رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المصري طول عمره في عذاب.. حتي مشروع القنال تم بالسخرة وحفروها بأيديهم.. ورجليهم وبالكرباج وبدون أجر.

ده حسب العقد المبرم بين الماكر المهندس ديليسبس والخديو سعيد حاكم مصر عام 1855.. ولم يعترض.

حفروها يدوي ليه؟.. لأن المهندس خاف علي الكراكات تبتلعها طينة البرك.. يعني الكراكة كانت أغلي من المصري.. كان الفلاح واقفاً في الطين مغمور حتي وسطه وبيحفر بإيده وبالفاس والغلق ومكافأته كانت الضرب بالكرباج، لو ريح شوية وقليلاً من العسل والخبز والبصل.. إيه الكرم ده؟

بورسعيد اسم مكون من جزءين، بورت بمعني ميناء، وسعيد اسم المحروس الخديو سعيد، الذي وقع عقد الحفر المتجني علي المصريين عام 1855 م.

اختاروا بورسعيد لتكون أول الطرف الشمالي للقنال علي أن تكون غرب القنال، نظراً لأن دلتا نهر النيل تقع في الغرب من المشروع، وهي مصدر رئيسي ومهم لإمدادات المياه والمواد الغذائية للعاملين.

موقع مدينة الفرما «بورسعيد» حالياً، كان عبارة عن أرض رملية واسعة مليئة بالبوص والبردي، وفي زمن الفيضان كان يغمرها البحر المتوسط وبحيرة المنزلة وتحولها إلي أرض طينية ويسكن علي الشاطئ بعض الصيادين للأسماك والطيور البحرية المهاجرة سكناً موسمياً، بعشش من الخوص والأخشاب.

في عام 1856 وقع عقد امتياز حفر قناة السويس وإنشاء الشركة العالمية لقناة السويس مع المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس.

كان العقد ينص علي أن أربعة أخماس العاملين من الفلاحين المصريين وبدون أجر، مما اضطر الحكومة لجمع السخرة ملزمة.

عبر أهالي القناة عن مآسيهم من الحفر والسخرة والجوع وفقد الزملاء والكرباج العنصرية التي نفذها الأجانب، عبروا عن كل ذلك بالأغاني علي آلة السمسمية، فهي الآلة الخاصة بأبناء مدن القنال الثلاث حتي اليوم.

حي العرب اللي ساكن فيه العمال المصريون يتكون من عشش جريد أو خشب، أما حي الأفرنج يتجمع فيه مبانٍ ضخمة علي أحدث الطرز الأوروبية ويسكنه اليونانيون والأجانب فقط.. تميز وعنصرية فاضحة وقاسية، واستمرت حتي خروج الأجانب.

رحل الاستعمار وانتهي الامتياز نتيجة التأميم وبقيت الفيلات والقصور شاهد عيان علي عصر يتميز فيه المصري ببسالته وتضحياته حيث توفي ما يقرب من 120 ألف فلاح مصري خلال 10 سنوات حفراً وتعداد مصر 4 ملايين.

العظيم الخديو إسماعيل أصر في عهده علي إلغاء السخرة ودفع أجر العمال وعدل اتفاقية 1855 مما اضطر إلي دفع تعويض كبير بناء علي حكم نابليون الثالث، كان إسماعيل وطنياً محترماً يحب مصر والمصريين.

في عام 1863 أصدر إسماعيل فرماناً بأن تكون بورسعيد عاصمة منطقة القناة، نظراً للنمو السكاني المطرد والكبير وأهميتها بالنسبة للمدخل الشمالي.

عين إسماعيل السيد إسماعيل حمدي أول محافظ لمدن القنال وعاصمتها بورسعيد.

بورسعيد منطقة جاذبة لكل الجنسيات لأنها مدينة ومركز مشروع عالمي يتمتع بفرص عمل ومستقبل كبير للاستثمارات البحرية وغيرها.

بورسعيد كانت تضم نخبة من جميع جنسيات العالم، وكل جنسية لها طابعها وتجمعاتها وكنائسها في حي الأفرنج وبورفؤاد، لذلك تحولت إلي مركز يضم مواطني عدة دول وتطورهم ونهضتهم الحضارية.

في عام 1867 قسمت المدينة إدارياً إلي جزءين، العرب والمناخ للمصريين، والأفرنج للأوروبيين وهذا نفس التقسيم الذي نفذه ديليسبس عام 1855.

تمكن بعض المصريين من السكن في حي الأفرنج لظروف عملهم المتميز في الشركات الأجنبية والبنوك أو لمواقفهم في المجتمع ومدي ارتباطهم بأعمال ومصالح مع الأجانب وكذلك مستواهم الراقي.

لقد كان سلوك الأجانب حضارياً جداً ومستمتعين بأوقاتهم ويمارسون عاداتهم وتقاليدهم بطرق حضارية وإمكانيات وفكر حديث موسيقي، رقص، رياضة، فنون حتي أسواقهم مميزة ونظيفة، النوادي البحرية، البلاجات، الملابس الشيك الحديثة، أسلوب الحوار والحديث والصدق والأمانة في كل شيء وعدم التدخل في حياة الآخرين، قمة التحضر بعيداً عن التخلف والبلطجة والإسفاف.

بصراحة تربينا بينهم ومازالت بيوتنا حتي اليوم شاهداً علي ذلك، حيث كان حظي أنني ولدت في حي الأفرنج بينهم وتعلمنا منهم الكثير في كل شيء والاهتمام بالعلم والثقافة، خاصة الاهتمام بالسينما، حيث كانت السينما العالمية والمصرية في مجدها.

وها هو حي الأفرنج الذي كان ممتلئاً بالزهور وروائح الفل والياسمين والطرق النظيفة التي تغسل كل يوم مساء.

حي الأفرنج ممتلئ بالزبالة والمخالفات والبلطجة.. ناهيك عن حي العرب والمناخ والزهور.. حدث ولا حرج.

المنسق العام للوفد

رئيس لجنة الثقافة والفنون