عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقص المواد الخام يهدد صناعة الجلود

بوابة الوفد الإلكترونية

صناعة الجلود إحدى أهم الصناعات المصرية ومنتجاتها تتميز بالجودة مقارنة بالمستوردة من الخارج، لكن فى الفترات الأخيرة تعانى هذه الصناعة بشدة نتيجة مجموعة من الأسباب أبرزها، ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وعدم القدرة على منافسة المنتجات المستوردة رخيصة الثمن.  وجاءت قرارات تخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بنسبة 15% مع وقف العمل بمستندات التحصيل فى الاستيراد، بمثابة الصاعقة على مستثمرى وصناع الجلود، لأن التصنيع المحلى يعتمد بنسبة كبيرة على استيراد مكونات ومستلزمات الإنتاج من الخارج، وبالتالى شهدت أسعار المواد الخام ارتفاعا كبيرا وصل إلى 60% خلال الأسابيع القليلة الماضية.

هذا الارتفاع الكبير فى الأسعار أثر سلبا على عجلة الإنتاج وأسعار المنتجات النهائية، فمن جهة تعطلت مصانع كثيرة بسبب نقص المواد الخام فى الأسواق، كما تراجع الإنتاج بنسبة تجاوزت70%، ومن جهة أخرى تشير التوقعات إلى ارتفاع فى الأسعار على المستهلك بنسبة تصل إلى 50%.

يأتى ذلك فى ظل حالة ركود يعيشها قطاع الجلود، وتخوفات من الوصول إلى الكساد عقب موسم عيد الفطر، ولذلك ظهرت مطالبات للحكومة بوقف الاستيراد لمدة 6 أشهر، ودراسة تأسيس شركة لتوفير مستلزمات الإنتاج للمصانع.

ووفقا لغرفة صناعة الجلود، انخفض عدد المنشات الصناعية من 25 ألف منشأة قبل عام 2011 إلى 17600 منشأة حالياً، تتنوع بين مصانع وورش متوسطة وصغيرة بإجمالى استثمارات تقدر بنحو 4 مليارات جنيه. ويتراوح حجم الإنتاج المحلى من الأحذية بين 80 و100 مليون حذاء سنويا، بينما يتم استيراد نحو 150 مليون حذاء، فى حين يصل حجم الاستهلاك سنوياً إلى 200 مليون زوج.

وبلغ حجم واردات مصر من المنتجات الجلدية خلال 2016 نحو 205 ملايين دولار، وفى 2017 بلغ 150 مليون دولار، ثم 213 مليون دولار خلال 2018، و228 مليون دولار فى 2019، و195 مليون دولار فى 2020، و214 مليون دولار فى 2021.

فى الوقت نفسه، تراجع حجم صادرات مصر من المنتجات الجلدية بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة، ثم ارتفع من جديد فى العام الماضى، فبعد أن بلغت الصادرات 169 مليون دولار فى 2015، تراجعت إلى 110 ملايين دولار فى 2018، وفى 2019 انخفضت إلى 78.475 مليون دولار، واستمرت فى الانخفاض خلال 2020 لتسجل 52.2 مليون دولار، بينما ارتفعت إلى 86.1 مليون دولار خلال 2021، وفقاً للمجلس التصديرى للجلود والأحذية والمنتجات الجلدية.

وفى هذه الأثناء، أعلنت غرفة صناعة الجلود، عن أن أسعار مستلزمات الإنتاج زادت مؤخرا بنسبة كبيرة ومبالغ فيها تتراوح ما بين 20 إلى 40%.

وأضافت «الغرفة»، أن الزيادة فى الأسعار تتم بشكل يومى ما يؤثر على العملية الإنتاجية للمصانع، حيث تلقت الغرفة عدة شكاوى من أصحاب المصانع والورش العاملة بالقطاع تؤكد إحجام عدد من التجار عن بيع مستلزمات الإنتاج رغم توافرها فى مخازنهم ما يؤدى إلى تقليل المعروض وزيادة الأسعار.

