رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى


لنكن صرحاء إلى الحد المؤلم:
الاقتصاد المصري لا يتقدم، بل يدور حول نفسه.
وما يُقدَّم للرأي العام من أرقام “نمو” و”توسع صناعي” لا ينعكس لا على حياة الناس، ولا على قوة الدولة، ولا على قدرتها على سداد ديونها التي بلغت مستويات غير مسبوقة داخليًا وخارجيًا.
هذه ليست أزمة وقت ولا ظروف عالمية فقط، بل أزمة سياسات خاطئة جرى الإصرار عليها، ثم الدفاع عنها، ثم تحويلها إلى أمر واقع.
في قلب هذه الأزمة يقف نموذج واحد بعينه يتضح منه أننا لسنا بحاجه إلى مزيد من الاستثمارات أو المصانع وإنما إلى الإداره الصحيحه التي تسمي الأسماء بمسمياتها الحقيقيه:
التجميع الذي جرى تسويقه كتصنيع، وتحويله إلى سياسة دائمة، لا مرحلة انتقالية.
لنقل الحقيقة كما هي: هذا ليس تصنيعًا
ما يحدث في قطاعات مثل السيارات والموبايلات والأجهزة الكهربائية لا يمكن وصفه اقتصاديًا إلا بتوصيف واحد:
استيراد مقنّع.
مكونات رئيسية مستوردة بالكامل
قيمة مضافة محلية هامشية
لا تكنولوجيا
لا صناعات مغذية
لا قدرة تصديرية
ولا خفض حقيقي في الاستيراد
ومع ذلك:
تُمنح حماية
تُغلق السوق
تُرفع الأسعار
ويُطلب من المواطن أن يدفع الفرق باسم “دعم الصناعة الوطنية”
أي صناعة هذه التي تُفقر المواطن ولا تُغني الدولة؟
المواطن يدفع… بلا أي مقابل وطني
المواطن المصري اليوم:
يشتري سيارة أغلى من سعرها الحقيقي
يشتري موبايلًا أغلى من سعره في الخارج
يدفع تضخمًا ناتجًا عن سياسات، لا عن إنتاج
ولا يحصل في المقابل على:
وظيفة ذات قيمة
صناعة متطورة
أو حتى سعر عادل
هذا ليس خطأً جانبيًا، بل نتيجة مباشرة لسياسة تحمي المنتج لا لأنه كفء، بل لأنه محمي.
والدولة أيضًا تدفع… ثم تقترض لتدفع أكثر
الأخطر أن هذا النموذج لا يخدم حتى الدولة التي تحميه.
لأن:
التجميع لا يولد عملة صعبة
لا يقلل الواردات فعليًا
لا يخلق فائضًا تصديريًا
ولا يخفف الضغط على الميزان الخارجي
والنتيجة المنطقية:
عجز مزمن
موارد لا تكفي
لجوء متكرر إلى الاقتراض
خدمة دين تبتلع الموازنة
أي سياسة صناعية هذه التي تنتهي بمزيد من الدين؟
وأي “نمو” هذا الذي لا يساعد الدولة على سداد التزاماتها؟
لنواجه الحقيقة: هذا أحد محركات التضخم والدَّين
التجميع المحمي ليس تفصيلة صغيرة، بل:
أحد أسباب التضخم الهيكلي
أحد أسباب ضعف الجنيه
أحد أسباب تآكل الدخول
وأحد الأسباب غير المعلنة لتفاقم الدين
حين ترفع أسعار سلع أساسية بلا مبرر إنتاجي،
وحين تُغلق السوق أمام المنافسة،
وحين لا تُنتج الصناعة قيمة حقيقية…
فأنت تصنع تضخمًا، ثم تموله بالدَّين.
الجزائر اعترفت… ونحن نُكابر
الجزائر وصلت إلى هذه النقطة قبل أكثر من عشر سنوات.
اعترفت رسميًا بأن “تصنيع السيارات” كان وهمًا.
أغلقت مصانع التجميع.
وحاسبت المسؤولين.
لم تفعل ذلك لأنها دولة غنية أو قوية،
بل لأنها أدركت أن الاستمرار في الخطأ أخطر من الاعتراف به.
أما نحن، فما زلنا:
نعيد نفس السياسات
بنفس المبررات
وننتظر نتائج مختلفة
وهذا، اقتصاديًا، تعريف العجز عن التصحيح.
السؤال الذي لا يريد أحد الإجابة عنه
لصالح من تُدار هذه السياسة؟
هل لصالح الاقتصاد؟
هل لصالح المواطن؟
هل لصالح تقليل الدين؟
أم لصالح:
قلة من شركات التجميع تريد ارباحة مضمونه وسوق محمي دون التزام حقيقي 
حين تصبح الإجابة واضحة إلى هذا الحد،
فإن الصمت لم يعد حيادًا… بل مشاركه في الخطأ 
متى يصبح الاعتراف بالخطأ ضرورة وطنية؟
يصبح ضرورة حين:
يتحول الغلاء إلى قاعدة
يتحول الدين إلى خطر
تتحول الصناعة إلى لافتة
وتتحول التقارير إلى بديل عن الواقع
الاعتراف الآن ليس رفاهية فكرية،
ولا هجومًا على الدولة،
بل الفرصة الأخيرة لتصحيح مسار يكلّف البلد أكثر مما يحتمل.
الخلاصة بلا مواربه
التجميع ليس إنجازًا
الحماية بلا قيمة مضافة جريمة اقتصادية
الغلاء ليس قدرًا والدين ليس حتميا
لكن الاستمرار في هذا المسار
هو اختيار واضح لاقتصاد يدور في حلقه مفرغه،
وشعب يدفع الثمن،
ودولة تُراكم التزامات بلا قدرة حقيقية على السداد.
وحين يصل الخطأ إلى هذا الحجم،
فإن الاعتراف به لم يعد خيارًا سياسيًا…
بل واجبًا وطنيًا لا يحتمل التأجيل.