مارادونا.. عندما تتحدث كرة القدم

ليس دييجو مارادونا نجمًا رياضيًا "خارقًا" وحسب فهو ليس مثل بيليه أو بكنباور أو دى ستيفانو، فهؤلاء شرفوا ملاعب كرة القدم العالمية بفنهم الرفيع، وهو جاراهم تمامًا فى ذلك لكنه تفوق عليهم حتمًا فى احتلال العناوين العريضة فى صفحات الصحف وأحيانًا فى صفحاتها الأولى، إنما لأسباب أخرى لا يمكن وضعها فى خانة الإيجابيات.

لقد شغل مارادونا العالم بمواهبه ومشاكله وحتمًا سيتذكره الجميع بأنه ذلك اللاعب الذى ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات، وابتعد عن ملاعب كرة القدم مرغمًا بعدما خدر هذا المنشط أسلوبه وفنه ونقله من أمام مرمى كرة القدم إلى رهبة القضاة والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية.
ولد دييجو مارادونا فى 30 أكتوبر 1960 فى لانوس، إحدى ضواحى بيونس إيرس الفقيرة، والده أرماندو ووالدته دالما فرانكو، متزوج من كلاوديا فيلافان وله ابنتان هما دانما وجيانينا.
أكد مارادونا مرارًا أن أصعب منافسة خاضها منذ احترافه هى التوقف عن المخدرات، علمًا بأنه انفق الكثير من المال للتخلص من هذه الآفة، فلم يتمكن فسافر إلى جنيف وتورونتو وإسبانيا وكوريا الجنوبية ليجد الدواء الشافى فى مصحاتها لكن من دون فائدة.
بكى مارادونا لحالته عندما عرف أنه لم يعد قادرًا على فعل أى شىء وأسف نجم كرة القدم البرازيلى السابق بيليه للحال التى وصل إليها هذا "المسكين" وقال "من المؤسف ألا يكون نجوم كرة القدم خاصة والرياضة عامة، مثالاً للشباب والإنسانية".

مارادونا ومواجهة للإعلام دائمة
كانت لمارادونا مواجهة دائمة مع الصحافيين والإعلاميين إلى حد أنه شبه حاله عندما كان يواجه ضغطًا من هؤلاء بالحال التى كانت عليها الليدى ديانا أميرة ويلز التى قضت فى حادث، ورأى أن "الصحفيين تخطوا حدودهم معهم".
مر مارادونا، الذى اختير رياضى القرن فى الأرجنتين، فى علاقاته مع بطولات كأس العالم بشتى المراحل بحلوها ومرها على مدى 16 عامًا. وبدأت علاقة الولد الذهبى للكرة الأرجنتينية بالمونديال بخيبة أمل عندما تجاهله المدرب سيزار لويس مينوتى لدى اختيار تشكيلته الرسمية لمونديال عام 1978 لصغر سنه وافتقاده إلى الخبرة.
قال مارادونا بعد استبعاده: "إنه اليوم الأكثر تعاسة فى حياتى، عندما أعلمنى مينوتى بأنه اختار لاعبًا آخر مكانى عدت إلى غرفتى وأجهشت بالبكاء".
تابع مارادونا مباريات منتخب بلاده على شاشة التلفزيون وشاهد دانيال باساريللا قائد المنتخب وماريو كمبس هداف البطولة يقودان الأرجنتين إلى إحراز لقبها الأول وسط فرحة هستيرية فى الشوارع الأرجنتينية.

أول مشاركة فى مونديال 1982
ثم شارك فى مونديال إسبانيا 82 للمرة الأولى وكانت فرصة له للتعويض عما فاته فى كأس العالم السابقة. ولأن الأرجنتين كانت حاملة اللقب، سلطت الأنظار عليها ونال مارادونا قسطًا من الأضواء، خصوصًا أنه كان وقع عقدًا للانتقال إلى برشلونة العريق.
وعلى رغم تسجيله هدفين، فإن حادثة طرده فى المباراة ضد البرازيل ستظل عالقة فى الأذهان.
بلغ مارادونا الذروة عام 86 فى مكسيكو عندما قاد منتخب بلاده إلى اللقب الثانى.

1986 مونديال مارادونا
يمكن إطلاق اسم مونديال مارادونا على كأس العالم 86 لأن النجم الأرجنتينى طبع البطولة بطابعه الخاص وكان عزفه المنفرد مفتاح الفوز لمنتخب بلاده بلقب ثانٍ.
منذ المباراة الأولى التى لعبتها الأرجنتين ضد كوريا الجنوبية بدا واضحًا تصميم الأمريكيين الجنوبيين على إحراز الكأس، وقد أسهم مارادونا فى ثلاث تمريرات جاءت منها أهداف منتخب بلاده فى مرمى المنتخب الآسيوى.
ثم افتتح مارادونا رصيده من الأهداف بهدف ولا أروع فى مرمى إيطاليا وقد خرج المنتخبان متعادلين 1-1.
فرض مارادونا نفسه أيضًا فى المباراة ضد بلغاريا (2-صفر) ومرر كرة حاسمة إلى زميله بورتشاجا، وأسهم أيضًا فى الفوز على الأوروجواى "1- صفر" فى الدور الثانى لكنه ادخر أفضل ما لديه للأدوار التالية.