وطالبت «الغرفة» التجار بضبط الأسعار والوقوف جنبا إلى جنب مع القطاع الصناعى فى هذه الفترة الصعبة وزيادة الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار لحماية الصناعة المحلية من التوقف، مشيرة إلى أنه فى حالة استمرار الزيادة المبالغ فيها فى أسعار مستلزمات الإنتاج ستطرق الغرفة جميع الأبواب والتواصل مع كافة الجهات المعنية للتصدى لهذه الزيادات التى تؤثر بالسلب على قطاع الجلود.

وأوضحت الغرفة، أن هذه الزيادة بدأت منذ أربعة أشهر ومستمرة حتى الآن، كما أنها تسببت فى تعطيل العملية الإنتاجية فى مصانع الأحذية والمنتجات الجلدية، فقد تراجع الإنتاج بنسبة تتعدى 70%، فضلا عن إغلاق عدد كبير من الورش الصغيرة لعدم قدرتها على مواكبة الارتفاع المبالغ فيه فى الأسعار.. وقالت «زيادة أسعار الخامات سيؤدى إلى زيادة فى أسعار المنتج النهائى بنسبة تصل إلى 50%».

من جهته، قال عبدالرحمن الجباس، وكيل غرفة دباغة الجلود، إن 45% من تكلفة مدخلات الإنتاج بالنسبة للحذاء تتمثل فى الجلود، و55% مدخلات أخرى مثل النعال والكرتون والعمالة والخيوط وغيرها.

وأضاف الجباس، أن 90% من الكيماويات المستخدمة فى الدباغة مستوردة من الخارج، ونتيجة قرارات ترشيد الاستيراد مؤخرا، حدث نقص فى المواد الكيماوية، وبالتالى ارتفاع فى الأسعار يتراوح بين 60 و70%.  وتابع: للجلد الخام فترة صلاحية يجب دباغته خلالها حتى لا يتلف، ثم نستخدمه بعد ذلك فى التصنيع، ولذلك نحن مجبرون على شراء الكيماويات بأى شكل، حتى تتم دباغته على الأقل، وبسبب ذلك ارتفعت الأسعار بشكل كبير.

وأوضح الجباس، أنه بعد قرارات البنك المركزى الأخيرة بوقف التعامل بمستندات التحصيل فى الاستيراد، اهتزت الملاءة المالية للمستثمرين، لأن قيمة كل مستلزمات الإنتاج حاليا أصبح من الواجب دفعها نقدا قبل الاستلام، فيما كانت قبل القرار يتم الحصول عليها بنظام الأجل وبسعر مناسب، مشيرا إلى أن الارتفاع فى أسعار مستلزمات الإنتاج سوف يؤثر على التكلفة النهائية للمنتج، وبالتالى سوف نشهد زيادات مختلفة فى الأسعار على المستهلكين. وتابع «المشكلة الأكبر التى تواجه صناع الأحذية فى مصر هى عدم القدرة على منافسة المنتجات المستوردة من الصين، لأنها رخيصة الثمن مقارنة بالمنتج المحلى، المحمل بالكثير من الأعباء والتى تجعله أغلى من المستورد».

وعن حل مشكلات صناعة الجلود المحلية وحمايتها، قال الجباس، إنه لن يكون من خلال قرارات سريعة ولكن من خلال حلول طويلة المدى، مثل إنتاج المواد الكيماوية المستوردة محليا بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية، لأن توطين صناعة هذه المنتجات يساهم فى خفض أسعارها. ولفت إلى أننا فى مصر لدينا وفرة فى الجلود تكفى استهلاك السوق المحلى، ولكننا نحتاج إلى دباغة هذه الجلود باستخدام الكيماويات المستوردة من الخارج، ولذلك يجب العمل

على توطين صناعتها فى مصر.

فيما قال شريف يحيى رئيس شعبة الأحذية والمنتجات الجلدية بغرفة القاهرة التجارية، إن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، يؤدى بالتبعية إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائى على المستهلك، مشيرا إلى أن الفترة الماضية كان التجار والمصانع المصرية متكاتفين لتقليص هامش الربح رغم الزيادات الطبيعية فى بعض البنود كالنقل والكهرباء والمرتبات والضرائب وغيرها.

وأضاف يحيى «لكن ما حدث مؤخرا من ارتفاع مستلزمات الإنتاج يؤثر بالطبع على الصناعة، كما أن الحالة الاقتصادية العامة تجعل المستهلك غير قادر على استيعاب أى زيادات جديدة، فضلا عن أن المصانع والتجار لن يستطيعوا تقليص أرباحهم مرة أخرى ولذلك الصناعة تواجه مشكلات متعددة».

