صلاة التراويح من الأعمال الصالحة في رمضان
ينبغي أن يستغل المسلم هذا الشهر المبارك للعمل الصالح وليكون فيه أفضل مما كان قبله، وليكون بعده أفضل مما كان فيه، وقد كان حال بعض السلف في العبادة عظيماً في رمضان وفي غير رمضان، ومن الأعمال الصالحة في رمضان صلاة التراويح.
فشهر رمضان من أعظم المناسبات الروحانية التي ينتظرها المسلمون في كل بلاد العالم، للتقرب إلى الله تعالى بالعبادات والإكثار من الطاعات، فهو شهر المغفرة والرحمة، التي أمرنا الرسول الكريم باستغلاله في الصيام وتلاوة القرآن والصلاة والاستغفار.
وأهم ما يميز هذا الشهر السنة الحميدة التي شرعها الله لعباده المخلصين، وهي صلاة التراويح التي ترتقي بروح المؤمن وتحلق بها في ملكوت الله وعظمته، فيصفو الذهن، وتطمئن النفس، ويرتاح القلب بالصلة مع الله والقرب منه، فهي قربة وعبادة عظيمة شرعها الله وهدية منه لعباده المخلصين، حيث إنه بدونها لا تكتمل أجواء رمضان الروحانية.
وتؤدّى مثنى مثنى، وسمّيت بهذا الاسم لأنّ الصحابة كانوا يجلسون بعد صلاة أربع ركعات، للاستراحة، اتّفق الفقهاء على سنّيتها، فقال كل من المذهبين الحنفي والحنبلي، وبعض من المالكيّة بأنّها سنّة مؤكدة،[٨] وفي فضلها، فيكفّي أنّها سبب لمغفرة ما تقدّم من ذنوب العبد، وفي فضلها بأدائها جماعة مع الإمام، فيكتب له أجر قيام ليلة كاملة،[٩] فيحرص المسلم على اغتنام أدائها، فهي بمثابة قيام الليل، ويحرص على أن يؤديها جماعة، وهى سبب لنيل أجر قيام ليلة لمَن صلّاها مع الإمام وبقي معه حتى ينصرف؛ لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الرجلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ).
ولصلاة التراويح الكثير من الفضائل، منها: سبب لمغفرة الذنوب؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
لصلاة التراويح فضل عظيم فعلها الرسول ليالى عدة بالمسلمين، وقام بهم في تلك الليالي، ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت، ولما توفى عليه الصلاة والسلام وأفضت الخلافة إلى عمر بعد الصديق، ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعًا هذا يصلي لنفسه، وهذا يصلي لرجلين، وهذا يصلي لأكثر، قال: لو جمعناهم على إمام فجمعهم على إمام فصاروا يصلون جميعًا.
من الأحاديث النبوية الدالة على فضلها أنه عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: "سُئل النبي عليه الصلاة والسلام عن فضائل التراويح فى شهر رمضان فقال: يخرج المؤمن ذنبه فى أول ليلة كيوم ولدته أمه، وفى الليلة الثانية يغفر له ولأبويه إن كانا مؤمنين، وفى الليلة الثالثة ينادى ملك من تحت العرش؛ استأنف العمل غفر الله ما تقدم من ذنبك، وفى الليلة الرابعة له من الأجر مثل قراءة التوراة والإنجيل والزابور والفرقان، وفى الليلة الخامسة أعطاه الله تعالى مثل من صلى في المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى، وفى الليلة السادسة أعطاه الله تعالى ثوابًا من طاف بالبيت المعمور ويستغفر له كل حجر ومدر، وفى الليلة السابعة فكأنما أدرك موسى عليه السلام ونصره على فرعون وهامان، وفى الليلة الثامنة أعطاه الله تعالى ما أعطى إبراهيم عليه السلام، وفى الليلة التاسعة فكأنما عبد الله تعالى عبادة النبى عليه الصلاة والسلام، وفى الليلة العاشرة يرزقه الله تعالى خير الدنيا والآخرة، وفى
وفى الليلة الثالثة والعشرين بنى الله له مدينة فى الجنة، وفى الليلة الرابعة والعشرين كان له أربع وعشرون دعوة مستجابة، وفى الليلة الخامسة والعشرين يرفع الله تعالى عنه عذاب القبر، وفى الليلة السادسة والعشرين يرفع الله له ثوابه أربعين عامًا، وفى الليلة السابعة والعشرين جاز يوم القيامة على السراط كالبرق الخاطف، وفى الليلة الثامنة والعشرين يرفع الله له ألف درجة فى الجنة، وفى الليلة التاسعة والعشرين أعطاه الله ثواب ألف حجة مقبولة، وفى الليلة الثلاثين يقول الله: يا عبدى كل من ثمار الجنة، واغتسل من مياه السلسبيل، واشرب من الكوثر، أنا ربك وأنت عبدى".
عدد ركعاتها:
لم يثبت عن النبي شيء في تحديد عدد ركعاتها، عدا أنه صلاها إحدى عشرة ركعة، كما ورد عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، حين سُئلت عن كيفية صلاة النبي في رمضان، فقالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً). وقد اختلف العلماء والفقهاء في تحديد عددها بالضبط، لكن معظمهم ينصح بأداء إحدى عشرة ركعة أو أكثر، بحسب استطاعة كل شخص وقدرته.