" صناعة الجريد".. مهنة تواجه الاندثار بقنا
صناعة الجريد واحدة من أهم الصناعات اليدوية الحرفية التاريخية، التى ترتبط بالهوية المصرية بشكل عام، والهوية والتراث الصعيدى على وجه الخصوص، المهنة فى الوقت الحالى باتت تواجه شبح الاندثار بصعيد مصر بشكلٍ عام ومحافظة قنا على وجه الخصوص.

أجيال متعاقبة ومهنة واحدة توارثتها الأجيال جيلا وراء جيل، الآباء ورثوها عن الأجداد والأحفاد، مهنة عندما تجلس أمام صناعيها تعيدك إلى عظمة التراث فهى تجمع بين الابتكار وعبقرية التاريخ والحرفية.
"الوفد" التقت مع أقدم صانع لجريد، بقرية الحلة الواقعة على ضفاف النيل بمركز قوص جنوب محافظة قنا، على الرغم من كبر سنه إلا أنه ما زال يمارس مهنة أبيه واجداده، بل علم أسرار المهنة لأبنائه ليسيروا على نهجه، حفاظًا على التراث ومنعه من الاندثار .

يقول " عبد المقصود حسن" وشهرته، عبد المقصود السرايرى، صاحب ال 56 عاما، أنى أعمل فى تلك المهنة منذ ما يقارب عن 45 عاما، ورثتها عن أبى الذى ورثها بدوره هو الآخر عن والده، وعلمت أولادى سر المهنة من أجل الاستمرار والبقاء، مضيفا أنه يعمل في اليوم لأكثر من 15 ساعة، من" طلوع الشمس حتى غروبها وانا فى شغلى" على حد تعبيره، وأوضح صانع الجريد" للوفد" ، أنه يقوم بتصنيع وعمل معظم الأثاث المنزلى، من كراسى وطقطوقة وأسرة، وأقفاص الفاكهة والفراخ، لافتًا أنه فى منافسة بين اقفاص البلاستيك التى ظهرت فى الأونة الأخيرة وأقرانها من الأقفصة الجريد .

وأشار " السرايرى" أن مهنة صناعة الأثاث المنزلي والاقفصة من الجريد، تعتمد على الذكاء والاتقان، بالإضافة لتوافر المواد المصنعة، وهو جريد النخل، وصانع الجريد الذى يستخدم عقله لتشكيل الجريد من شكل واحد إلى عدة أشكال منتوعة، موضحًا أن ألادوات المستخدمه لتقطيع الجريد، أدوات بدائية وغير مكلفة، وهى تتكون من السكين، ومسامير التخريم، وقطع خشبية للدق، مع استخدام القدمين والايدى أثناء عملية التصنيع، و التى
وأضاف العم عبدالمقصود، أن وضع تلك الحرفية لم يعد كما كان في السابق قائلًا: " زمان كان الضغط والإقبال على اقفاص الجريد والأسرة كبير جدًا، لكن مع تقدم الزمن، وتطور التكنولوجيا أصبح الإقبال ضعيف عليهم والضغط أكثر حاليا على الطقطوقة والكرسى لاستخدامها على المقاهى والكافتيريات، والذى يتراوح سعرهما ما بين 100-200 جنيه، على حسب الكرسى والسرير، على عكس زمان كان كنا نبيعه ب20 جنيه على حد قوله .
وأوضح صانع الجريد بقنا، أنه نجح بفضل الله وبتلك الحرفة البسيطة، من إتمام تعليم أبنائه ال6 وهم ٣ أولاد و٣ بنات، مضيفا أن البنات الثلاثة تزوجوا وتم تجهيزهم مثل اقرانهم من بنات البلدة، من مهنة الجريد، موضحا أنه لايتقاضى أى معاش، مطالبا المسؤولين بضرورة النظر لأصحاب الحرف والمهن التى تواجه شبح الانقراض وذلك من خلال عمل معاش تامينى لهم حفاظا على أصحاب هذه المهنة وغيرها من المهن التى باتت تواجه الانقراض.
وطالب الرجل الخمسينى، بادراج صناعة الجريد ضمن مبادرة الدولة لتنمية المشروعات الصغيرة الحرفية، ودخولها المبادرة الرئاسية" حياة كريمة" خاصة أن قرى الصعيد ما زالت تستخدم الجريد حتى فى سقف وتعريش المنازل واحواش المواشى، وتفضل صناعة الجريد عن غيرها من الصناعات.