رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طريق عزبة الوالدة من السياحة للإرهاب

بوابة الوفد الإلكترونية

أثار الفيديو الذي نشرته مجموعة من الشباب، أطلقوا على أنفسهم "كتائب حلوان", تساؤلات عدة، يدور حولها العديد من علامات الاستفهام التي تضيع إجاباتها وسط زخم الإهمال والفقر وضيق العيش، فلم يكن يتوقع أحد قيام شباب مصري بإعلان الجهاد المسلح ضد الجيش والشرطة من خلال بث فيديو تراه أعين الحاقدين والكائدين في شماتة وترقب.

لعل من أهم الأسئلة التي تدور بخلد الجميع عن ماهية المنطقة التي صُور بها الفيديو؟ وكيف استطاع هؤلاء الإرهابيون بث الفيديو أمام المارة من أهالي المنطقة دون أن يتصدى لهم أحد أو أن يقوموا بإبلاغ الشرطة كأضعف الإيمان؟!
ولربما لا يعلم البعض أن عزبة الوالدة، المكان الذي صُور به الفيديو, وفقاً لتصريح سابق من مصدر أمنى، كانت من أهم المناطق السياحية والعلاجية بتاريخها وحضارتها التي كانت  تميزها عن الكثير من المناطق بالقاهرة، التي تحولت في الوقت الحالي نتيجة الإهمال وما التصق بها من مناطق عشوائية، وأوكار للمخدرات وأخيراً بؤرة للإرهاب.
تقع عزبة الوالدة شمال غرب حلوان بحوالي 4 كيلومترات تقريبا، يحدها من الجنوب عرب الوالدة ومساكن عين حلوان، ومن الشمال محطة كهربا جنوب القاهرة، ومن الشرق جامعة حلوان، ومن الغرب كورنيش النيل.
سميت بهذا الاسم لأنه في عام 1877 بنى الخديوي إسماعيل قصراً لوالدته بالعزبة سُمي على اسمها، وقد كان هذا القصر من أعظم المباني الفخمة التي لم يبنَ مثلها، وكان يزرع به ثلاث أشجار من كل نوع من جميع أنواع أشجار الفاكهة، مهما كانت ندرتها، وهذا القصر تحطم عام 1940م . وموقعه الآن  "محطة مياه شمال حلوان".

وقد وجد بالعزبة بعض القطع الأثرية، وتم اكتشاف 10258 مقبرة كبيرة وصغيرة تخص الأمراء وكبار الموظفين وعدداً من عامة الناس ويرجع تاريخها إلى الأسرتين الأولى والثانية الفرعونيتين.
ظلت عزبة الوالدة محرومة من التعليم لفترة طويلة، وفي بداية العقد الثالث من القرن العشرين كان لا يوجد بحلوان أي مَدارس، وفي سنة 1954م قام أحد الأهالي ببناء مدرسة ابتدائية وتأجيرها لوزارة التربية والتعليم وكان يطلق عليها مدرسة العبسي، وكانت تعمل بنظام الفترات الثلاث، وعندما ازداد عدد السكان قامت الحكومة بتأجير مقر المأمور الزراعي وفتح مدرسة جديدة، وفي سنة 1985تم وضع حجر أساس مجمع مدارس عزبة الوالدة (ابتدائي - إعدادي).

وبالرغم من إنشاء مجمع المدارس إلا أن مشكلة الأمية بعزبة الوالدة لم تحل، فقد ظهر نوع جديد من الأمية هي أمية المتعلمين، إذ قام مجموعة من الشباب الحاصلين على تدريب مواطنين فاعلين بجمعية نهوض وتنمية المرأة، وذلك بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني بإجراء دراسة مسحية على المدارس في منطقتي عزبة وعرب الوالدة, وفوجئوا أن 60% من طلبة هذه المدارس لا يجيدون القراءة أو الكتابة, بل ويخطئون في تمييز حروف اللغة العربية.
"الملأه" ووكر الإرهاب
الإهمال والفقر عاملان كافيان لخلق أي

جريمة سواء كانت أخلاقية تخالف عادات وعرف المجتمع، أو جنائية يسهل لها هذان العاملان اختلاق التبريرات اللازمة لإتقانها.
فقد ساعد إهمال الحكومة لمنطقة عزبة الوالدة الى تفشي الفساد والخلل التنظيمي في نواحي الحياة كافة، حيث كان يوجد بعزبة الوالدة حوالي 700 فدان جميعها صالحة للزراعة، ولكن في عام 1972م قامت وزارة الزراعة بنزع جزء كبير من هذه الأراضي من الأهالي للمنفعة العامة بحجة إقامة مشروع أمن غذائي، وهو إنتاج بيض المائدة، وتعويض الفلاحين عن الزرع ولكن دون بالدفاتر أنها غير صالحه للزراعة، وعندما اكتشف الفلاحون ذلك قاموا بوضع بعض المواد الضارة بالمياه في جزء معين ليتم بالفعل تبوير مساحة كبيرة من هذه الأراضي وبعد فشل هذا المشروع فشلاً ذريعاً قاموا بعرض هذه المحطات للبيع, والآن تم ردم مصدر الماء الرئيسي وهو "ترعة الخشاب".

تم تحويل تلك الأراضي الزراعية فيما بعد الى منطقة سكانية تُسمى "الملأة"، وهى مكان يتفشى فيه الفقر والجهل وضنك العيش، وتعد "الملأه" مثالاً صارخاً للانفجار العشوائي، حيث استولى السكان على تلك المنطقة بوضع اليد، وأقاموا بها المنازل في الفناء الواسع دون تنظيم أو تخطيط، وساعدت المساحة الكبيرة الخالية، مع القليل من المنازل البالية، في اتخاذ "الملأه" مأوى للجريمة وتجار المخدرات الذين يعرفهم الناس هناك كعلمهم بأسماء أبنائهم، وأخيراً الإرهاب بعد ظهور "كتائب حلوان" التي تستهدف رجال الجيش والشرطة وتتخذ من عزبة الوالدة موطناً لها ومقراً لإصدار بياناتها.
بعد رصد التحول الذي نقل عزبة الوالدة من منطقة سياحية ذات تاريخ عريق إلى عشوائية طالتها أذرع الإرهاب، الذي تتحمل الجانب الأكبر منه الحكومة نتيجة إهمال القرى وتفشى الفساد في الحكومات السابقة، هل ستقوم الحكومة بخطة جادة وثابتة للقضاء على العشوائيات خلال مدة محددة تذكرها أمام الشعب المصري، أم سنجني من الإهمال ثمرات تطرح أنواعاً جديدة من الإرهاب والبلطجة؟!