بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

"والله أعلم".. حين يكون العلم بابًا للتواضع لا للغرور

الدعاء
الدعاء

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنَّ قول "والله أعلم" يمثل قيمة عظيمة في حياة المسلمين العلمية والروحية، مشيرًا إلى أنها تعبر عن تواضع العالم واستشعاره لحدود معرفته. 

 

هذه الكلمة هي إعلان ضمني بأن علم الإنسان محدود، وأنه في تعامله مع الواقع، لا يمكنه الجزم بكل شيء بشكل قطعي. إنها تعبير عن القبول بفكرة أن الإنسان مهما اجتهد، لا يستطيع أن يدرك كل الحقيقة في هذا الكون، ما يترك مكانًا للاعتراف بقضايا اليقين والقطع.

وأوضح جمعة أن أحد جوانب حكمة هذه الكلمة هو أن العالم الذي يستخدمها يكون مستعدًا لتغيير آرائه إذا تبين له الحق بالبرهان. 

وهي تعكس أيضًا موقفًا من الانفتاح على العلم والتعلم المستمر، حيث إن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، بل هو مجال دائم للتجديد والاكتشاف.

وأشار جمعة إلى أن "والله أعلم" تحمل أيضًا أبعادًا نفسية وروحية مهمة، حيث تعزز التواضع، وتذكر الإنسان بحدود علمه. وقال إن الإنسان كلما ازداد علمه، كلما ازداد تواضعه لله، مؤكدًا أن قوله تعالى: "وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ" يوضح أن العلم الإنساني لا يتجاوز حدود الله وقدرته على العلم. وأضاف أن هذه المقولة تساعد أيضًا في توجيه العالم إلى أن "الله أعلم" تعني أن العلم لا يتوقف عند شخص واحد، بل يبقى دائمًا مجالًا للبحث والتعلم من الآخرين.

وفي جانب آخر، استعرض الدكتور علي جمعة ما تحمله هذه الكلمة من دلالة في حياتنا اليومية، موضحًا أنها تَحمل دعوة للمسؤولية عن الكلام. فقد نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجنب التصدر لما لا يعلمه الإنسان، وقال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". 

من جهة أخرى، بين جمعة أن هناك من يتصدرون للمسائل الدينية والمجتمعية من دون علم، ثم يظنون أن قولهم "والله أعلم" سيعفيهم من المسؤولية أمام الله، وهذا غير صحيح، لأن كل قول وكل فتوى يجب أن يكون مبنيًا على علم حقيقي.

واختتم مفتي الجمهورية السابق كلامه بأن هناك مسؤولية كبيرة في الحديث في أمور الدين والمعرفة، وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "المستشار مؤتمن" وأن من أفتى بغير علم سيكون إثمه على من أفتاه، مما يعكس ضرورة التواضع والتأني في إعطاء الفتاوى والآراء.

في الختام، "والله أعلم" هي تذكير للمسلمين في كل زمان ومكان بحدود المعرفة البشرية، ومثلها مثل العديد من القيم الإسلامية، تدعونا إلى التواضع، والاعتراف بالعجز البشري، واستشعار عظمة الله وعلمه الذي لا محدود له.