ما هي واجبات الحج؟ وكيف يكون الإحرام من الميقات؟

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن تساؤل شائع بين الحجاج: ما هي واجبات الحج؟ وكيف يتم الإحرام من الميقات؟، موضّحًا بالأدلة والتفصيل ما يجب على الحاج الالتزام به حتى يكون حجه صحيحًا ومقبولًا بإذن الله.
أولاً: الإحرام من الميقات
أكد الدكتور علي جمعة أن من أبرز واجبات الحج الإحرام من الميقات، محذرًا من تجاوزه دون الدخول في نية الإحرام، سواء كان الميقات زمانيًا أو مكانيًا.
الميقات الزماني يبدأ بشهر شوال، ويليه ذو القعدة، ثم الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة. وأوضح أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل هذه الأشهر، فمن نوى الحج مثلًا في رمضان لا يصح حجه، لأن الزمان المخصص له لم يبدأ بعد.
الميقات المكاني يتمثل في نقاط جغرافية تحيط بالحرم المكي، لا يجوز للحاج تجاوزها إلا وهو محرم. هذه المواقيت تشكل دائرة افتراضية حول الكعبة، تبعد حوالي 300 كيلومتر شمالًا، و70 كيلومترًا جنوبًا، و100 كيلومتر غربًا. ويجوز الإحرام قبل الوصول إلى هذه المواقيت، لكن يجب أن يكون الحاج في حالة إحرام بمجرد تجاوزها.
وأشار إلى أن المواقيت المكانية معروفة ومحددة، وهي:
ذو الحليفة (أبيار علي) لمن أتى من جهة المدينة.
رابغ (الجحفة سابقًا) لمن جاء من مصر والشام.
يلملم للقادمين من اليمن.
ذات عرق للقادمين من العراق.
قرن المنازل (قرن الثعالب) لمن جاء من نجد.
وأوضح أن هذه المواقيت ملزمة لسكان المناطق المذكورة، وكذلك لمن مر بها من غيرهم. فمن تجاوز هذه المواقيت دون إحرام، فعليه دم، أي ذبح شاة، فإن لم يستطع فعليه صيام ثلاثة أيام في الحرم وسبعة بعد عودته إلى بلده.
ونوّه إلى أن جميع أيام السنة تصلح للإحرام بالعمرة، أما الحج فمحدود زمانًا، وله ثلاثة أنماط: الإفراد، القِران، والتمتع. وشدد على أن الإحرام بالحج لا يصح قبل شهر شوال، ومن فعل ذلك يتحول إحرامه إلى عمرة.
ثانيًا: رمي الجمار
من واجبات الحج كذلك رمي الجمرات، وهي ثلاث: الجمرة الصغرى، والوسطى، والكبرى، وتبدأ برمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر، ثم تُرمى الجمرات الثلاث أيام التشريق الثلاثة، بسبع حصيات لكل جمرة يوميًا، ليبلغ المجموع الكلي سبعين حصاة.
وبيّن الدكتور علي جمعة أن من ترك الرمي بالكامل فعليه دم، أما من نقص من عدد الحصيات، فالعقوبة تختلف حسب النقص. فمثلًا من رمى خمس حصيات فقط بدلاً من سبع، فلا شيء عليه، لكن من رمى ثلاث فقط، فعليه إخراج خمسة كيلوجرامات من الأرز للفقراء، وإن ترك رمي يوم كامل فعليه إطعام ستة مساكين، عن كل جمرة مسكينان.
وأكد أن الرمي متاح خلال الأربع والعشرين ساعة، وهو ما أفتى به التابعي طاووس بن كيسان، أحد تلامذة ابن عباس –رضي الله عنهما– تخفيفًا على الحجاج نظرًا للزحام الشديد الذي تشهده المشاعر المقدسة في العصر الحديث. وأشار إلى أن هذا التيسير ضرورة شرعية، تماشيًا مع مقاصد الشريعة التي ترفع الحرج عن المكلفين وتحفظ أرواحهم.
ثالثًا: المبيت بمزدلفة
ذكر جمعة أن من واجبات الحج أيضًا المبيت بمزدلفة، ويكفي المرور بها والمكث فيها بعد منتصف الليل حتى يُحتسب ذلك مبيتًا. وهناك رأي فقهي يذهب إلى أن المبيت بها من السنن وليس من الواجبات، لكن من فعله أجزأه عن الواجب.
رابعًا: الحلق أو التقصير
من الواجبات كذلك الحلق أو التقصير بعد الانتهاء من أعمال الحج. وأوضح جمعة أن الحلق خاص بالرجال، أما النساء فليس عليهن إلا التقصير فقط، ويُكتفى بأخذ قدر يسير من أطراف الشعر.