وفاة الإمام البخارى

ولد الإمام البخارى محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة فى شوال سنة 194هـ فى «بخارى»، ونشأ فى بيت علم، وقد وهبه الله ذاكرةً قويّة وظهرت عليه علامات النبوغ والنجابة منذ طفولته.
أتم «البخارى» حفظ كتاب الله فى العاشرة من عمره، ولما بلغ ستة عشر عامًا كان قد حفظ أحاديث «ابن المبارك» و«وكيع»، حتى حفظ آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلامًا.
ثم ارتحل «البخارى» فى طلب الحديث إلى «بلخ» و"نيسابور"، وأكثر من مجالسة العلماء، وانتقل إلى مكة، ثم إلى بغداد ومصر والشام حتى بلغ عدد شيوخه ما يزيد على ألفٍ وثمانمائة شيخٍ، وتصدّر للتدريس وهو ابن سبع عشرة سنة، وقد كان الناس يكتبون عنه، وهو لا يزال شابًّا لم تنبت له لحية، واشتَهر الإمام بورعه وزهده وكرمه، يتصدّق على المحتاجين من أهل الحديث ليغنيهم عن السؤال.
وقد تلقت الأمة كلها «صحيح البخارى» بالقبول، حتى عدَّه العلماء أصحّ كتابٍ بعد كتاب الله تعالى، وهو أول كتاب صُنِّف فى الحديث الصحيح، واستغرق تصنيف
تعرض الإمام البخارى للابتلاء، فصبر واحتسب، فقد أثاروا حوله الشائعات بأنه يقول بخلق القرآن، حتى اضطر لأن يترك «نيسابور» ويذهب إلى «بخارى» موطنه الأصلى.
وبعد رجوعه إلى بخارى حصلت أزمة بينه وبين أمير البلد عندما رفض البخارى أن يخصَّه بمجلس علم دون عامة الناس، فنفاه، فتوجَّه إلى قرية فى سمرقند، فاشتد البلاء، حتى دعا: «اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، فاقبضنى إليك». فما تم الشهر حتى مات، وكان ذلك فى الثلاثين من رمضان سنة 256 هـ، وعمره 62 عامًا ودُفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر.