أستاذ بـ"القومي للبحوث الجنائية": الثأر بصعيد مصر من أخطر القضايا ذات التداعيات
أكد الدكتور سامح المحمدي، أستاذ القانون بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن قضية الثأر في صعيد مصر تُعد من أخطر القضايا ذات التداعيات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والقانونية، لما لها من تأثير مباشر على السلم والأمن الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هذا الملف يحظى باهتمام بالغ من المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية باعتباره الجهة المنوط بها دراسة المشكلات التي تمس المجتمع المصري.
كيف تتصدى الدولة لظاهرة الثأر في صعيد مصر وتحمي السلم المجتمعي؟.. أستاذ بالبحوث الجنائية يجبب
وأوضح خلال حلقة برنامج "رؤية"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن المركز أجرى دراسة ميدانية متعمقة حول ظاهرة الثأر، طُبقت على محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج باعتبارها من أكثر المناطق التي تنتشر بها هذه الظاهرة،
وكشفت الدراسة عن أن الأخذ بالثأر يُعد من العادات والتقاليد السلبية المتجذرة في الثقافة الصعيدية، إلى درجة أن الالتزام بها قد يفوق في بعض الأحيان قوة القانون الوضعي، دون ارتباط مباشر بمستوى التعليم أو الدخل، إذ قد ينخرط فيها حتى الأكثر تعليمًا إرضاءً للعائلة أو العشيرة. ولفت إلى أن استمرار الظاهرة يرتبط أيضًا بعوامل جغرافية، حيث تنتشر في القرى المتصلة بالظهير الصحراوي وبعيدة عن العمران والتنمية الحضرية، وهو ما يدخل في نطاق ما يُعرف بجغرافية الجريمة.
وأضاف أن أسباب الثأر تتنوع بين النزاع على الأراضي والممتلكات، وتغذية الصراعات بين الأسر، والانتقام للشرف والكرامة، والخلافات داخل الأسرة الواحدة، إلى جانب غياب الدعم النفسي لأسر الضحايا وانتشار البطالة بين الشباب.
وأشار إلى أن من أخطر المبررات الدافعة للثأر الوصم الاجتماعي ومعايرة من لا يأخذ بالثأر، وهي مفاهيم تتنافى مع التعاليم الدينية وفكرة الدولة الحديثة القائمة على سيادة القانون، مؤكدًا أن للإعلام والدراما دورًا مؤثرًا في ترسيخ هذه الثقافة من خلال تقديم صور ومعلومات مغلوطة، مع ضعف إبراز النماذج الإيجابية للتصالح واللجوء للقضاء. وشدد على أهمية الدور التوعوي للمؤسسات التعليمية والثقافية والدينية، وضرورة غرس القيم الإيجابية في مراحل التعليم المختلفة، إلى جانب تكثيف الندوات والأنشطة المناهضة للعادات المغذية للنزاعات الثأرية، وتقديم دعم نفسي حقيقي لأسر الضحايا عبر مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
وأكد كذلك على ضرورة رفع الوعي القانوني، خاصة فيما يتعلق بجرائم القتل وتنوع توصيفاتها القانونية، موضحًا أن الاعتقاد السائد بإعدام كل قاتل اعتقاد خاطئ، إذ تتدرج العقوبات بحسب طبيعة الجريمة.
وشدد الدكتور سامح المحمدي على أن مواجهة الثأر تتطلب تكاملًا بين المواطن ومؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية، واللجوء للقضاء والأجهزة الأمنية، إلى جانب الدور المهم للجان المصالحات العرفية والعدالة الرضائية، بما يسهم في حفظ الأمن والاستقرار وتحقيق السلم الاجتماعي ومنع تفكك العلاقات بين أبناء المجتمع.






