عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الولايات المتحدة الأمريكية.. ومصر فيما بين عهدين

أعلنت الخارجية الأمريكية على لسان وزير خارجيتها السيدة «كلينتون» أن الولايات المتحدة الأمريكية تبارك ثورة 25 يناير 2011 وتعترف بنتائجها، خاصة ظهور جماعة الإخوان المسلمين وحزب «الحرية والعدالة» وحزب الوفد الجديد، كما تبارك مشاركتها فى التحالف الديمقراطى من أجل مصر، الذى يضم أحزاب: التجمع، الناصرى، الوسط، الغد، الكرامة، الجبهة الديمقراطى، اتحاد شباب الثورة، ائتلاف شباب الثورة، ليكون هذا التحالف بمثابة قاطرة للتحول الديمقراطى فى دولة مدنية مرجعية الدستور فيها مستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية.. وإن كان هذا الموقف يُخالف ما جرت عليه سياسة الولايات المتحدة فى مصر منذ انقلاب يوليو 1952 وحتى آخر أيام حُكم مبارك بعد 59 عاماً من الانقلاب على السلطة الشرعية فى مصر بتدبير محكم من الـ«CIA» وكانت نتيجة هذا الانقلاب هو اغتيال مصر وحرية المصريين وسرقة مستقبلهم حتى آلت الأمور بحالها إلى ضياع هويتها وكرامة شعبها وسرقة رزقه فى سابقة لم تحدث فى تاريخها.. حتى قامت ثورة 25 يناير 2011.. فهل لمصر من اعتبار؟!!

الولايات المتحدة الأمريكية.. ومصر فيما بين عهدين

سيادة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية..

وبعد...

حين زيارة الرئيس نيكسون لمصر فى 1974 استقبله الشعب فى مصر بكل مظاهر الود والاحترام مع رئيس مصر ـ آنذاك ـ الرئيس السادات، شعرت طبقة من السياسيين والمثقفين المصريين المعتدلين الذين كانوا قد اطمأنوا إلى سياسة الرئيس السادات خاصة بعد ثورة التصحيح ضد مراكز القوى الفاسدة فى 15 مايو 1971 وبعد قيادته انتصار أكتوبر 1973، تلك الطبقة التى كان لها بعض من زمام القيادة السياسية والاقتصادية فى مصر فيما بين 1919 و1952، شعرت تلك الطبقة ببادرة أمل نحو تغير حقيقى وكبير فى سياسة الولايات المتحدة ـ الدولة العظمى ـ تجاه مصر.. وفى الوقت نفسه كانت القلوب حزينة لأنها كانت على علم بمأزق أو أرجوفة ووترجيت التى كانت لا محالة ناهية لفترة حكم الجمهوريين.. فباتت تلك الجماهير حزينة وقد انطبق عليهم المثل المصرى القائل: «فرحة ما تمت»؟!!

> وبالفعل.. استمرت سياسة الولايات المتحدة منذ ذلك التاريخ حتى قيام ثورة 25 يناير 2011 على النهج نفسه، دعم الدكتاتوريات الحاكمة فى الشرق الأوسط ومصر.. تلك الدكتاتوريات التى برعت الـCIA فى دعمها ورعايتها طوال المدة التى طالت منذ 1952 وما قبلها قليلاً، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم؟!!
سيادة الرئيس..

لقد جاء فى كتاب «الانتصار بلا حرب ــ victory with owt worr» 1999، وهو من أعظم وأقيم الكتب للعلاقة الاقنونية والسياسية للرئيس نيكسون «أن على أوروبا الغربية أن تصبح دولة عظمى وأن تدافع عن مصالحها فى الشرق الأوسط، كما تدافع عن نفسها وأن فى ذلك مساعدة للولايات المتحدة على تنفيذ استراتيجيتها فى المنطقة على المدى القريب والبعيد».

ونحن نود أن نسأل سيادتكم كرئيس للولايات المتحدة اليوم:

> أولاً: هل تتحرك الولايات المتحدة منذ توليكم وحتى اليوم من منطلق مصلحتها فقط، وذلك فيما يخص دعم نظم الحكم فى الشرق الأوسط، ومصر؟! وهل ألبستم هذا التحرك ثوب العدل والحرية وتحقيق أمانى شعوب المنطقة حتى يصبح على المدى البعيد هدفاً بعد أن كان الغرض منه فقط تحقيق مصالح فحسب؟!