الأرجنتين وإنجلترا قمة المعركة
كانت المباراة ضد إنجلترا مشهودة لأنها اتخذت طابعاً سياسياً من جراء حرب فوكلاند بين الدولتين وقد سبقتها حرب كلامية بين المعسكرين.
انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبى، وفى مطلع الشوط الثانى سجل مارادونا هدفاً بيده فى مرمى الحارس بيتر شيلتون فاحتج الإنجليز طويلًا لكن الحكم التونسى على بن ناصر لم يكترث وأصر على احتساب الهدف واعترف مارادونا بعد المباراة بأنه استعمل يده للتسجيل معتبرًا أنها "يد الله"، بحسب قوله.
وبعد أربع دقائق سجل مارادونا أجمل هدف فى تاريخ كؤوس العالم، إذ قام بمراوغة ستة لاعبين انكليز ثم الحارس قبل أن يودعها

فى شباكه.
تقابلت الأرجنتين مع بلجيكا فى نصف النهائى، وقد وقف دفاع الأخيرة عاجزًا عن إيقاف العبقرى الأرجنتينى الذى سجل هدفين فى منتهى الروعة من مجهودين فرديين فاتحًا الطريق أمام منتخب بلاده لخوض المباراة النهائية.
فرضت رقابة لصيقة على مارادونا فى المباراة النهائية وتقدم منتخب بلاده 2- صفر ثم أدرك المنتخب الألمانى التعادل 2-2 قبل النهاية بنحو 13 دقيقة، ولأن مارادونا كان له اليد فى معظم أهداف منتخب بلاده فإنه مرر كرة أمامية إلى بوروتشاغا الذى انفرد بالحارس الألمانى وسجل هدف الفوز 3-2.

دموع مارادونا تذرف فى إيطاليا
فى مونديال إيطاليا 90 ذرف مارادونا دمعة شهيرة بعد خسارة نهائى مونديال إيطاليا 90 أمام ألمانيا الغربية.
وودع مارادونا المونديال من الباب الضيق بسبب حادثة المخدرات التى كان بطلها فى مونديال الولايات المتحدة 94.
تعملق مارادونا فى المباراة الأولى ضد اليونان وقاد الأرجنتين إلى فوز كبير (4- صفر) وسجل هدفًا رائعًا وخاض الدقائق التسعين بأكملها.
حافظ على مستواه فى المباراة الثانية ضد نيجيريا، لكنها كانت الأخيرة له بعد ثبوت تناوله منشطات من خمس مواد ممنوعة فسحبه الاتحاد الأرجنتينى من صفوف المنتخب قبل أن يوقفه الاتحاد الدولى 15 شهرًا.
كان سقوط مارادونا فى وحول المخدرات إيذانًا بإعلان نهاية مسيرة الولد الذهبى على الصعيد الدولى ليخرج بالتالى من الباب الضيق.
وكان سبق له أن أوقف عن اللعب 15 شهرًا من 30 مارس 1991 إلى 30 يونيو 1992 لثبوت تناوله الكوكايين أيضًا عندما كان يلعب مع نابولى الإيطالى.
حاول مارادونا دخول المجال التدريبى وبالفعل تولى تدريب نادى بوكا جونيورز الأرجنتينى لفترة قصيرة أعقبها بتولى مهمة المدير الفنى لمنتخب الأرجنتين وقاده فى نهائيات كأس العالم 2010 لكنه ودع البطولة من الدور ربع النهائى بالخسارة أمام منتخب ألمانيا برباعية.
درب دييجو مارادونا فريق الوصل الإماراتى عام 2012 لكنه لم يستمر طويلًا وخرج دون تحقيق إنجازات تذكر.

مارادونا فى سطور
- ولد فى 30 أكتوبر 1960 فى لانوس (الأرجنتين).
- الجنسية أرجنتينى.
- شغل مركز لاعب الوسط عندما كان لاعبًا.
- دافع عن ألوان أرجنتينوس جونيورز (1976-1980)، وبوكا جونيورز (1976-1980)، وبرشلونة الإسبانى (1982-1984)، ونابولى الإيطالى (1984-1991)، ونيولز أولد بويز (1993-1994)، وبوكا جونيورز (1955-1996).
- أسهم فى فوز منتخب بلاده بكأس العالم عام 1986 وقاده إلى المباراة النهائية عام 1990.

- فاز بكأس العالم للشباب عام 1979.

- فاز بكأس الأمم القارية (انتركونتينونتال) عام 1993.

- قاد فريقه نابولى الإيطالى إلى الفوز بكأس الاتحاد الأوروبى عام 1989.
- قاد نابولى الإيطالى إلى الفوز ببطولة إيطاليا عامى 1987 و1990.
- قاد بوكا جونيورز إلى الفوز ببطولة الأرجنتين عام 1981.
- قاد برشلونة إلى الفوز بكأس إسبانيا عام 1983.
- قاد نابولى إلى الفوز بكأس إيطاليا عام 1987.
- فاز بلقب هداف الدورى الإيطالى عام 1988 عندما كان يدافع عن ألوان نابولى.
- خاض 88 مباراة دولية سجل خلالها 33 هدفًا.