50 مليار دولار صادرات سلعية فى 2025
دمج الاستثمار والتجارة يحل عقدة الصادرات
دخلت الدولة المصرية عام 2025 بمستهدف طموح يتمثل فى كسر «عقدة الصادرات» والوصول بها إلى حاجز الـ 100 مليار دولار سنوياً، ومع اقتراب نهاية العام، تشير البيانات الاقتصادية إلى أن قرار دمج وزارتى الاستثمار والتجارة الخارجية فى كيان واحد لم يكن مجرد تعديل إدارى، بل مثل «المفتاح الهيكلى» الذى ربط بين تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وزيادة القدرة الإنتاجية الموجهة للتصدير، مما أحدث طفرة غير مسبوقة فى الأداء التجارى مقارنة بعام 2023.
وتكشف الفجوة الزمنية بين العامين عن انتقال الاقتصاد المصرى من مرحلة الركود النسبى إلى الانطلاق؛ ففى عام 2023، وقبل قرار توحيد الرؤية الاستثمارية مع الاستراتيجية التصديرية، بلغت الصادرات المصرية غير البترولية نحو 34.9 مليار دولار، حيث كانت التحديات حينها تكمن فى انفصال قرارات جذب المصانع عن مسارات فتح الأسواق الخارجية، مما جعل النمو يسير بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع الطموحات القومية.
أما فى عام 2025، فقد أظهرت التقارير الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات قفزة هائلة، حيث سجلت الصادرات غير البترولية وحدهـا نحو 40.6 مليار دولار خلال أول 10 أشهر فقط من العام، بنسبة نمو بلغت 18.8% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، وبزيادة نوعية مقارنة بعام 2023 الذى سجلت فيه ذات الفترة نحو 28.5 مليار دولار، ما يعنى تحقيق ارتفاع بنسبة 42% فى الأداء التصديرى لهذا القطاع.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن إجمالى الصادرات السلعية سيغلق العام بين 48 و50 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تاريخى تسجله مصر، مما يعزز الثقة فى الاقتراب من مستهدف الـ 100 مليار دولار الذى يشمل الصادرات السلعية والخدمية والبترولية معاً.
وقد نجحت خطة الدمج خلال عام 2025 فى تحويل الاستثمار من غاية فى حد ذاته إلى وسيلة لتوليد العملة الصعبة عبر التركيز على «الاستثمارات الموجهة للتصدير» بدلاً من الاستهلاك المحلى، حيث شهد النصف الأول من العام جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9 مليارات دولار، وُجهت النسبة الأكبر منها لقطاعات الصناعات الهندسية والمنسوجات والكيماويات.
وظهر هذا الترابط بوضوح فى قطاع الملابس الجاهزة الذى سجل نمواً قياسياً بنسبة 26% فى السبعة أشهر الأولى من 2025، مدفوعاً باستثمارات صينية وتركية جديدة فى المناطق الاقتصادية، وهو ما لم يكن ليتحقق دون سياسة تجارية منفتحة تضمن نفاذ المنتجات للأسواق العالمية عبر اتفاقيات التجارة الحرة التى فعلتها الوزارة المدمجة حديثاً.
وتعكس لغة الأرقام تحولاً هيكلياً فى خارطة التجارة الخارجية، حيث انخفض عجز الميزان التجارى خلال أول 10 أشهر من 2025 ليصل إلى 26.3 مليار دولار مقارنة بنحو 31.3 مليار دولار فى 2023، بنسبة تحسن بلغت 16%، كما سجلت الصادرات الهندسية طفرة فى السلع المعمرة لتصل إلى 1.1 مليار دولار فى 9 أشهر، بالتزامن مع ارتفاع مساهمة الاستثمار الخاص فى إجمالى الاستثمارات الكلية لتصل إلى 63% مقارنة بأقل من 50% فى عام 2023.
ورغم أن الوصول إلى الرقم المستهدف كصادرات سلعية محضة لا يزال يتطلب وقتاً، إلا أن هندسة 2025 أثبتت نجاح قرار الدمج فى فك العقدة المزمنة، فمن خلال رقمنة الإجراءات فى أكثر من 130 موقعاً جمركياً ورفع مخصصات دعم المصدرين إلى 45 مليار جنيه، استطاعت مصر تحويل أزمتها التمويلية إلى قاعدة إنتاجية تصديرية تجعل حلم الـ 100 مليار دولار حقيقة قريبة المنال.