عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يذبح مشروعات البتلو؟

بوابة الوفد الإلكترونية

ألقت مشكلة نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها ثلاثة أضعاف خلال أقل من عام، بظلالها على أسعار اللحوم، إذ قفز سعر كيلو اللحم القائم إلى حوالى ١١٥ جنيهًا، وبحسبة بسيطة أكدها عدد ممن يعملون فى مهنة الجزارة أن سعر اللحم المذبوح لن يقل عن ٢٥٠ جنيهًا بأى حال من الأحوال.

 

كما أكدوا أيضاً أن الأسواق أصبحت خالية من عجول التسمين، والأوزان الموجودة خفيفة ولا تتعدى ٣٥٠ كيلو جرامًا قائمًا، وهذا الأمر يسبب لهم خسائر فادحة بسبب قلة نسبة اللحوم الصافية بعد استبعاد العظام و«العفشة» والجلود.

 

ترجع قلة المعروض وانخفاض الأوزان من عجول التسمين إلى خروج كثير من المربين من مجال التربية بسبب ارتفاع تكلفة العلائق وعدم استقرار خاماتها فى الأسواق، والأمر نفسه يتكرر مع مربى عجول البتلو والذين لحقوا بزملائهم فى التسمين لنفس السبب.

 

وتحولت منطقتا شمال الجيزة وجنوبها إلى مذابح علنية لصغار العجول دون شفقة.

 

واحتلت قرى الوراق شمال الجيزة وقرى البدرشين فى الجنوب المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية على حد تقدير بعض التجار الذين أكدوا أن ما يذبح يوميًا فى محافظة الجيزة وحدها بزيد على ألف عجل بتلو لا يزيد وزنه على 50 كيلو جرامًا.

 

وفى جولة تفقدية سريعة من القائمين على المشروع القومى للبتلو فى قرى المركزين، ‏سيرى المسئولين كيف تذبح العجول الرضيعة التى لا تتجاوز وزنها 50 كيلو جرامًا على الطرق السريعة عينى عينك، وكيف تغوص أقدام المارة وعجلات السيارات فى دمائها المتناثرة دون أن يرق لهم قلب، أو يرتجف لهم جسد، بداية من توثيق الرضيع، «ونفخة» بجهاز «كمبروسر» هواء ثم ذبحه، وسلخه، وتقطيعه وبيعه لأصحاب السيارات الفارهة، التى أغلبها من المسئولين، دون أن يفكر أحدهم أن الدولة تنفق المليارات على هذا المشروع وتسن القوانين التى تجرم ذبح الرضع من عجول البتلو، التى يجب تربيتها وتسمينها لتصبح عجولًا لإنتاج اللحم أو إناث لإنتاج الألبان.

 

وبنظرة سريعة إلى الدعم المقدم للمشروع القومى للبتلو فنجد أن الدولة ممثلة فى قطاع الثروة الحيوانية بدأت دعمه منذ عام 2017 بـ100 مليون جنيه، وتمت إضافة 400 مليون جنيه أخرى خلال عامى 2018 - 2019.

 

وتمت إضافة 4,6 مليار جنيه خلال عام 2020 وحتى مارس 2021، ليصبح إجمالى المخصص للمشروع القومى للبتلو الآن 5٫1 مليار جنيه وقفز إجمالى ما تم تمويله للمشروع حتى نوفمبر ٢٠٢٢ أكثر من 7٫327 مليار جنيه لأكثر من 41٫7 ألف مستفيد، لتربية وتسمين ما يزيد على 473 ألف رأس ماشية سواء كانت عجولًا لإنتاج اللحوم، أو إناثًا عالية الإنتاجية.

 

ونعيد طرح السؤال بطريقة أخرى على وزير الزراعة السيد القصير ونائبه مصطفى الصياد وهو: «إذا كان هذا الدعم، وهذه المليارات المقدمة فى صورة قروض، بفوائد تصل فى بعض الأحيان إلى ٣% وبطرق سداد ميسرة تصل إلى مستحقيها ويتبعها رقابة «مشددة» فلماذا وصل سعر كيلو اللحم إلى 250 جنيهًا؟ مع العلم أن كيلو اللحم البتلو يباع بـ120 جنيهًا، فى هذه الأماكن التى ذكرناها، التى يجوب لأجلها التجار وأصحاب

محلات الجزارة القرى والعزب، لشراء صغار البتلو من الفلاح البسيط، الذى عجز عن شراء الذرة والنخالة لسد جوع البقر والجاموس الحلاب، التى يعيش على إنتاج ألبانها».

 

أما أصحاب المشاريع الذين حصلوا على قروض بالمليارات فلا تجد رقابة حقيقية من وزارة الزراعة، متمثلة فى قطاع الإنتاج الحيوانى، بمديريات الزراعة على مستوى الجمهورية، لأنه ببساطة شديدة خرج معظم المهندسين إلى المعاش، ولا يوجد بها سوى من تبقى لهم سنوات قليلة، ولا يستطيعون المتابعة المستمرة للمشروع.

 

وبعض أصحاب تلك المشاريع، باعوا رؤوس الماشية، ووضعوا ثمنها فى شهادات البنوك التى تدرجت فوائدها فى الارتفاع من 18% إلى 25% ليربح أصحاب هذه المشاريع 22% ربحًا صافيًا بعد سداد نسبة الـ3% التى حصلوا بها على القروض.

 

وإذا كانت الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة تريد نجاح المشروع ووفاءه بالغرض من إقامته، عليها أن تغير سياسة الدعم الحالى وتطبق الدعم العينى المباشر للمربين، والمتمثل فى صرف علف مدعم لحساب المشروع القومى للبتلو لكل من يثبت بالمعاينة من الجهات المعنية أن لديه عددًا من الرؤوس يسعى لتسمينها أو تحويلها إلى رؤوس حلاب، وبناء على هذه المعاينات يتم صرف الإعلاف اللازمة لكل رأس حتى نهاية الدورة، على أن تخصم نفس النسبة من المبلغ المرصود من الحكومة لهذا المشروع وهو 7 مليارات جنيه بدلًا من ضياعها ما بين طمع الدخلاء فى الحصول على الأموال وليس رؤوس الماشية، أو التعثر الذى يؤدى إلى الخسائر وبالتالى ضياع أموال المشروع، بعكس الدعم العينى الذى لا يحصل عليه سوى من قام بشراء رؤوس الماشية وتجهيزها ولديه الخبرة الكافية لانجاح المشروع.

 

وأخيرًا نؤكد للحكومة أن معيار نجاح المشروع من فشله، هو مدى مساهمته فى خفض أسعار اللحوم والألبان الآخذة فى الزيادة.

كما يبدو نفس الأمر فى اللجوء إلى الاستيراد والتوسع فيه، وهو ما يعكس أن المشروع فى حاجة إلى معالجات غير تقليدية، لإنجاحه، وتحقيق أقصى استفادة، من مليارات الجنيهات التى رصدت له منذ عام 2017 وحتى الآن.