رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يبدو أن الأيام القادمة ستضيف اسم «ستيفان دي ميستورا» إلي قائمة الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان، وغيرهم المصابين بلعنة الملف السوري الذي ترك علي سيرتهم الذاتية نقطة سوداء لفشلهم بمهمتهم الدبلوماسية لحل الأزمة السورية.

الطريف أن تاريخ «دي ميستورا» الدبلوماسي يدل علي فشله في كل المهام التي وكلت إليه، بدءاً من جنوب لبنان عام 2001 مروراً بالعراق عام 2007 وانتهاء بأفغانستان عام 2010، وهذا للأسف يشير إلي أنه لا يوجد مجال للشك بل أصبحنا علي يقين بأن الحل السياسي لسوريا يبتعد كلما اقتربنا منه، خاصة مع تحول الميدان السوري إلي حلبة صراع أممي بعد دخول كل أشكال وألوان الجماعات المتطرفة إلي المشهد لتزيده تشويهاً وتعقيداً.

والسؤال الآن هل سيظل الملف السوري علي الطاولة للتفاوض دون تقدم؟.. وماذا سيضيف التقرير الجديد الذي قدمه «ستيفان دي ميستورا» للأمم المتحدة حول الأزمة السورية، ودعا فيه لتشكيل مجموعات عمل مشتركة بين النظام والمعارضة للاتفاق علي أربع قضايا أساسية، تناقش قضايا تتعلق بالسلامة والحماية والسياسة والقضايا العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والإعمار، قبل تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، وهي المبادرة أو الاقتراح الثالث الذي يقدمه بشأن الأزمة السورية بعد مبادرتين لم يُكتب لهما النجاح، وقد أثار التقرير المذكور ردود فعل غاضبة، نظراً لتجاهله المعاناة السورية، وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي أجمعت المنظمات القانونية ومنظمات حقوق الإنسان علي أن نظام الأسد قد ارتكبها!

وعلي الجانب الآخر تري المعارضة أن الظروف غير متوفرة للوصول إلي حل سياسي بسبب طبيعة النظام السوري الذي لم يبد، منذ وجد، أي استعداد لقبول مطالب وحقوق الشعب السوري، وبالتالي فإنه بغياب قوة الإلزام والضغط الحقيقي سيواصل رفض هذه المطالب والحقوق، وسيواصل التحايل علي القرارات الدولية التي تطلب منه الدخول في عملية سياسية جادة، والمعارضة تري أيضاً أنه منذ جنيف، وحتي في موسكو، لم يوافق النظام علي الدخول في مفاوضات سياسية، وحوّل الموضوع كله إلي مكافحة الإرهاب، الأمر الذي يجعل فرص الالتقاء معه علي قواسم مشتركة معدومة، فلا بوادر تلوح في الأفق لتجميد القتال في حلب ولكن مزيداً من المراوغة انتهت إلي لا شيء علي الإطلاق.

وللأسف أنه حتي الآن لم تتخذ أي إجراءات ضد جميع الميليشيات غير السورية الموجودة في سوريا، ومنها ميليشيات حزب الله المتعصب الطائفي الإرهابي وميليشيات أبوالفضل العباسي، فالجميع يعلم أن إيران لا هم لها سوي إشعال صراع سني - شيعي في المنطقة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل عشر سنوات، وما يحدث الآن لا يخرج عن كونه انحيازاً وازدواجاً في المعايير غير مقبولة أبداً، مما يجعل مهمة محاربة الإرهاب مستحيلة، وأنه من العبث معالجة نتائج وتجليات الإرهاب دون معالجة أسبابه ومنابعه.

والغريب في الأمر أن خطة المبعوث الدولي التي لا تندرج تحت أي مسمي قانوني دولي، كالمنطقة الآمنة أو مناطق منزوعة السلاح، تحتاج إلي إيضاحات لحدودها وآليات تطبيقها، وقد طرح هذه التساؤلات وزير المصالحة الوطنية، علي حيدر، متسائلاً: «هل الخطة مجرد تجميد للوضع الراهن أم تتضمن السير في عمليات مصالحة علي مستوي المناطق، وصولاً إلي إخلاء هذه المناطق من السلاح والمسلحين والإرهاب والإرهابيين».

قد يري البعض أن خطة «دي ميستورا» هذه المرة كانت أكثر طموحاً، وتذهب إلي حد تحييد المدينة بأكملها، فهل تلوح في الآفاق بارقة أمل، خاصة أن الأمم المتحدة تشعر بأنها مجبرة علي الاستمرار بالسعي لحل سياسي لسوريا علي الرغم من عدم وجود أسس يقوم عليها هذ الحل لاقتناع كل طرف أن علة الميدان السوري هي قدرته علي الحسم العسكري، خصوصاً طرف النظام وحلفائه.. والسؤال الملح علينا جميعاً: متي نعمل علي مراعاة مشاعر مئات الآلاف من السوريين الذين كانوا ومازالوا يعولون علي حل سياسي لوضع حد لمأساتهم منذ أكثر من 4 سنوات، وعدم الاكتفاء علي إبقاء الملف السوري علي الطاولة مع غياب التوافق بين أطراف الصراع في سوريا علي سلوك المسار السياسي للحل.. إننا للأسف أمام معضلة كبيرة، خاصة مع التطورات الكبيرة التي شهدتها المنطقة الشمالية في سوريا بعد دخول تركيا رسمياً في المواجهة تحت شعار مواجهة «داعش» وحماية حدودها.

فالجميع يعلم أن التدخل التركي المباشر تشير معطياته إلي أنه سيكون عاملاً لمزيد من التأزيم الأمني، إلي جانب عدم حماسة قوي المعارضة السورية للمشاركة في مجموعات العمل التي يقترحها «دي ميستورا» مما يجعل تلك المبادرة بمثابة مسمار جديد في نعش الحل السياسي، علي الجانب الآخر هناك قوي شد وجذب في كواليس دول ما كان يسمي بأصدقاء سوريا، فالجميع يعلم أن وجهة نظر فرنسا غير المعلنة تري أن اقتراحات «ستيفان دي ميستورا» تأتي دائماً بناء علي رغبة أمريكية - روسية، من أجل إنهاء عمل مجموعة أصدقاء سوريا، لمصلحة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وأن روسيا كانت تطالب بضم إيران إلي الدول المشاركة في مؤتمر جنيف 1 وجنيف 2، ومع الاتفاق النووي الإيراني - الأمريكي يبدو أن الأمر أصبح ممكناً الآن، وهذا لا يعني فقط وجود إيران ضمن مجموعة العمل الدولية بالشأن السوري، ولكن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد أيضاً في منصبه، ولأن القرار بيد الأمريكي، المنسق حالياً مع الجانب الروسي، لذلك فالأيام القادمة قد تحمل المزيد من المفارقات غير المتوقعة بشأن الملف السوري.