رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صَغيرتي التي لم تأتِ بعد..

بوابة الوفد الإلكترونية

لطالما تمنيتُ أن يكون أول أطفالي فتاة تُشاركني تفاصيلي الصَغيرة اليومية..

أكتُب إليكِ الآن قبل مَجيئك بسنتين، أو ثلاثة، أو عشرة.. أكتُب إليكِ حتي لو قدر الله أنكِ لن تأتِ مُطلقًا.. أكتُب إليكِ وأنا أنتظر رؤيتك كي أقُص عليكِ أشياء كثيرة.. أتخيلك الآن بتلك الملامح الهادئة، شعرك البني الطويل، أصابع يديكِ الصغيرتين، أسنانك اللبنية الصَغيرة، وتلك البراءة التي تحتل عينيكِ..

سوف تأتي، وسوف أفرح بمجيئك كثيرًا رغم مُعارضة الكثير، وانتقاداتهم لكونكِ أنثي في مُجتمع ذكوري ولكني سأفرح لأني أعلم كم الحب الهائل الذي ستمنحيننا إياهُ أنا، وأباكِ، وخوفك علي أبيكِ خاصًة.. سَتتعبيننا في بداية الأمر.. كثيرًا سيخرج والدك للعمل في الصباح لأيام عديدة دون أن يكون قد نام في الليلة الماضية بسببك.. سننسي أشياء كثيرة قد اعتادنا علي فعلها لانعدام الوقت لأنك ستملُكينه بالكامل ومع ذلك سنفرح كثيرًا.

أعلم أنكِ ستكبرين يومًا ما.. حينها سأحكي لكِ عن أبيكِ الجميل ذي القلب الحنون لطالما تمنيتُ من الله أن يكون كهذا.. سأعلمك أن الله موجود في كُل مكان.. وأن الوحدة خير لكِ من تلك التجَمُعات الباهتة.. سأعلمك أن الدائرة الأضيق أكثر احتواءً، واحتضانًا وأُلفة من الدائرة الواسعة..

سوف أمنعك عن نفس الأمور التي كانت تمنعني عنها أمي وكُنت أُجيبها دومًا: لن أمنع أطفالي عن شيء.. مع أنني أعلم أن هذا المنع خوف عليِ.. سأحاول جاهدة أن أعطيكِ مفاتيح تلك الأشياء التي تعثرثُ بها حتي لا تتعثري مثلي.. ولكن يا ابنتي الجَميلة.. ليس هناك أحد لا يتعثر فِي ذاك العالم.. ولكني سأتواجد دائمًا لأضمن لكِ أنه ليس بعد السقوط سوي

النهوض مُجددًا، وأن التعثر ليس عارًا..

سأعلمك أن الأمور الرائعة تأخذ وقتًا كي تحدث.. وأنه لا بأس أن تنتظري قليلًا، أو كثيرًا من أجل أن تلقي حُبًا يليقُ بروحك.. سأعلمك أن تحفظي قلبك الرقيق جيدًا لطالما علمتني جدتك ذلك جيدًا.. وألا تسمحي أن يتسلل إلي قلبك معجب لا يقع سوي في حُب بتلاتك المُلونة، ولا يعرف شيئًا عن جذورك الممتدة في أعماق روحك!

سأعلمك أن تفكري مرتين قبل أن تغتابي أحدًا، أو تجرحي روحًا.. سأدعو الله أن يرزقك لساناً طيباً لا يُسيء الحديث، ولا يتقبح في ذكر الغير ولا ينطق إلا بالخير..

أعلم أنك ستكبرين وستمرين بأشياء كثيرة قد أقف عاجزة عند بعضها، وقد تأكلني الحيرة أحيانًا كثيرة.. ولن يسعني أن أفعل شيئاً حينها سوي احتضانك فقط.

قد يسخر مني الكثيرون وأنا أكتُب لكِ منذ الآن، ولكنهم لا يعلمون شيئًا.. أنا أكتُب لكي لأنني أحبك، والحب لا يعني أنني أستطيع رؤيتك.. الحُب يعني أنكِ أبنتي التي شعرت بها من قبل أن تأتي..

جميلتي التي لم تأتِ بعد.. أحبك.

تسنيم محمد شعبان

قليوب