبدأ العمل في هذه المشروعات في أسرع وقت ممكن وأن يتحقق الإنجاز كذلك في أسرع وقت ممكن.

ج- إدخال الإصلاحات اللازمة على الجهاز الإداري للدولة والتخلص مما ينطوي عليه من سلبيات عديدة، فالجهاز الإداري هو الجهاز الذي يتعامل معه المواطن يوميا لإنجاز مصالحه المختلفة وهو الذي يعطيه تصوره عن الدولة وعن النظام السياسي سواء كان هذا التصور ايجابيا أو سلبيا.

ثالثا ضرورة تواجد استراتيجية للعمل الحكومي، ويقصد بذلك أن تكون هناك خطة طويلة الأجل للوزارة ككل ولكل قطاع وزاري على حدة وأن تكون هذه الخطة الطويلة أو الاستراتيجية مقسمة إلى خطط قصيرة ومتوسطة المدى، ويترتب على ذلك أن تكون هناك أهداف تسعى الوزارة ككل وكافة القطاعات الوزارية إلى تحقيقها بصرف النظر عن الأشخاص، أي شخص رئيس الوزراء والذي يكون عرضة للتغيير بين فترة وأخرى، أو أشخاص الوزراء والذين يكونون أيضا عرضة للتغيير بين فترة زمنية وأخرى وأهمية ذلك إضفاء الطابع المؤسسي على الوزارة، وبحيث لا يأتي كل وزير أو رئيس وزراء فيهدم ما سبق ويبدأ من جديد، فالمطلوب دائما تحقيق التراكم في الأداء وأن يأتي كل وزير أو رئيس وزراء ويبني على ما سبق وفقا للتوقيتات الزمنية الموضوعة لتحقيق الأهداف وهو ما يؤدي إلى تراكم الأداء والإنجاز ويؤدي إلى التقدم ونتمنى في النهاية أن تكون الوزارة الجديدة على مستوى طموحات وتوقعات شعب مصر وعلى مستوى التحديات التي تواجه الوطن في هذه المرحلة.

استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة