السباق الإعلامى والإنتخابات الرئاسية
مع بدء سباق إنتخابات رئاسة الجمهورية بدأ السباق الإعلامى حول هذه الإنتخابات ، وقد بدا التنافس الإعلامى قوياً ، وبدت الجهود واضحة فى محاولة للإستحواذ على إهتمام الجمهور و الحصول على نصيب وافر من كعكة الإعلانات وتحقيق تفوق مهنى على المنافسين .
وقد حرصت أغلب المحطات التلفزيونية المصرية على تقديم أفضل ما جادت به أذهان فرق إعدادها ومستشاريها من حيث الشكل والمضمون ، فالأمر ليس سهلاً ، فالمادة الأساسية لهذا التنافس واحدة لدى جميع المحطات ، وهى " مرشحى الرئاسة " ، لذا فكان البحث عن الشكل الأفضل والأكثر جاذبية ، والمضمون الأكثر إفادة للجمهور ، وبما يسمح بتقديم صورة كاملة عن كل مرشح وبرنامجه وتصوراته ورؤيته حول الموضوعات المطروحة .
وحتى الآن تتقدم شبكة " سى بى سى " فى برنامجها الخاص بسباق الرئاسة ، وبدا الجهد واضحاً ، ومحاولات الإبداع ظاهرة ، وجودة الإعداد وحرفية التقديم واضحة ، إضافة إلى التميز بتقديم جزء تحليلى لما قدمه كل مرشح من خلال مجموعة من الإعلاميين والسياسيين .
أما شبكة " النهار " فقد دخلت فى شراكة برامجية مع قناة " فرنسا 24 " ، وهى تجربة جيدة من حيث الشراكة المصرية الغربية فى هذا المجال ، وهى محاولة جيدة لتقديم رؤية مختلفة .
أما شبكة الحياة فدخلت فى شراكة مع قناة " بى بى سى " ولكن كانت بدايتها متأخرة عن منافسيها ، وكذلك البرنامج يتم تقديمه مسجلاً ، والتجربة جيدة من حيث المبدأ ، والشراكة فى حد ذاتها ثمرة جيدة لتعاون مفيد ، ويبقى تأخير البداية عن بقية المنافسين ، وتقديم البرنامج مسجلاً وليس على الهواء ، أمراً له مبرره عند أصحاب البرنامج وإدارة الشبكة .
بينما بدأت شبكة " أون تى فى " الإعلان عن برامج مناظرات الرئاسة ، وهى فى هذا تأخذ منحىً مختلفاً ، يحقق تميزاً عن الآخرين ، من خلال تلك المناظرات التى لم تقدمها الشبكات الأخرى .
أما التلفزيون المصرى فيقدم برنامجاً من خلال شركة " صوت القاهرة " ، هذا البرنامج مختلف تماماً عما تقدمه قنوات الإعلام الخاص ، ولكن هذا الإختلاف لايعنى التميز ، بل قد يشير إلى العكس ، فالبرنامج يعده ويقدمه شخص واحد وهو الأستاذ " طارق حبيب " ، ومع كل تقديرنا لهذا الإعلامى ، إلا أن البرنامج يعد " أفقر " البرامج الخاصة بالرئاسة شكلاً ومضموناً ، حيث يفتقد إلى الفكر المتنوع والرؤى المختلفة والحوار الثرى ، كما أن الشكل الذى إعتمده البرنامج يعد شكلاً تقليدياً ولايسمح للمشاهد بتقييم كل مرشح من خلال رؤية متكاملة لما يقدمه كل مرشح ، كما يفتقد لعوامل
ولعلنا نتساءل هل قدم الأستاذ " طارق حبيب " البرنامج بإعلاناته لشركة صوت القاهرة ، وهو ما يجنب التلفزيون أية خسائر مادية ، ومن ثم فلا إعتراض من التلفزيون على شكل البرنامج ، أم أن الشركة هى التى كلفت مقدم البرنامج بإعداده وتقديمه ، وهنا نسأل عن أسباب إختيار هذا الشكل البرامجى " العادى جدا " ، وهل حقق البرنامج عوائداً مادية من الإعلانات ؟
وعند مشاهدة البرنامج نتساءل لماذا لم يتم الإستعانه بمجموعة من الصحفيين والإعلاميين وتكوين فريق إعداد على مستوى عال يحقق الثراء المطلوب فى الحوار ، ولماذا لم يتم الإستعانة بأى من مذيعى قنوات التلفزيون أو حتى الإذاعة للمشاركة فى تقديم هذا البرنامج بما يحقق الجودة المطلوبة ؟
وهل كان لقيادات إتحاد الإذاعة والتلفزيون ووزارة الإعلام رأى فى هذا البرنامج ، أم أنهم لايتدخلون فى مثل هذه الأمور ؟
إن هذه النوعية من البرامج لم نشهد لها مثيل من قبل ، فتلك أول إنتخابات رئاسية حقيقية تشهدها البلاد ، فكان الأولى أن يكون الإهتمام أكبر من مسئولى الإعلام المصرى الحكومى على أعلى مستوى ، وأقصد الوزير ورئيس الإتحاد ، فأهمية الحدث تستلزم إهتمام المسئولين ، وإن كانوا تدخلوا وتابعوا بالفعل ، فلماذا خرج البرنامج بهذا الشكل التقليدى ؟
إن ما يقدمه التلفزيون الحكومى من برامج المرشحين وفقا للقواعد التى حددتها اللجنة العليا لإنتخابات الرئاسة ، يأتى ضمن دوره الوطنى ، ولايُعلى مرتبته فى أى تنافس فى هذا السباق ، أما البرنامج الذى دخل به التلفزيون الحكومى دائرة التنافس مع بقية القنوات ، فهو لم يحقق له المستوى المنشود .
لقد خرج التلفزيون الحكومى من هذا السباق الإعلامى وهذه المنافسة الشديدة بين الشاشات المصرية ، دون تحقيق جذب جماهيرى أوعائدات مالية.