عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام.. المارد الأسود

الخوض فى الحياة الخاصة للإنسان هو انتهاك صريح لحقه فى الحياة ضمن مجتمع متحضر يسوده القانون تفعيلاً وتنفيذًا وليس مجرد مواد صماء فى الدستور أو قوانين الدولة لكن مع عصر التكنولوجيا الحديثة وما يسمى بالفضاء المفتوح على مصراعيه والكلمة الشهيرة «الريموت موجود» ومن حقك أن تغير الاتجاه

والقناة أو المحطة الفضائية أو ألا تشترى الجريدة أو أن تغلق الموقع فإن الإنسان أصبح عرضة لكل ما هو مباح ومستباح خاصة فى دول العالم الثالث والربيع العربى والفوضى الخلاقة وغياب لكل المعايير والقيم المهنية والأخلاقية التى خلطت الأوراق فأصبح الأمن القومى يعادل الحياة الشخصية وصارت حرية تداول المعلومات تعنى الكذب والرياء والخداع والفوتوشوب وغابت الخطوط بين الخطأ والصواب وتوارت حمرة الخجل كما توارت أشعة الحقيقة ما بين سراب وخيال وخداع بصرى وصوتى ونام الضمير الإنسانى نومة هانئة سعيدة لأن المادة أصبحت هى المعيار وهى القيمة المسيطرة على ذلك المارد الأسود الذى يخرج علينا من بين أيدينا وأرجلنا وأعيننا ليسمم حياتنا ويحقق رغباتنا المسموحة والممنوعة ألا وهو الإعلام بكل صوره ومسمياته المكتوبة والمقروءة والمسموعة والمرئية والإليكترونية.. والجديد التسجيلية..؟!! إنه المارد الأسود.
والقضية الكبرى المثارة الآن فى الإعلام هى قضية التسجيلات الصوتية لبعض الشخصيات السياسية المعروفة أو لرجال مال وأعمال يملكون من السطوة والقوة ما يجعلهم يغلقون قناة أو يمنعون برنامجا أو مذيعا أو مذيعة كما حدث مع قناة الفراعين أو توفيق عكاشة أو أمانى الخياط أو رانيا بدوى أو مها بهنسى أو رشا مجدى أو عبدالرحيم على.. وتتراوح قوة من يمنع فى المال أو النفوذ الذى يمنحه قدرات تفوق القوانين والأعراف وتتخطى حواجز الأمن القومى أو الوطنى ليصبح الإعلام الجديد أداة ترهيب وأداة تحريض وأداة تهديد وليس إعلامًا للتنوير والتثقيف بقدر ما هو إعلامًا للتربح السريع وللشهرة وللإعلانات والجديد أنه إعلام السطوة والسيطرة على الدولة فى كل اتجاهاتها.. وليس اجتماع رئيس الجمهورية أكثر من عدة مرات مع الإعلاميين إلا تأكيدًا منه واعترافًا بأنهم هم القوة المسيطرة والمغيرة المحفزة مع أو ضد النظام.. وهو ما قد يؤدى إلى تعاظم دور رجال المال والأعمال مع الإعلام ضد المصلحة العليا للسلام والسلم الاجتماعى حيث إن رجال المال والأعمال هم من يملكون القنوات والصحف الفضائية والمستقلة والتى تشكل وتغيير الرأى العام ومن ثم فإن مصالح أصحاب المال ليست فى العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بما يحقق السلم الاجتماعى وأنما دائمًا رأس المال المسيطر على عقول البشر وأعينهم هو الذى يحدد الأولويات والموضوعات والقضايا ويحرك المسئولين كيفما يشاء وقتما يشاء، أينما وحينما يشاء.
لهذا فإن حصانة رجال المال والأعمال أصبحت حصانة مصفحة ضد أى اعتراض أو نقد أو كشف أو مصارحة، فمن حق صاحب القناة أن يعمل الإعلامى أو الإعلامية يفضح مسئولا أو وزيرًا أو محافظًا أو حتى رئيس الجمهورية وينتقده ويخالفه ويعارضه، ناهيك عن البسطاء الغلابة من النشطاء أو صغار السياسيين أو المثقفين أو الفنانين، فهؤلاء دمهم مباح وعرضهم مستباح لأنهم لا حول ولا قوة ولا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا.
أما أصحاب المال والقنوات والصحف فهم المناطق المحرمة محليًا ودوليًا ولا يجرؤ أى إعلامى أو سياسى أو كاتب أن يتجاوز حدوده وخطوطه إلى المناطق المحرمة حتى ولو كانت تخص أمن وطن بأكمله.. من هنا نجد الأبواق الإعلامية تخرج لتحدد معايير العمل الإعلامى ما بين حرية التعبير والحرية الشخصية والحريات العامة فى مقابل ما يسمى بحرية الوطن والأمن القومى وفى هذا وذاك يقف المواطن البرىء فى حيرة من