> وكان قد ذكر الرئىس نيكسون كتابه: «أن من مصلحة الولايات المتحدة الآن ــ منذ أكثر من 20 عاماً ــ أن تتعامل مع أنظمة ديمقراطية مستقرة على أساس من الاحترام المتبادل والتفاهم حول السلام العادل فى منطقة الشرق الأوسط».

> والسؤال الثانى: إلى أى مدى تتوافق اليوم مصالح الولايات المتحدة وأوروبا الغربية مع قيام أنظمة ديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط وخاصة «مصر» التى سبقت غيرها فى هذا المضمار؟!!، حيث إن مصر يمكن أن تقود سائر شعوب المنطقة نحو الخلاص من نظم القمع خاصة بعد استقرار الوضع بعد تجربة السلام بينها وإسرائيل، حيث اعتبرها المفكرون المصريون أعظم إنجاز للرئيس الراحل أنور السادات.

> ولأى مدى أيضاً تتوافق مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة مع أوروبا الغربية من جهة أخرى، خاصة الكل يعلم ما تعلنه وسائل الإعلام الإسرائيلية لرجال سياسة خبراء ولهم ثقلهم فى المجتمع الإسرائيلى بأن من مصلحة إسرائيل أن تتعامل مع أنظمة «غير ديمقراطية» فى مصر والعالم العربى؟!!

> سيادة الرئيس..

لقد قامت مصر الحضارة بواجبها الذى كتبه الله عليها ووضعت بجهود أبنائها وشهداء الحروب الذين تمنى الرئيس السادات رحمه الله ألا يكون هناك حروب بعد الآن، وضمت نواة السلام فى المنطقة، ولكن قبل الآوان؟!! فدفع السادات حياته ثمناً لذلك.. ولكن مصر كانت ومازالت تنتظر الثمن؟!

> وبعد اغتيال الرئيس السادات واغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، والإسرائيليون أعلم بسبب اغتياله!! ولكننا فى مصر كنا نعتبره رجل سلام مع الرئيس السادات، فبدلاً من أن تقف الولايات المتحدة بجانب السادات الذى كان يريد أن تتحول المنطقة كلها لواحة من الحب والحرية والرخاء والنماء تخلت عنه، فضاعت أحلام الرجل وأحلام مصر والمصريين يوم اغتياله، حيث كانت النهاية هى أن يدفع الرجل حياته ثمناً لنواياه الحسنة؟! لأنه زرع نواة السلام.. ولكن قبل الأوان؟! فقد كان الرجل سابقاً لعصره!!

> وكررت الولايات المتحدة مأساة 1952 مرة أخرى عقب اغتيال السادات 1981 لتظل مصر مكبلة كما كانت فى عهد ناصر قبل تولى السادات 1970، رحمه الله.

> فظلت تدعم نظام مبارك الدكتاتورى لمدة ثلاثين عاماً وظلت أمريكا وإسرائيل تهينان شعب مصر بمساعدتهما هذا الحكم الفاسد الذى أهان شعبه وسرق رزقه وسمح باختراق أمن بلاده حتى النخاع وكل ذلك ليس بسبب إلا الحفاظ على الكرسى، الذى أبى إلا أن يورث نجله أيضاً!!

> إلى أن نزل شعب مصر يهتف: «الشعب يريد إسقاط النظام»..

«وسقط النظام»

> وقام جيش مصر العظيم.. بإنهاء هذه المأساة من حياة مصر التى بدأت فى 1952 وذلك عندما رفض الأمر بضرب الثوار، لينقذ مصر.. وشعب مصر.. وليدخل التاريخ من أوسع أبوابه.. وتعلن مصر قيام الجمهورية الثانية بعد ثورة 25 يناير 2011 ولتسقط الجمهورية الأولى فى اليوم نفسه.

> سيادة الرئيس..

لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتصارها الساحق الذى أكرمها به الله مع حلفائها وأنقذت البشرية كلها من جنون النازى فى نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد أن دفعت بأرواح آلاف الشهداء من الشباب الأمريكى الصغير، كانت قد لانت أمام الرغبات الوطنية العادلة لشعوب الشرق الأوسط ومصر فى ذلك الوقت.. «مصر» التى كان أول انتصار على «النازى» على أرضها فى موقعة «العلمين» بقيادة العائد البريطانى «فيلد مارشال مونتجمرى».. وبدل أن تكافئ؟! ابتلاها الأمريكان والإنجليز بحكم يوليو 1952؟!!

> لقد كان فى مصر معتدلون كثيرون يريدون فتح الحوار الحر مع أمريكا وريثة إنجلترا فى المنطقة.. لو كان ذلك كذلك ما كانت منطقة الشرق الأوسط ومصر تخوض خلال العقود الستة السابقة 59 عاماً فى ذلك المستنقع الذى جرتها إليه سياسة الولايات المتحدة التى دخلت لتحل محل بريطانيا بكل ثقلها.

