عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر واليمن وعاصفة الأمل

شهدت اليمن مثلها في ذلك مثل أكثر من دولة عربية محاولات لإيجاد صراعات داخلية ومجابهات بين أطراف وقوى متعددة تهدف إلى الإطاحة بالمؤسسات الشرعية وجر البلاد إلى فوضى شاملة، ومجابهات يتم تصويرها باعتبارها مجابهات مذهبية بين سنة وشيعة رغم انها تعبر في واقع الأمر صراعات سياسية تحاول استغلالها أطراف اقليمية ودولية لتحقيق أجنداتها السياسية في المنطقة ،ولذلك فلقد جاء التدخل العسكري العربي في إطار التحالف العربي لمساندة الشرعية في اليمن والحيلولة دون تدهور الأوضاع إلى ماهو أسوأ، وقد شاركت مصر عسكريا في إطار التحالف العربي في اليمن ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية :-

أولا:أن ما يحدث في اليمن هو جزء من حروب الجيل الرابع والتي تهدف إلى تحقيق التآكل الذاتي الداخلي وصولا إلى الحرب الأهلية أو الفوضى الشاملة وتفتيت الدول العربية وتقسيمها إلى كيانات متعددة صغيرة وبحيث تفقد عوامل قوتها وتأثيرها ولذلك فإن الاقتتال الذي يحدث في اليمن بين الحوثيين والدولة هو جزء من هذا المخطط الذي يتم تصويره بطريقة خاطئة ومتعمدة باعتباره صراعاً بين السنة والشيعة رغم كونه صراعاً سياسياً في المقام الأول، كما يمكن النظر إليه باعتباره صراعا بالوكالة أو حرباً بالوكالة أو حرباً غير  مباشرة تقودها الأطراف ذات المصلحة في تفكك المنطقة ضد القوى والأطراف الراغبة في الحيلولة دون حدوث ذلك.
ويمكن القول ان ما يحدث في اليمن قد لا يكون منفصلا عما يحدث في دول عربية أخرى كالعراق وسوريا وفلسطين والصومال وليبيا وغيرها،حيث تتصارع أطراف داخلية وغالبا ما تكون مدعومة من أطراف اقليمية أو دولية وتمثل في جميع الأحيان تهديدا للأمن القومي العربي واحتمالات التجزئة والتفكيك والحروب الأهلية وخصوصا إذا كان العمل العربي المشترك والدور الجماعي العربي غائبا ما يجتذب الأطراف الإقليمية والدولية للتدخل في الشأن العربي.
ثانيا: التعاون العربي المشترك أداة لمواجهة التهديدات الخارجية للمنطقة العربية حيث تعاني الدول العربية من تناقض جوهري بين إمكانيات كبيرة سواء كانت اقتصادية أو مالية أو بشرية وبترولية وعسكرية، وبين عدم القدرة على الاستغلال الأمثل لهذه الموارد من خلال العمل العربي المشترك، ما جعل المنطقة العربية تعاني من فراغ استراتيجي عملت أطراف اقليمية ودولية مختلفة على شغله وذلك من خلال التدخل في الشأن العربي والقضايا العربية ،وقد ترتب على التدخل الخارجي في الشأن العربي نتائج كارثية على نحو ما حدث علي سبيل المثال في احتلال العراق والتدخل الدولي في ليبيا وغيرها من النماذج، فحينما يغيب الدور العربي المؤثر يصبح الطريق ممهدا لتدخلات خارجية لا تكون في المصلحة العربية، ويمكن في هذا الإطار فهم التدخل العربي المشترك من جانب تسع دول عربية في اليمن في إطار التحالف العربي الذي تشارك فيه مصر بقوات بحرية وجوية حيث يأتي ذلك في اطار استعادة الدور العربي المفقود وقد تدعم ذلك في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ بخصوص انشاء قوة عربية مشتركة ما يعبر عن تعاون عربي عسكري للتدخل في الأزمات التي تتطلب

ذلك وبما يقطع الطريق على التدخلات الخارجية في الشأن العربي.
ثالثا :إن القوة العسكرية العربية المشتركة ليست قوة معادية لأحد أو موجهة إلى طرف بالذات بل هي تهتم بالشأن العربي والحفاظ على الأمن القومي العربي ولذلك فإن تدخل التحالف العربي في اليمن لا يعبر عن حرب مفتوحة أو ممتدة من حيث الزمن بل يمكن القول إن هذا التدخل الهدف منه دفع الأمور للوصول إلى حل سياسي للمشكلة اليمنية، فالسياسة والحرب بينهما امتداد بمعنى أن كلتيهما امتداد للاخرى، فالتدخل العربي والضربات العسكرية لمراكز القوة العسكرية للحوثيين في اليمن سواء من خلال ضرب مخازن الأسلحة والذخائر أو تدمير القدرات العسكرية لهم ومراكز الاتصال فضلا عن حصار الشواطئ والأجواء اليمنية لمنع وصول الإمدادات العسكرية إلى الحوثيين سواء من خلال البحر أو الجو من شأنه الدفع نحو الحوار السياسي وذلك وصولا إلى حل سياسي للمشكلة، مع ضرورة التفرقة بين الحوثيين كطرف ذي قدرات عسكرية يهدد شرعية الدولة ومؤسساتها في اليمن، وبين كونهم جزءاً من المكون الاجتماعي للدولة اليمنية ،وبعبارة أخرى فإن المطلوب هو الوصول إلى الصيغة التي تمنع التهديد من جانب الحوثيين للدولة ومؤسساتها سواء من خلال قدرات عسكرية يملكونها أو من خلال الاستعانة بأطراف خارجية، وفي نفس الوقت تساعد على الإبقاء عليهم في إطار المعادلة السياسية والنظام الاجتماعي، ويمكن في هذا الإطار فهم العديد من المبادرات السياسية التي تهدف إلى حل المشكلة اليمنية ولعل أبرز وأهم هذه المبادرات هي المبادرة العربية الخليجية والتي تبناها مجلس الأمن الدولي، كما  يمكن  تفهم إعلان التحالف العربي إيقاف الأعمال العسكرية لبداية عملية الأمل في الوصول إلى حوار سياسي بين كافة الأطراف اليمنية وإيقاف الاقتتال في اليمن وبما يحقق مصالح الشعب اليمني ككل، ونأمل أن تحقق الأطراف العربية نجاحا في حل الأزمة اليمنية يمكن أن يكون نموذجا يحتذى في قضايا عربية أخرى لحماية المنطقة العربية من التدخلات الخارجية وللحفاظ على الأمن القومي العربي.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة