رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل انتهي شهر العسل بين الإخوان والعسكري؟

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ إعلان المجلس العسكري – علي لسان اللواء محسن الفنجري – يوم 12 يوليه الماضي عن "إعداد وثيقة مبادئ "حاكمة" لاختيار

الجمعية التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد، وإصدارها فى إعلان دستورى بعد اتفاق القوى والأحزاب السياسية عليها" ، والجدل لم يتوقف حول إنحيار المجلس لـ "الأقلية" التي تمثلها تيارات ليبرالية ويسارية ضد الأغلبية التي تعارض صدور مبادئ حاكمة للدستور وعلي راسها التيار الاسلامي .
وبرغم أنه حدث لغط حول طبيعة ما سيصدر في هذا الاعلان الدستوري .. هل هو مبادئ تحدد كيفية اختيار أعضاء اللجنة التي ستصيغ الدستور أم مبادئ حاكمة لما سيرد في نص الدستور .. فقد جاء إصرار المجلس العسكري علي إصدار هذا الاعلان الدستوري وتأكيد الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء لهذا ، ليطرح تساؤلات حول أسرار هذا التحول في موقف المجلس العسكري ؟!.
فالمجلس العسكري ظل يؤكد علي مدار الستة اشهر الماضية أن الاعلان الدستوري الأول- الصادر في مارس الماضي والذي صوت لصالحه 77% من المصريين - هو الطريق الذي سيسير عليه لحين إجراء انتخابات البرلمان .. ولكن فجأة .. وعقب ضجيج الاحتجاجات والاعتصامات التي قامت بها قوي ليبرالية ويسارية (من الجمعية الوطنية للتغيير والمجلس الوطني وائتلافات ثورية مناهضة للإخوان ) والتي أقلقت المجلس العسكري لأنها أخذت طابع العصيان المدني والتخريب بغلق مجمع التحرير والتهديد بغلق قناة السويس ومبني التلفزيون والبورصة .. فجأة .. تراجع "العسكري" عن موقفه وبدأ ينحاز لفكرة المبادئ الحاكمة التي ترفضها التيارات الاسلامية  .
والملفت أنه حتي ذلك الحين – حسبما جاء في بيان اللواء الفنجري 12 يوليه - كان الحديث يدور حول "مبادئ تحدد كيفية إختيار أعضاء اللجنة التاسيسية" فقط .. ولكن عقب مليونية 29 يوليه التي هيمن عليها التيار السلفي ورفعت فيها شعارات دينية، لوحظ أن الحديث بدأ يرتكز أكثر – من جانب الداعين لاعلان دستوري ثان - علي المطلب الذي سبق أن طالب به المتخوفون من التيار الاسلامي ، وهو وضع مبادئ فوق دستورية أو حاكمة في صورة "وثيقة مبادئ" .
تصعيد الأزمة
وجاء تأكيد د. علي السلمي أن هذه الوثيقة ستصدر خلال ايام (كان من المفترض أن تصدر الاسبوع الماضي ) ، ثم تأكيد اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع ان "إعداد اعلان دستوري جديد هو تكليف من المجلس العسكري للحكومة منذ 12 يوليه بإعداد وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسية لاعداد دستور جديد "بعد اتفاق جميع القوي السياسية" .. جاء هذا ليثير غضب التيارات المتمسكة بالاعلان الدستوري الأساسي الأول الذي جري التصويت عليه في مارس الماضي وهي القوي الرافضة لفرض إدارة "الأقلية" علي "الأغلبية" .
ولأن اصدار هذه الوثيقة الدستورية بات شبه محسوم من قبل المجلس العسكري والحكومة بعدما كشف الدكتور علي السلمي أن الحكومة مكلفة من المجلس العسكري بإعداد هذه الوثيقة ، فقد أثار الامر جماعة الاخوان والسلفيين وكل القوي الرافضة للتعدي علي الاعلان الدستوري الذي سبق الاستفتاء عليه وحظي بتصويت 77% من المصريين .
فالجماعة اعتبرت كلا الأمرين ( إصدار إعلان دستوري جديد يتضمن مبادئ تختص باختيار أعضاء الهيئة التأسيسية لوضع الدستور، أو مبادئ حاكمة للدستور نفسه) ، من حق الشعب وليس من صلاحيات أحد أو مجلس أو حزب أو وزارة أو جماعة ووصفت خطوة العسكري المحتملة بإصدار إعلان دستوري ثان يتضمن هذه المبادئ الحاكمة بأنها "اغتصابا لحق الشعب ومصادرة لحريته" .
وما زاد الأمر حيره أن الدكتور السلمي ألمح لأن القوي الوطنية وافقت علي وثيقة المبادئ هذه قبل أن تعلن كل القوي التوافق عليها .. وهو ما اعتبرته التيارات الإسلامية والوطنية تخطيا لدورها وتجاوزا لأغلبية المصريين .. ولهذا قالت جماعة الاخوان متساءلة : "المجلس العسكري علق إصدار هذه المبادئ على حدوث توافق وطني حولها، والرافضون لها أكثر بكثير من الموافقين عليها، ومظاهرات 8 ، 29/7/2011م خير دليل على ذلك، فلماذا إثارة الموضوع من جديد ؟ وليس ثمة توافق وطني على المبدأ " علي حد قولها !؟.
واتهمت الجماعة "نفرا في مصر يسعون إلى تجاوز كل المبادئ الديمقراطية وقيم الحرية ولو أدى ذلك إلى استمرار فترة القلق والاضطراب، والتضحية بالاستقرار والبناء"، وقالت : "أننا نربأ بالجيش أن يستجيب لضغوط هذه الفئة بإقحامه في المجال السياسي وإغرائه بأن يكون حاميا للدستور وحارسا للدولة المدنية – كما يزعمون – فالدولة المدنية هدى مطلبنا جميعا، والشعب هو خير حارس وضامن للدستور" .
وشبهت الجماعة هذه الرغبة بوضع مبادئ للدستور بلجنة صيانة الدستور في إيران ، أو بالوضع في تركيا العلمانية "التي تجعل الجيش فوق الدستور، والتي يجاهد الأتراك منذ 40 سنة لتغيير هذا الوضع، وقد قاربوا الوصول للغاية بعد تجارب مريرة من الانقلابات العسكرية أعدم فيها رئيس وزراء بتهمة إعادة (أذان الصلاة) من اللغة التركية إلى العربية وإعادة فتح مدارس الأئمة" .
أما (الهيئة الشرعية للحقوق والحريات) التي تضم عدة فصائل إسلامية فلم تكتف برفض هذه الوثيقة الحاكمة ، وإنما وصفت ذلك بأنه "انتكاسة" وهددت بمليونية في ميدان التحرير .. أيضا رفض "ائتــــلاف القــــوى الإسلاميـــــــة" الذي يضم : الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وجماعة الإخوان المسلمون، وجماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية، وجماعة أنصار السنة المحمدية، ومجلس شورى العلماء ، فكرة إعداد وثيقة مبادئ حاكمة للدستور المصري الجديد في هذا التوقيت، وقال إنها مرفوضة من حيث الأصل؛ وذلك لمصادمتها لما جرى الاستفتاء عليه، ولأن من سيُكلَف بإعداد هذه الوثيقة لا يُمثل جماهير الشعب المصري .
وكان ملفتا أن البيان دعا جموع المصريين الشرفاء للدفاع عن اختيارهم الذي جرى عليه الاستفتاء، وألا يسمحوا لأحد بالتسلق عليه، مؤكدين على "ثقتهم الكاملة في القيادة العسكرية متى ما بقيت متمسكة بتحقيق اختيار وإرادة الشعب المصري"، رافضين كل محاولات الضغط والابتزاز عليه.
ووصل الأمر لحد قول الدكتور عبد الله الأشعل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن إقرار المجلس العسكرى لوثيقة المبادئ فوق الدستورية سيؤدى إلى"تفجير مصر" لأن الإسلاميين سيخرجون بالملايين رفضا له
تبريد الأزمة
وبينما الحديث يتصاعد ويدور