أمره من يصدق إلى أى مدى يصدق وما هى مشروعية التعبير وحرية تبادل المعلومات بين الجهات السيادية وبين وسائل الإعلام دون المرور على البوابة الشرعية والتشريعية لأى دولة ترجو وتطمح وتأمل فى السيادة والهيبة والتقدم.
إن موضوع التسجيلات وموضوع المكالمات وموضوع الصور والفيديوهات التى تخص أى مواطن مصرى أو حتى أجنبى هى جزء من الحرب الإعلامية ومن يحدد مشروعية تلك التسريبات هو من يحدد قانون الإعلام أو قانون الحريات العامة أو قانون الأمن القومى للوطن.. فليس كل ما يذاع يخص الوطن وأمنه وليس كل ما يكتب هو بالقطع حرية إعلام أيضًا.. لهذا فإن القوانين المنظمة للعمل الإعلامى يجب أن توضع وتفعل فورًا وذلك من قبل الدولة ومؤسساتها المختلفة بداية من رئيس الجمهورية حتى لرئيس الوزراء والوزراء والنقابات والمنظمات المدنية.
الرقابة على الإعلام متواجدة فى العالم أجمع ولا توجد دولة بلا رقيب أو حسيب وما تم من إلغاء وزارة الإعلام هو جزء أصيل من مؤامرة على العقل المصرى والعربى وخاصة البسطاء والشباب، فالإعلام الرسمى يتبع دولة وهيئة وقانون منظم المعمل وفق معايير ودستور أما الإعلام الخاص الذى دفع بالمسئولين والثوريين وواضعى الدستور إلى إلغاء وزارة الإعلام وتحويل التليفزيون المصرى إلى مبنى أشباح إدارى يثقل عبء الدولة وخزانتها بعد أن منع أصحاب شركات الإعلان الذين أثروا قديمًا من الدولة والتليفزيون والصحف الرسمية هؤلاء احتكروا سوق الإعلانات وبورصة الانتاج سواء الفنى أو الدرامى أو الإعلامى لصالح القنوات الخاصة فى أكبر عملية تخريب للإعلام المصرى وللسياسة وللشارع للدرجة التى حولت جميع المسئولين إلى طالبى ود وقرب ورضا الإعلام الخاص بعد أن مات الإعلام الرسمى بالضربة القاضية فى دستور 2014.
إن الإعلام اليوم له سطوة وجبروت رجال المال والأعمال وأصحاب شركات الإعلانات الذين يتحكمون فى الشارع وفى العقل وفى الوجدان ويحركون الجميع ويضغطون على الجميع ترهيبًا وترغيبًا، ولنخرج من الأزمة علينا نحن المثقفين أن نصر على عودة وزارة الإعلام وعلى قوانين ينظمها المجلس النيابى القادم وإلا يترك أمر الإعلام للمنتفعين أو الطامعين فى مال أو سلطة لأن الإعلام هو المؤسسة الكبرى فى مصرنا الحديثة التى تقوم بكل أدوار المؤسسات القديمة من أسرة ومدرسة وجامعة وكنيسة وجامع.. إن الإعلام مارد أسود يمنحك المستحيل ويسلبك الحقيقة.. لأنه يملك الغواية ويلوح بالذهب والماس ليسرق عقلك وعينك وتصبح عبدًا له.