علي جمعة: التفكير المستقيم مفتاح معرفة الله وإعمار الكون

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن أول واجب على المؤمن هو معرفة الله - سبحانه وتعالى -، حيث أمرنا الله بالتفكير السليم الذي يقودنا إلى الإيمان الحق، مستشهدًا بقوله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
معنى التفكير المستقيم وأركانه
التفكير المستقيم هو إدراك الواقع كما هو، بعيدًا عن الأوهام والخرافات، وهو طريق الإنسان للوصول إلى الله - عز وجل -، والابتعاد عن كل ما يحرّف الحقائق. ومن أركانه الأساسية:
البعد عن الكذب والافتراء:
حيث أن تحريف الواقع يؤدي إلى الضلال، وقد حذر النبي ﷺ بشدة من الكذب، فقال: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" (رواه البخاري ومسلم).
عدم تصديق كل ما يُسمع دون تحقق:
كما قال النبي ﷺ: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" (رواه مسلم)، مما يؤكد ضرورة التحقق من الأخبار والمعلومات قبل نشرها أو الإيمان بها.
إقامة البرهان والدليل:
فالادعاء بدون دليل لا قيمة له، وقد قال الله تعالى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111].
الابتعاد عن الخرافات:
التفكير السليم يتطلب الابتعاد عن التصورات الباطلة التي لا تستند إلى أدلة، وبدلاً من ذلك، العمل على تعمير الأرض، كما قال تعالى:
{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].
الإتقان في العمل:
حيث قال النبي ﷺ: "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه" (رواه البيهقي)، مؤكدًا أهمية السعي للإنجاز النافع والمستمر، فالأعمال المستدامة ولو كانت قليلة هي الأحب إلى الله، كما جاء في الحديث: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" (رواه البخاري ومسلم).
أثر التفكير المستقيم في حياة الإنسان
يؤدي التفكير المستقيم إلى:
- اليقين بالله والإيمان الحق.
- عمارة الأرض ونفع الناس بدلًا من هدر الوقت في الأوهام.
- التحرر من الشهوات والأهواء التي قد تسيطر على الإنسان، كما حذر الله منها بقوله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43].
دعوة للتفكر والتدبر
إن اتباع منهج التفكير السليم يجعل الإنسان في حالة وعي وإدراك لحقيقة الوجود، مما يوصله إلى الإيمان الصحيح والعمل النافع. لذا، علينا أن نجعل منهجنا في الحياة قائمًا على التحقق من الحقائق، البعد عن الكذب، وإتقان العمل، حتى نصل إلى رضا الله ونحقق الهدف الأسمى من وجودنا على هذه الأرض.