حول أنتهاء شهر العسل بين التيارات الاسلامية وعلي راسها الاخوان ، وبين المجلس العسكري بعدما أنحاز للأقلية ، لوحظ أن جماعة الاخوان سعت لامتصاص هذه الأزمة وعدم الوصول لمرحلة الصدام والنزول للشارع في مظاهرات مليونية ..حيث وافقت الجماعة علي الوثيقة .. بل واصدرتها في صورة وثيقة للتحالف الديمقراطي من أجل مصر ، وظهر أنها هي نفس وثيقة مجلس الوزراء .
ولكن الجديد في موقف الاخوان هو إعلان حزب الحرية والعدالة، أن موافقته على الوثيقة "باعتبارها استرشادية للهيئة التأسيسية التى ستتولى وضع الدستور المقبل، وأنها ليست ملزمة، ومن حق الهيئة قبولها أو رفضها" .
فالجماعة أعلنت أنها توافق علي الوثيقة (21 مبدأ) طالما أنها مبادئ استرشادية  ولا تخالف ما تطالب به الجماعة ولا شكل الدولة التي تتصورها مستقبلا .. ولكنها اعتبرت أن وضعها في اعلان دستوري بمثابة تعدي قانوني علي حق اللجنة التأسيسية التي سيتم انتخابها مستقبلا في اعداد الدستور لأنه لا يجوز إلزامها بهذه الوثيقة وإنما يجوز أن توضع نصب أعينها للاسترشاد بها .
ومن الواضح أن موقف الإخوان جاء كحل وسط لا يتضمن التصعيد والرفض بما يحرج المجلس العسكري ويصعب الأوضاع والانتقال للانتخابات، ولكي تعطي المجلس العسكري فرصة لتمييع هذه الوثيقة وعدم إصدارها في اعلان دستوري والاكتفاء بها كوثيقة استرشادية ، انتظارا لرد فعل المجلس العسكري والحكومة .
فالاخوان يدركون أن مثل هذا الاعلان الدستوري لن يكون ملزما للهيئة التأسيسية للدستور لأنه غير قانوني – بحسب رأي المستشار طارق البشري – وإصرار المجلس العسكري علي إصداره في اعلان دستوري سيتم الطعن عليه قضائيا ، ولهذا أختاروا التعامل الهادئ مع هذه الوثيقة الدستورية بقبولها كوثيقة غير ملزمة خصوصا أنها لا تتعرض بسوء لهوية الدولة الاسلامية وللشريعة ولديمقراطية الدولة المقبلة ، والتعاطي معها - لو جري الاصرار علي اصدارها في اعلان دستوري – بصورة قانونية .
هذا الموقف العقلاني اتخذته ايضا باقي الفصائل الاسلامية .. ما يشير لاستيعاب التيار الاسلامي الحديث أزمة 1954 الشهيرة عندما اصطدم الاخوان والجيش (في صورة مجلس قيادة الثورة حينئذ) – مع الفارق بين ثورتي يوليه 1952 ويناير 2011 – ومن ثم سعي الاخوان للتعامل بهدوء مع هذه الأزمة وتبريدها والوصول لحل وسط بما يدفع المجلس العسكري للتخلي عن فكرة إصدار إعلان دستوري جديد . 