ولفت يحيى، إلى أن التوسع فى شراء الأحذية لم يعد موجودا، بل أصبح الشراء للضرورة فقط، وهنا تكمن المشكلة الأساسية، لأنه بعد انتهاء الموسم الحالى نخشى من كساد السوق، خصوصا وأننا نعانى منذ سنتين فى ظل انتشار فيروس كورونا.

وتابع «هناك الكثير من المصانع لديها مشكلات فى فتح الاعتمادات المستندية المستخدمة فى الاستيراد عقب قرارات البنك المركزى الأخيرة، ولذلك لا بد من الإعلان عن تسهيلات لهذه المصانع».

وأشار إلى أننا نعتمد فى التصنيع المحلى على استيراد مستلزمات إنتاج متعددة من الخارج مثل النعل بشكل تام الصنع أو المواد الأولية التى تساهم فى تصنيعه محليا، ولذلك لا بد من التوسع فى تصنيع مستلزمات الإنتاج فى مصر بداية من الجلود الصناعية والنعول إضافة إلى تطويرها، لأننا نحتاج إلى التنوع فى المنتجات حتى تلائم الأذواق والقوى الشرائية المختلفة فى المجتمع المصري.

وأكد يحيى، على أن صناعة الجلود تحتاج أيضاً إلى دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى السوق المصرى، لأنها أساس الصناعة، حيث تمثل الورش الصغيرة 70% من الصناعة و30% تمثلها المصانع، لافتا إلى أن تنفيذ هذه المقترحات لا يستغرق وقتا طويلا، خاصة أن مصر لديها القدرة والإمكانيات على تنفيذها.

واختتم يحيى تصريحاته، «وحتى يتم الاعتماد على توطين الصناعة محليا، لا بد من حل مشكلات المصانع والورش الصغيرة، لأن عدم حل المشكلات ينذر بمزيد من البطالة وتسريح العمالة وخسارة الدولة للضرائب والتأمينات وغيرها».

يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه غرفة صناعة الجلود عن دراسة مقترح بتأسيس شركة مساهمة لتوفير مستلزمات الإنتاج اللازمة للمصانع العاملة فى القطاع.

وقال جمال السمالوطى رئيس الغرفة، غن مقترح تأسيس الشركة يهدف إلى حل أزمة نقص المعروض من مستلزمات الإنتاج، من خلال تجمع الصناع تحت مظلة شركة واحدة منوطة بالتعاقد على المستلزمات من الخارج بالكميات المطلوبة، ما يساهم فى خفض التكلفة وفى نفس الوقت توفير الخامات المطلوبة ودوران عجلة الإنتاج داخل المصانع.

وأضاف السمالوطى، أن الغرفة تهدف دائما إلى إيجاد حلول عملية لحل أى مشكلة تواجه صناعة الجلود فى مصر وفى نفس الوقت المساهمة فى تطويرها لزيادة قدرتها التنافسية محليا وعالميا، مشيرا إلى أن الشركة المساهمة ستحدد أبرز 5 خامات يتم استيرادها من الخارج وضرورية لمصانع الأحذية والمصنوعات الجلدية، ليتم شراؤها بكميات تكفى احتياجات المصانع ما يساعد فى حل أزمة نقص المستلزمات.

ولفت إلى أنه على التوازى ستتعاون الغرفة مع الدولة فى ملف توطين الصناعة وزيادة التوسع فى إنشاء المصانع المغذية من خلال حصر جميع المستلزمات التى يتم استيرادها لتصنيعها محليا بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.

فيما قال المهندس محمد زلط رئيس شعبة الأحذية بغرفة صناعة الجلود، إن الشركة المساهمة المقترح تأسيسها ستساعد على توفير المستلزمات وإحداث توازن فى الأسعار بالسوق المصرية، مطالبا بضرورة وقف استيراد الأحذية لمدة 6 أشهر، للمساهمة فى توفير العملة الصعبة ومساعدة المصانع المحلية على زيادة إنتاجها والقضاء على حالة الركود الموجودة فى الأسواق.