رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإسراف والتبذير في الإسلام

مبارك علي محمد علي
مبارك علي محمد علي

قال مبارك علي محمد علي، إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، إن الإسراف والتبذير في الطعام،  سلوك مذموم يرفضه الإسلام، ولا يليق بالعبد المؤمن أن يكون مسرفاً، لأن الله تعالى لا يحب المسرفين، قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31.

 

اقرأ أيضا: دعاء قيام الليل: اللهمّ لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكّلت

تضييع لنعم الله:

وأضاف علي في تصريحات  خاصة لـ"بوابة الوفد"، أن ، الإسراف في الطعام والشراب من التبذير؛ لما فيه من تضييع لنعم الله تعالى التي يجب أن تُشكر ولا تُكفر، والله تعالى يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26، 27]، ويقول سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].

وتابع:"عن أنس رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث، وقال: (إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ)، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ [أي نمسحها ونتتبع ما بقي فيها من الطعام]، قَالَ: (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ) رواه مسلم.  ولأن الإسراف من مساوىء الأخلاق التي تعود على صاحبها وعلى المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار فإن الله عز وجل قد نهى عباده عنه فقال: ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

واردف:" قال تعالى ممتدحا أهل الوسطية في النفقة الذين لا يبخلون ولا يسرفون : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)، وقال عز وجل : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة ".

وأشار إلي أهمية عدم صنع كميات كبيرة من الطعام تزيد عن حاجته، فإن زاد عن حاجته شيء، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد وجهنا بقوله: (وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ)، قال راوي الحديث: (حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ) رواه أبو داود.

وللإسراف والتبذير أسباب وبواعث توقع فيه، وتؤدي إليه، نذكر منها:

1 - جهل المسرف بتعاليم الدين الذي ينهى عن الإسراف بشتى صوره ، فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً).

وفي الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين).. ومن نتيجة جهل المسرف بتعاليم الدين مجاوزة الحد في تناول المباحات، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات، وبالتالي الكسل والتراخي، مما يؤدي به إلى الإسراف. جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف..".

2- وقد يكون السبب في الإسراف إنما هو الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أن تكون، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت ولا تستقر على حال واحدة. والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها، وندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال وصحة إلى وقت آخر.

3- السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر، ذلك

أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر، فإذا هم صابرون محتسبون، وقد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق، أو اليسر بعد العسر، وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماماً، فيكون الإسراف والتبذير.

5-  صحبة المسرفين: وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين ومخالطتهم، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله، إذ أن المرء كما قال صلى الله عليه وسلم: "على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".

6- حب الظهور والتباهي: وقد يكون الإسراف سببه حب الشهرة والتباهي أمام الناس رياء وسمعة والتعالي عليهم، فيظهر لهم أنه سخي وجواد، فينال ثناءهم ومدحهم، لذا ينفق أمواله في كل حين وبأي حال، ولا يهمه أنه أضاع أمواله وارتكب ما حرم الله.

7- المحاكاة والتقليد: وقد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير وتقليدهم حتى لا يوصف بالبخل، فينفق أمواله كيفما كان من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها.

احذر عاقبة الإسراف!

 فعاقبته وخيمة وقد يكون سبباً للعقوبة وزوال الأموال، وإفقار الناس؛ حتى يتمنوا ما كانوا يُلقون بالأمس في النفايات -عياذاً بالله- وكم يمر بالناس من عبر في ذلك ولكن قلَّ من يعتبر؛ فكم من أسر افتقرت من بعد الغنى؟! وكم من دول بطرت شعوبها وأسرفت على نفسها فابتلاها الله بالحروب والفتن التي عصفت بها، فتمنَّى أفرادها بعض ما كانوا يملكون من قبل؟! والتاريخ مليء بأحداث من هذا النوع؛ فالمعتمد بن عَبَّاد -رحمه الله- كان من ملوك الأندلس، ويملك الأموال الطائلة، والقصور العظيمة، ولما اشتهت زوجتُه وبعضُ بناته أن يتخوَّضن في الطين أمر بالعنبر والعود فوُضع في ساحة قصره، ورُشَّ عليه ماءُ الورد وأنواع من الطيب، وعُجِن حتى صار مثل الطين؛ فتخوَّضت فيه أسرته المترفة، وما ماتت تلك الأسرة المترفة حتى ذاقت طعم الفقر وألم الجوع؛ إذ استولى "يوسف بن تاشفين" على مملكة ابن عباد، وكان النسوة اللائي تخوَّضن في العود والعنبر لا يجدن ما يأكلن إلا من غزل الصوف بأيديهن الذي لا يسد إلا بعض جوعهن. وهذا أبو عبد الله الزغل من آخر ملوك غرناطة الأندلسية باع أملاكه فيها بعد أن استولى عليها النصارى، وحمل مالاً عظيماً قُدِّر بخمسة ملايين من العملة المعروفة آنذاك.

لمزيد من الأخبار..اضغط هنا