حيث يعول الاخوان - علي ما يبدو - علي تيار داخل المجلس العسكري لا يبدي نفس القلق الذي يبديه تيار أخر داخل المجلس من الظهور القوي للتيار الاسلامي .. وعلي أن التعامل الهادئ مع الأزمة سيقوي هذا التوجه الهادئ داخل المجلس العسكري الذي لا يبدي قلقا من التيار الاسلامي ، خصوصا أن الاخوان قبلوا الوثيقة التي اعدتها الحكومة بطلب من المجلس العسكري.

أيضا يعتقد أن الاخوان يعولون علي ضرورة تفهم أن المجلس العسكري يتعرض ليس فقط لضغوط داخلية (من التيارات الليبرالية) ولكن لضغوط خارجية ومخاوف أمريكية وأوروبية من انتهاج الإسلاميين – لو سيطروا علي البرلمان المقبل ومن ثم الحكومة – سياسات تؤدي للإضرار بمصالح أمريكا وربما إسرائيل وإنتهاج سياسات أخري تهدد أمن دولة الثورة الوليدة وتنقل مصر لساحة من التوترات وربما الحروب .. ولهذا لوحظ تغيرا في طريقة التعامل الاسلامي عموما مع هذا الملف الشائك .

هناك بالتالي مؤشرات علي توتر بين الاسلاميين عموما والاخوان خصوصا ،مع المجلس العسكري منذ إعلان تبنيه فكرة إصدار إعلان دستوري ثان .. وهو توتر قد ينتهي عند حد صدور هذه الوثيقة الدستورية وبقاءها استرشاديه غير ملزمة للهيئة التاسيسية التي ستضع الدستور .. أما لو صدرت في إعلان دستوري فسينتقل التوتر لمستويات أعلي قد تنهي شهر العسل بين الاخوان والاسلاميين عموما مع المجلس العسكري وتعيد الاسلاميين للشارع مرة اخري في صورة مليونيات ضخمة للضغط علي المجلس العسكري ، وهو إحتمال يبدو ضعيفا في ظل استيعاب المجلس العسكري لتحفظات الاسلاميين وأخذها في الاعتبار .

أخبار ذات صلة:

البدوي: تحالفنا مع الإخوان لكي لا ينقسم المصريون

قيادي اشتراكي: الإخوان والسلفيون "أقلية ديكتاتورية"