حفنة كلام
من أجمل ما قامت به وزارة الأوقاف برنامج اكتشاف قراء القرآن الكريم والابتهال الدينى الذى قدم لنا أصواتاً ذات خشوع وجمال وأثبت أن مصر مملوءة بالمواهب التى تحتاج إلى من يكتشفها ويتعهدها بالرعاية والتدريب والصقل والتقديم فمصر ولادة دوما.
ولعل أجمل ما فى هذه المسابقة ما شاهدناه من براعم صغيرة حفظت القرآن الكريم تلاوة وتجويداً؛ وفى براءة الأطفال نجدهم يتمثلون معانيه ولقد ذهلت من حرصهم على إعطاء مخارج الحرف العربية حقها ومعرفتهم أحكام التلاوة والتجويد؛ ربما كان المتسابقون يقلدون مدارس القراء المشهورين من أمثال المنشاوى وعبدالباسط عبدالصمد ومصطفى إسماعيل والبنا والطبلاوى ولا ضير فى أن يبدأوا مقلدين ولكن الخطأ استمرار التقليد دون اتخاذ طريق ذاتى متفرد به لمسة صوتية لا تتكرر.
لقد حملت قنوات إعلامية أصوات مقرئين ووزعت شرائط تسجيلات صوتية على الحجيج بها أصوات جيدة ولها جمهورها ولكن تظل جملة «قرئ القرآن بمصر» ذات مغزى جميل ممتد إلى يوم القيامة؛ وإذا كنا أضعنا قراءة «ورش» القفطى فسوف نرى وروشًا جددًا صاعدين؛ وبمناسبة الإمام ورش لماذا لا نهتم بقراءته التى انتشرت بالمغرب العربى والحجاز وبلدان أخرى وافتقدناها فى مصر؟ ولماذا لا نعيد هذه القراءة ونفتح المدارس القرآنية التى تحمل اسم مدرسة ورش تعلم وتخرج وتنشر قراءة ورش فنحن أحق بها وأهلها ولماذا لا تقدمها الإذاعات والتليفزيونات والمدارس؟ لماذا نضيع قراءة ورش كما أضعنا فقه الليث بن سعد؟ هل لدينا حمى وأد المواهب والحقد عليها، لقد كان الليث بن سعد أفقه زمانه ولكن ضيعه تلامذته وأهله فهل نجد فى الأزهر الشريف بقيادة شيخه العلامة فضيلة الدكتور أحمد الطيب قسماً فى كليات الأزهر ومواد تتخصص فى فقه الليث بن سعد تنشر علمه وفتاواه وتعيد بعض حقه الضائع؟
لقد أعاد الأزهر الشريف رواقه وأعادت الأوقاف مقرآتها وهذا يبعث على التفاؤل بجيل فصيح بليغ وقراء ينشرون العلم فى ربوع الأرض، فهنيئاً لوزارة الأوقاف برئاسة الدكتور أسامة الأزهرى هذا المسعى الطيب ونحن فى انتظار هذه المواهب المكتشفة لتزيد الأرض بنقاء أصواتهم جمالاً وخشوعاً.
•مختتم الكلام
من ذاق طعم شراب القوم يدريه
ومن دراه غدا بالروح يشريه