> ولقد صدقت نبوءة الداهية تشرشل عندما طلب من المستر إيدن، وزير خارجية إنجلترا، بسنة 1951 إبلاغ حزب الوفد الممثل الشرعى للقوة الوطنية فى حكومة الوفد فى ذلك الوقت بأن: «يكف عن مناوءة إنجلترا» إلا وسنترك عليكم إسرائيل لتسحبكم إلى الحضيض الذى لن تخرجوا منه أبداً» (من كتاب ثورة يوليو الأمريكية للمرحوم جلال كشك نقلاً عن مستندات كان قد أفرج عنها؟!).

> فما كان من الولايات المتحدة إلا أن أنقذت تهديد مستر تشرشل لحكومة الوفد الوطنية؟! لتقوم الـCIA بانقلاب 1952 لتطيح بالملك والوفد والدستور والإخوان بعد ذلك.. وتتوالى الأحداث؟!!

ذلك.. وكنا نعرف عن تاريخ الولايات المتحدة أنها لم تكن قط دولة استعمارية بمعنى الاحتلال العسكرى للدول الأخرى، وكان بعيداً عنها وصف الوجه السافر للاستعمار البرياطنى والفرنسى البغيض فى القرن الماضى، وما قبله؟! وكنا ونحن شباب صغار فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى نعتبرها واحة الحرية والتقدم والعدل؟!!

> ولكن ابتدعت الولايات المتحدة ما سمى بالانقلابات العسكرية التى تؤدى لحكم البلاد بواسطة شباب ثم التغرير بهم عن طريق الـCIA لتتوالى السنين ويجر المنطقة كلها إلى تلك المعاناة البشرية الهائلة التى لاقاتها وعاشتها المنطقة فى الشرق الأوسط ومصر؟!!

> سيادة الرئيس..

وبعد كل تلك المقدمة التى كان لابد منها.. هل تشاركنا الرأى أن أخطر إنجاز صاحب إنجاز صعودهم إلى الفضاء وعصر الكمبيوتر هو ظاهرة الاستعمار الجديد؟! أو حكم البلاد بواسطة عسكريين من أبنائها؟! تلك الظاهرة التى برعت الولايات المتحدة فى استخدامها فى منطقة الشرق الأوسط ومصر والعالم الثلاث كله؟!

> وإن كنا قبلنا تلك الظاهرة!! ولكن لا يمكن أن نوافق عليها إلى الأبد؟! ولكن هكذا كانت إرادة الله لعل البديل كان من الممكن أن يكون أسوأ؟!!

> سيادة الرئيس..

نسألكم هذا السؤال: هل يعيش العالم الثالث بل العالم كله أزمة بالنسبة لأنظمة الحكم فى عصرنا الحديث؟ قد يكون منشأ تلك الأزمة: هو ذلك التقدم التكنولوجى الهائل الذى فاق كل التصورات خلال النصف الأخير من القرن الماضى والسنوات العشر الأولى من القرن الحالى، وما أدى إليه ذلك التقدم من حدوث تغييرات جذرية فى حياة المجتمع البشرى ككل، حيث امتدت تلك المتغيرات لتؤثر فى أدق تفاصيل حياتنا كأفراد وأسر ومجتمعات؟!

> ولذلك التطور الذى لم يقابله لأنه لم يستطع أن يلاحقه ويسايره تقدم مماثل فى العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكان ذلك نابعاً من صعوبة تلك الدراسات الاجتماعية وتعقدها لعقد الإنسان ذاته؟!

> سيادة الرئيس.. وقبل أن أنهى تلك الحلقة من المقال لنعاود فى مقال آخر فى أقرب وقت.. لا خوف مطلقاً سيادة الرئيس من تصارع الأيديولوجيات، لأن ذلك التصارع لو فكرنا سوياً لأدركنا أنه كان وسيكون دائماً سبيلاً للتقدم والتطور والتحضر على سطح كوكبنا الجميل.. الأرض.. فالحضارات فى الواقع لا تتصارع ولكنها تؤثر إيجابياً بعضها فى بعض.. وستكون قضية هذا الكوكب وإنما مصورة فى «دولة عظمى» تمتلك القوى المادية والفكر العميق الذى يعمل جاهداً ومحايداً على إرساء قواعد العدالة والحرية، ونأمل أن يكون عام 2011 هو بداية عهد جديد لمصر مع الولايات المتحدة.. والسلام.